حكم قضائي غير مسبوق أصدرته المحكمة الإدارية بمراكش، مؤخرا، قضى بالكشف عن وثائق عملية بيع بالمزاد العلني لمتلاشيات غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة مراكشآسفي، آمرا بانتداب مفوض قضائي، تابع لنفوذ دائرة المحكمة نفسها، قصد الانتقال إلى المقر الرئيس للغرفة بمدينة مراكش، وربط الاتصال برئيس مجلسها، محمد فضلام، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أو من يقوم مقامه، وذلك من أجل الإطلاع ومعاينة المحاضر المتعلقة بعملية البيع، التي جرت في شهر شتنبر من سنة 2016، مع أخذ صور شمسية لهذه الوثائق الرسمية. الحكم الصادر عن رئيسة إدارية مراكش الابتدائية، القاضية رشيدة علمي مروني، جاء في إطار الأوامر المبنية على طلب، بناءً على الطلب الذي تقدم به النائب الأول لرئيس مجلس الغرفة، بتاريخ 31 يناير المنصرم، موضحا فيه بأن الرئيس قام ببيع منقولات وممتلكات للغرفة، دون أن يسمح لمعظم أعضاء المجلس بالإطلاع على المحاضر الخاصة بالبيع ومداولات لجنة التقييم، وهو ما حال دون تأكدهم من المبلغ المالي الحقيقي المتحصل من البيع، رغم مرور حوالي سنة ونصف على إجراء المزاد العلني. وأضاف بأنه سبق له وأن تقدم بطلب رسمي من أجل الحصول على نسخ من الوثائق المذكورة، غير أن الرئيس رفض الاستجابة للطلب بدون أي تعليل قانوني، وهو ما دفعه للجوء إلى القضاء الإداري، موضحا بأن المعلومات والوثائق المطلوبة غير مشمولة بالسرية، ولا يضرّ الكشف عنها بحقوق أطراف العملية. وكانت مجموعة من أعضاء المعارضة، بينهم أمين المال والنائب الأول للرئيس، الذي يعتبر من أشد المعارضين له رغم انتمائهما معا للحزب نفسه، عقدوا اجتماعا مع لجنة من المفتشية العامة لوزارة المالية، تجري مهمة رقابية بالغرفة منذ أكثر من شهرين، حيث أطلعوها على ما يعتبرونه "خروقات تشوب التدبير المالي للغرفة"، مستدلين على ذلك بإقدام الرئيس على تنظيم مزاد علني باع خلاله ممتلكات ومنقولات الغرفة بمدن مراكش، آسفي، الصويرة وقلعة السراغنة، تعود لأكثر من خمسين سنة، على أساس أنها "متلاشيات" بثمن لم يتجاوز 3 ملايين سنتيم، دون أن يسلك الإجراءات القانونية، مكتفيا بتكليف عضو موالٍ له بمجلس الغرفة بمهمة الإشراف على العملية، فيما يقول المعارضون إن القيمة التاريخية لبعض الممتلكات لا تقدر بثمن، ولا يمكن أن يقل سعرها في السوق عن 300 مليون سنتيم، إذ أنها تتكون من خزانات وسيارة ودراجات نارية وزرابي وأبواب وموائد ولوحات فنية ومكاتب تعود لأول مجلس للغرفة في سنة 1963. وعلمت "أخبار اليوم" بأن أعضاء من المجلس يعتزمون التقدم بشكاية للوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، يطالبون فيها بإجراء تحقيق في المزاد العلني، الذي يقولون إن الرئيس لم يلتزم فيه بالإجراءات القانونية والمساطر المنصوص عليها من طرف وزارة التجارة. في المقابل، نفى رئيس الغرفة اتهامات معارضيه، موضحا بأن العملية تمت في احترام تام للقانون، مشيرا إلى أن الوثائق الخاصة بالمزاد العلني تؤكد قانونية العملية، ومضيفا بأنه مستعد لإطلاع وسائل الإعلام على هذه الوثائق وتسليمهم نسخا منها.