توصل موقع "اليوم 24" ببيان صحافي من مكتب المحاماة الفرنسي ليندون روهان ليندون وروهان شابوت، تعرض فيه المحامية الفرنسية راشيل ليندون، عضوة هيئة دفاع الصحافي توفيق بوعشرين، عددا من النقاط المتعلقة بسير الملف، وذلك إثر حضورها لجلستي المحاكمة المنعقدة يومي 11 و12 أبريل. بيان حول محاكمة الصحافي المغربي السيد توفيق بوعشرين يحاكم السيد توفيق بوعشرين حاليا في الدارالبيضاء بتهم صادرة عن السيد الوكيل العام للملك بمحكمة الاستناف بمدينة الدارالبيضاء، منها الاتجار بالبشر والاغتصاب، والتحرش الجنسي، وذلك دون الحصول على ضمانات تحقيق يجريه قاضي مستقل للتحقيق . لقد حضرت شخصيا أطوار جلسات المحاكمة ليوميْ 11 و 12 أبريل 2018 وعاينتُ الانتهاكات الجسيمة لأهم الحقوق الأساسية التي تميز المحاكمة العادلة في حق السيد توفيق بوعشرين. إن المملكة المغربية دولة صادقت على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1979، وعليها الالتزام بمقتضياتها خاصة وأن الدستور المغربي ينص على أسبقية المعاهدات الدولية على القوانين والتشريعات الوطنية. إن الدولة التي تدعي الحداثة عليها أن تبرهن على ذلك وخصوصا عبر الأداء السليم لمنظومتها القضائية. ينص هذا العهد في الفقرة 3 من المادة 9 أن أي شخص يُعتقل أو يحتجز بمقتضى جريمة أو جناية أو جنحة سوف يمثل أمام القضاء في أقصر وقت ممكن ويجب محاكمته في غضون فترة معقولة من الزمن أو الإفراج عنه. ومع ذلك، فقد تم اعتقال السيد توفيق بوعشرين يوم 23 فبراير 2018، من طرف فريق يتكون من40 رجل أمن في مكان عمله بدون أن تكون إحدى الجرائم المنسوبة له قيد الارتكاب من طرفه أو قد حدث ارتكابها منذ لحظات (وهذا هو تعريف مفهوم التلبس). لقد تم سجنه منذ ذلك الحين بقرار إداري من طرفا لوكيل العام وليس من طرف قاضي للحكم، ومكتب المدعي العام يزعم أن بوعشرين كان في حالة تلبس ليمنح لنفسه سلطة إصدار هذا القرار. والخلاصة أن السيد بوعشرين يقبع في السجن منذ مدة تقارب الشهرين في انتهاك صارخ للفقرة 9 من الفصل 3 لهذا العهد. وبناء على هذا القرار الذي أمر بسجن السيد بوعشرين والصادر عن النيابة العامة بدون وجود إمكانية الطعن فيه فإن النيابة العامة قد نصبت نفسها في موقع القاضي الذي يصدر الأحكام بالسجن وتعترض على محاولات الطعن وهذا انتهاك للفقرة 4 من الفصل 9 من نفس العهد الدولي التي تنص أن أي شخص يحرم من حريته بالاعتقال أو السجن يمكنه تقديم الطعن أمام إحدى المحاكم ليتسنى لهذه الأخيرة التأكد من شرعية الاعتقال أو تأمر بإطلاق سراحه إذا تبين لها العكس. كما حصل انتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد التي تنص على أنه لكل شخص الحق في الدفاع عن نفسه علانية وبشكل منصف أمام محكمة مستقلة ومحايدة. * في المقام الأول، لا تتوفر للسيد توفيق بوعشرين شروط الإنصاف في هذه المحاكمة لأن غياب التوازن مع الطرف المقابل وهو النيابة العامة أمر صارخ لأن لهذه الأخيرة أسلحة لا يتوفر هو عليها في هذه المعركة وقد تمت باستمرار إضافة شكايات جديدة وعناصر إثبات جديدة بينما الملف في طور المحاكمة والمعني بالأمر معتقل وذلك بدون أن يستطيع السيد بوعشرين أو دفاعه الذي يؤازره الاطلاع عليها أو دحضها . هذه اللاشرعية التي تطبع هذا الملف تبعث على الريبة والشك إزاء تصرفات النيابة العامة التي منحت لنفسها الحق في اختيار المشتكيات وتمنع في نفس الوقت على كل مرأة من نساء الملف، صرحت علانية أو عبر محاميها أن السيد بوعشرين لم يمارس عليها أي فعل إجرامي، تمنعها من الحضور كطرف في المحاكمة. في المقام الثاني، يبدو حياد المحكمة مشكوكا فيه عندما تطلب هذه الأخيرة من الأطراف المدنية بالعودة في جلسة مقبلة لتناول القضية في الموضوع، دون حتى الاستماع إلى دفوعات الدفاع الشكلية وكأن المحكمة قضت قبل الاستماع لتلك الدفوعات بأن حجتها باطلة وغير مقبولة. إن إضافة عناصر جديدة للملف ينتهك بشكل صارخ أحكام الفقرة 14 من الفصل 3 من العهد التي تنص على أنه لكل شخص متهم بارتكاب جريمة جنائية الحق في أن يحاط علما، في أقرب وقت، بطبيعة وأسباب الاتهام ضده. والأسوأ من ذلك، أنه عند إلقاء القبض على السيد بوعشرين صدر بلاغ للنيابة العامة يشير إلى أن طبيعة التهم ضده سوف تظل سرية. إن السيد توفيق بوعشرين، يحاكم علىجرائم خطيرة ولا يعرف هو بنفسه لا تواريخ ولا أمكنة اقتراف تلك الجرائم المزعومة ولا هويات جميع المشتكيات به واللواتي على أساس شكاياتهن تم اعتقاله. وبما أنه من حقه الاستفادة من الشروط لإعداد دفاعه تماشيا مع الفقرة 3 من الفصل 14 من العهد سالف الذكر فإنه اليوم يوجد في خضم مسطرة غريبة وعبثية منذ ما يقارب الشهرين وخصوصا عندما تقرر المحكمة في كل جلسة إضافة جلسة أخرى بدون أن تخبر الدفاع قبل ذلك. إن احترام الدستور المغربي يفرض على العدالة المغربيةاحترام أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالنسبة لأي مواطن في المملكة وهذا الاحترام يكتسي طابعا خاصا في حالة السيد بوعشرين لكونه هو بنفسه من المدافعين عن الحريات. إذا لم تلتزم العدالة المغربية باحترام الحقوق الأساسية سيكون على المجتمع الدولي أن يفرض عليها ذلكالاحترام لكي يتم إيقاف هذه المحاكمة التي تذكرنا بعهود غابرة. إنه من غير المقبول أبدا أنيتم انتهاك الحق في محاكمة عادلة بهذا الشكل الفج والصارخ. إن ظروف احتجاز السيد بوعشرين ليست مثالية وليست أحسن حالا من شروط المحاكمة لأنه لا يتوفر على نفس الحقوق الممنوحة لغيره من السجناء ولا يلتقي أقرباءه الذين يزورونه إلا بحضور ثلاثة من رجال الحراسة الأمنية كما يوجد في زنزانة منعزلة بدون وجه حق. وفي هذا الصدد، يعتبر دفاع السيد توفيق بوعشرين أن الألم أو العذاب الناشئ عن إعتقاله التحكمي لا يمكن إعتباره ملازماً لعقوبات قانونية بأي حال من الأحوال. إن دفاع السيد توفيق بوعشرين يطالب بإلحاح إصلاح هذا الوضع المأساوي دون تأخير. راشيل ليندون محامية باريس 16 أبريل 2018