يبدو أن عائلات معتقلي حراك الريف، تسعى إلى حشد المزيد من الدعم لمعتقليها، بعد قرابة سنة من اعتقال قادة الحراك الذين يقبعون في سجن عكاشة اليوم. وتمكن العشرات من النشطاء وعائلات عدد من المعتقلين، ضمنهم أحمد الزفزافي، والد القائد الميداني للحراك ناصر الزفزافي، من دخول مقر البرلمان الأوربي ببروكسيل، أول أمس، وعقد جلسة لطرح ملف المعتقلين أمام عدد من نواب البرلمان. وطالب الزفزافي من البرلمان الأوربي بتشكيل لجنة لزيارة المعتقلين، بسجن عكاشة وزيارة الحسيمة للوقوف على أوضاع المعتقلين وأوضاع المدينة، "نلتمس من البرلمان الأوربي تشكيل لجنة لزيارة هؤلاء المعتقلين للوقوف على حالهم، كما نلح على القيام بزيارة لمدينة الحسيمة لاستجلاء حقيقة القول، ليس من باب لي ذراع جهة ما، ولكن من باب روح الإنسانية، لننعم بالأمن والأمان ببلدنا ونعامل بمسؤولية"، يقول والد الزفزافي. وقبل هذا الطلب، تحدث "عزي أحمد"، بتعبير أهل الريف، عن معاناة المعتقلين، وأشار في هذا السياق إلى معاناة ابنه ناصر، الذي قال إنه "يعيش في مرحاض انفرادي منذ بداية اعتقاله"، في إشارة منه إلى أن الزنزانة التي وضع فيها ابنه غير صالحة، وكشف الزفزافي الأب أن ابنه يعاني من "شدة الرطوبة والضيق"، وأن الحساسية بلغت مداها، وهو ما أدى في النهاية إلى نقله من قاعة المحاكمة أخيرا إلى المستشفى لتلقي العلاج. وذكّر الزفزافي بعدد من الأحداث التي شهدها الريف، وصولا إلى حادث وفاة محسن فكري وانطلاق الاحتجاجات الشعبية التي تحولت إلى حراك دام أكثر من 7 أشهر، قبل أن تشرع السلطات في الرد على مطالب المحتجين بالمقاربة الأمنية، من خلال مباشرة الاعتقالات وتعنيف المتظاهرين وفق نفس المصدر. ووجه المتحدث نفسه شكره لكل الذين مكنوه من الحضور في البرلمان الأوربي لطرح ملف المعتقلين، وبالخصوص البرلمانية الأوربية عن حزب العمل الهولندي، كاتي بيري، التي ساعدت نشطاء مغاربة ينحدرون من الريف في تنظيم الندوة المذكورة، وفي لقاء عدد من الأحزاب في الدول الأوربية، وبالخصوص الممثلة في البرلمان الأوربي قصد طرح الملف عليها. من جانبه، قال المحامي عبد الصادق البوشتاوي، محامي معتقلي الريف، في اللقاء نفسه، إنه "في الوقت الذي كنا ننتظر خلق مصالحة حقيقية مع الريف وتجاوز مآسي الماضي، أضيفت إلى الذاكرة الجماعية للريف مآسي وجروح أخرى ليعيش الجيل الحالي والجيل الصاعد، نفس المعاناة التي عاشها الآباء والأجداد"، كل هذا وفق نفس المصدر "راجع إلى غياب التبصر والحكمة لدى المسؤولين في الرباط، وهذه حقيقة يعرفها الجميع ولا يمكن إخفاء الشمس بالغربال". وأكد البشتاوي أنه "في مقابل حراك سلمي له مطالب اقتصادية واجتماعية وثقافية، نجد المسؤولين في الرباط يحشدون القوات العمومية بالريف وخصوصا بإقليم الحسيمة، وشرعوا في القمع والاعتقالات والمحاكمات، بعد أن أصدر الوزراء المشكلون للحكومة البلاغ المشؤوم، الذي اعتبر من خلاله أن الحراك يهدد الوحدة الوطنية وأنه يخدم أجندات خارجية"، على حد تعبيره. نتيجة لهذا المقاربة، هناك، وفق البشتاوي، "المئات من المعتقلين من مختلف الأصناف، ولم تستثن الاعتقالات والمتابعات حتى المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم شخصي"، في إشارة إلى المتابعة التي حركتها النيابة العامة ضده، بعد تصريحاته بخصوص معتقلي حراك الريف. وامتدت المتابعات إلى المتعاطفين من المدن الأخرى، مشيرا في نفس الوقت إلى وجود متابعات ومضايقات وأحكام قاسية وصلت إلى 20 سنة سجنا بالحسيمة، وما يزيد عن 16 شخصا بسجن "عكاشة" بالبيضاء بمن فيهم ناصر الزفزافي، يتابعون بأقصى العقوبات الموجودة في القانون الجنائي. وقبل الندوة التي طرح فيها النشطاء الملف داخل مقر البرلمان الأوربي، نظموا مسيرة في العاصمة البلجيكية، جابوا خلالها مختلف الشوارع، رافعين شعارات حراك الريف، بل حتى داخل مقر البرلمان الأوربي، رفع النشطاء جملة من الشعارات التي كان يرفعها نشطاء الحراك الشعبي بالريف، من ضمنها شعار "الموت ولا المذلة".