على مدى أزيد من قرن وربع من الزمن، عرف قطاع الاتصالات في المغرب تحولات هامة، طُبِعَتْ بمواكبة المملكة بشكل مستمر لمختلف التطورات التقنية والتكنولوجية التي عرفها على المستوى الدولي. وتشير المعطيات التاريخية إلى أن المغرب كان من الدول السباقة إلى استخدام الهاتف عقب اختراعه نهاية القرن التاسع عشر، حيث تطلب الأمر 7 سنوات بين تاريخ اختراعه في سنة 1876 وبين دخوله إلى المغرب، وفق ما يعرضه متحف اتصالات المغرب بالرباط. وبحسب الدهماني الشرقي، محافظ المتحف السابق ذكره، فإن مواكبة المغرب للتطورات الهامة في قطاع الاتصالات استمرت طوال القرن الماضي وبداية الألفية، حيث سجل تفوق المغرب زمنيا على إسبانيا في استخدام هواتف "GSM" إثر ظهورها خلال العقد الأخير من القرن العشرين. ويوثق متحف الاتصالات الذي خصص له طابقين في برج الشركة بالرباط، مختلف المراحل التي عرفها قطاع الاتصالات، حيث يضم مجموعة غنية من التحف النادرة ، لأجهزة الهاتف، والتلغراف، والتلكس، وغيرها، بالاضافة إلى ال0ليات والأجهزة المركزية، موزعة على عدة فضاءات. وحسب محافظ المتحف، يهدف "فضاء الأوائل" الى تعريف زوار المؤسسة على وسائل الاتصال القديمة وكذا ظهور التلغراف الكهربائي، فيما يضم فضاء "اختراع الهاف" نسخة عن من أول جهاز تم تشغيله سنة 1883. كما يشتمل فضاء "التبديل الهاتفي" أجهزة حقيقية ومجسمات للعاملين في خدمة التوصيل الهاتفي اليدوي، ثم الاوتوماتيكي فيما بعد، وصولا إلى العهد الرقمي. فضاءات أخرى تم تخصيصها للتعرف على تطور قطاع الهواتف العمومية، وكذا أنظمة الإرسال الأرضي والبحري وكابلات الاتصالات، فيما يوفر الفضاء المؤسساتي وثائق نصية ناذرة متعلقة بالتطور المؤسساتي للاتصالات بالمغرب، بدئا من مؤسسة "البريد المخزني" التي أنشئت سنة 1892.