لم يجد المواطنون في المغرب طريقة للمطالبة بخفص الأسعار؛ فذهبوا إلى مقاطعة المنتجات، والسلع كوسيلة لتحقيق مطالبهم، وذلك عبر احتجاجات، وبيانات تنديد من نقابات، وجمعيات حماية المستهلك. وأطلق عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي في المغرب، في 20 أبريل الجاري، حملة تدعو إلى مقاطعة بعض المنتجات، والمواد الغذائية. وهذه الحملة استهدفت، وفق القائمين عليها، مقاطعة إحدى محطات بيع الوقود، وشركة للماء المعدني، وأخرى للحليب؛ للمطالبة بخفض أسعارها. وبعد أيام من انطلاقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت الحملة انخراط عدد من المواطنين، الذين انتقدوا ارتفاع أسعار المنتجات في هذه الشركات، مطالبين بخفضها. وضمن وسائل التعبير عن الانضمام إلى الحملة، غيّر بعض المشاركين صورهم الشخصية، ووضعوا أخرى تطالب بالمقاطعة، وسط انتقاد من بعض على اعتبارها "تضر اقتصاد البلاد". علي الشعباني، الباحث المغربي في علم الاجتماع، قال للأناضول إن "حملة مقاطعة عدد من المنتوجات في البلاد تحمل رسالة سياسية، واقتصادية في آن واحد". ويوضح أن "الشق السياسي منها يتمثل في كون المقاطعين غير راضين عن السياسة، التي يعتمدها أصحاب هذه الشركات، خصوصا أن بعضا منهم في دوائر القرار السياسي والاقتصادي". أما في الشق الاقتصادي، فيلفت الشعباني إلى أن "المواطنين تضرروا كثيرا في قدراتهم الشرائية، جراء رفع الأسعار في وقت سابق، وهو ما جعلهم يلجؤون إلى المقاطعة من أجل الضغط على الشركات". ويشير إلى أن المواطن المغربي أصبح واعيا بالأحداث على المستوى السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي في بلاده، وهو ما يفسر انخراط عدد كبير منهم في الحملة. ويؤكد الشعباني أن ذلك "جعل بعض الشركات تخفض أسعارها، وبعضها الآخر يفكر في ذلك على الأقل". ونشرت بعض الشركات على صفحاتها في منصات التواصل الاجتماعي، إعلانات عن تخفيضها للأسعار، بحسب رصد لمراسل الأناضول. ** فنانون يقاطعون انخرط عدد من الفنانين المغاربة في الحملة، مثل عبد العزيز الستاتي، وعصام كمال، وطارق البخاري، وعادل الميلودي، والشقيقان بلمير، ومغني الراب "البيغ". وكتب توفيق حازب، المشهور فنيا ب"البيغ" منشورا على "أنستغرام" جاء فيه: "من حق الشعب مقاطعة المنتجات مرتفعة السعر، وتلك التي لا تعجبه. يجب إعادة النظر في أسعار منتجاته( في إشارة إلى الشركات)". كما نشرت الفنانة المغربية لطيفة رأفت تدوينة تدعم فيها المقاطعة، وقالت: "صحيح أننا مع تشجيع المنتوجات الوطنية، لكننا لا نقبل الاحتكار (..) ولا أسمح لأحد بأن يتهم الشعب المغربي بالخيانة لمجرد مقاطعة منتوجات معينة". وأطلق جمهور من المغاربة "هاشتاغ" (وسم) تحت اسم "خليه يروب" (دعه يفسد)، حيث لا تزال الحملة تشهد نقاشا حادا على شبكات التواصل، ووسائل الإعلام المحلي. ** اتهام بالخيانة ومن باب رفض حملة المقاطعة، دعا وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بوسعيد، إلى دعم مقاولات البلاد بدل مقاطتعها، وذلك في كلمة له في مجلس النواب، الثلاثاء الماضي. وقال بوسعيد: "يجب تشجيع مقاولات البلاد؛ لأنها تدفع الضرائب، وتوفر عددا كبيرا من مناصب العمل"، واصفا المقاطعين ب"المداويخ" (مصطلح بالعامية المغربية يطلق على من يصاب بدوار ولا يفقه ما يفعل). من جهته، قال عزيز أخنوش، وزيرالفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية، إن "المقاطعة ستضر بالعديد من المواطنين العاملين بشكل مباشر في هذه القطاعات (التي شملتها الحملة)". ووصف أحد مسؤولي الشركات الثلاث، في تصريحات صحفية، على هامش المعرض الدولي للفلاحة في مدينة مكناس، الداعين إلى والمشاركين في المقاطعة ب"خيانة الوطن". وقال المسؤول، الذي لم يكشف اسمه: إن "الدعوة إلى مقاطعة منتوجات محلية خيانة للوطن، خصوصا أن الضرر سيطال أكثر من 120 ألف فلاح". وكانت أسعار الوقود العادي تبلغ 9 دراهم (0.9 دولار) في الشهور الماضية، لكن سعرها فاق حاليا 10 دراهم (دولار واحد)، في حين تغيّر سعر الوقود الممتاز من 10 دراهم إلى أزيد من 11 درهما (1.2 دولار)، حاليا. ويرى مقاطعون أن سعر قنينة الماء (لتر ونصف) مرتفع، لأنه يصل إلى 6 دراهم (0.6 دولار)، في حين تبلغ القنينة نفسها لدى شركات أخرى 5 دراهم.