عبد الله الطايع، الكاتب المغربي المثير للجدل بإعلانه لمثليته الجنسية، ينتقل من كتابة الروايات إلى الإخراج السينمائي، ويتحدث في هذا الحوار عن فيلمه "جيش الإنقاذ" ويعلن نيته العمل على عرضه في المغرب. على ماذا يدور فيلمك المثير للجدل "جيش الإنقاذ"؟ الفيلم هو اقتباس حر من روايتي التي تحمل نفس الإسم، وهو قصة شاب مغربي مثلي اسمه "عبد الله" على مرحلتين، مرحلة المراهقة ومرحلة الشباب، ويرصد تعامله مع المجتمع المغربي وهو في سن الخامسة عشر حيث يفرض عليه محيطه مجموعة من الأشياء كالقمع و"سدان العينين"، تجعله يتعامل بنفس الطريقة رغم أنه ضحية. في المرحلة الثانية من الفيلم بعد بلوغه خمس وعشرين سنة نرى كيف يكون لما عاشه في المرحلة الأولى من تأثير كبير عليه كراشدين
ما هي مصادر تمويل الفيلم؟ أولا الفيلم أنجز بميزانية قليلة مقارنة بتكاليف التصوير، فميزانية الفيلم لا تتعدى 800 ألف يورو، وقد تم تصويره في المغرب وسويرا، يعني أن كل طاقم الفيلم بذل مجهودا وضحى كثيرا لانخفاض الأجر الذي تلقاه مقارنة مع الأفلام الأخرى. الفيلم هو من تمويل شركات إنتاج فرنسية وسويسرية واستغرقت رحلة البحث عن التمويل ثلاث سنوات. وهنا أريد أن أتحدث عن بعض ما روج عن كون فريديرك ميتران هو من مول الفيلم لأنني شاركته في كتابة أحد الكتب، وهو أمر عار عن الصحة لكون الفيلم تلقى دعما من صندوق السينما الفرنسي، وما تبقى من شركات الإنتاج. وأشير إلى أنه حتى المنتجين في فرنسا تخوفوا من موضوع الفيلم لكونه يتطرق للمثلية الجنسية.
كيف قمت بإقناع طاقم الفيلم وخصوصا الممثلين بالشتغال على فيلم يتحدث عن المثلية الجنسية؟ ما فاجأني وأسعدني هو ما صادفته أثناء مرحلة الكاستينغ والبحث عن التقنيين، فأنا كنت حريصا على أن يكون أغلب ممثلي الفيلم ممثلين غير محترفين للتمثيل وينتمون للأحياء الشعبية في الدارالبيضاء، وكل من تقدموا للكاستينغ كانوا على معرفة كاملة بموضوع الفيلم، ولم يكن لهم مشاكل مع المثلية الجنسية فأغلبهم يعرفون أمثلة حية في حياتهم اليومية. تفاجأت كثيرا لتفهم كل طاقم الفيلم لموضوع المثلية، رغم أن ولا واحد منهم مثلي، لكوني لم أجد مشكلة أو صعوبة في اقناعهم. وحتى بطل الفيلم أمين الناجي وافق مباشرة بعد اطلاعه على فكرة الفيلم الذي أتمنى أن يعرض في المغرب.
ما هي المهرجانات التي عرض فيها الفيلم؟ الفيلم عرض مؤخرا في مهرجان البندقية الدولي، وسيعرض الأسبوع المقبل في مهرجان تورنتو، وبالنسبة لي هذا اعتراف بقيمة موضوع الفيلم ومعالجته السينمائية.
هل هناك إمكانية بأن يتم توزيع الفيلم في المغرب؟ أنا أتمنى من كل قلبي أن يعرض الفيلم في المغرب، لأن الكثير من المغاربة وصلوا إلى درجة وعي كبيرة بالحريات الفردية، وأعتقد أن المجتمع المغربي وصل إلى درجة كبيرة من النضج تجعله يتقبل هذه الحقيقة. وسأقوم بوضع طلب الترخيص بتوزيع الفيلم في المغرب في الأسابيع المقبلة.
لماذا الانتقال من تجربة الكتابة إلى تجربة الإخراج؟وهل ستتستمر في الاشتغال على مواضيع المثلية كمخرج؟ بالنسبة لي، هذا حبل للتواصل مع أحلام طفولة ذلك الطفل المدعو "عبد الله الطايع". إلى ذلك لا أعتبر انني أكتب عن المثلية الجنسية أو أخرج أفلاما على هذا الموضوع، حيث أقوم بطرح رؤيتي للعالم سواء كانت ذاتية أو فنية واعبر على عالم فيه بعض من شخوصه مثليون جنسيون، تحيط به شخصيات أغلبها من الغيريين، فالمثلي لا يعيش في القمر بل يحس بجميع المشاكل التي يعاني منها الفرد المغربي، وهذه هي الرسالة التي أود إيصالها.
ما ردك على الجدل الذي أثاره البعض حول بطولة طفل للفيلم؟ بطل الفيلم عمره 15 سنة، هل يعتقد الناس أن تكوين الفرد الذاتي والجنسي لا يبدأ إلا في سن العشرين؟ طبعا لا فذلك يبدأ من السنوات الأولى للطفولة، حيث أن أي شيء يعيشه في هذه المرحلة يؤثر عليه فيما بعد. المشكل الحقيق هو أن الناس عندما يتم التطرق لموضوع الجنس يريدون إغلاق أبواب التفكير و"كيبغيو يسدو العينين"، في حين أن مسألة الجنس يجب التعامل معها بطريقة هادئة، فالكبت الذي تعرفه بعض دول العالم العربي ينبغي أن لا يمنعنا نحن من التفكير في الموضوع والتعامل معه بالعنف أو القمع، الشيء الذي يولد العنف في المجتمع ويجعل المجتمع "يغمض عينيه" على ما يواجهه بعض المثليين من محاولات استغلال جنسي واحتقار في نفس الوقت، رغم أن هذه الممارسات معروفة للجميع