بإلقاء نظرة طفيفة على أرقام معاملات "اتصالات المغرب" وأعداد المشتركين في خدماتها المتنوعة تتضح مستويات المراحل التي مرت منها المؤسسة وحجم المجهودات المبذولة منذ أن كانت "بريدا مخزنيا"، فوزارة للبريد والمواصلات ثم مكتبا وطنيا لتصبح شركة وطنية رائدة في مجال الاتصال يتعدى صداها المملكة إلى دول جنوب الصحراء ويتهافت الزبناء على خدماتها والمستثمرون على المساهمة فيها. وبغض النظر عن أرقام المعاملات التي ترتبط بأعداد المشتركين الذي تطور بشكل كبير في العشرية الأخيرة (2004-2013) في خدمات الهاتف النقال من 215 ألف مشترك فقط إلى أكثر من 41 مليون مشترك بالإضافة إلى 2.5 مليون مشترك في الهاتف الثابث و15 مليونا في خدمات الإنترنت (ما يقارب 58 مليون مستفيد من هذه الخدمات)، فإن المراحل الإيجابية التي قطعتها المؤسسة تزامنا مع صيرورة التطور التكنولوجي والمؤسساتي للاتصالات بصفة عامة (منذ سامويل مورس الذي اخترع أول الحركات الإلكترومغناطيسية في 1830) وبالمغرب بصفة خاصة، وهو التطور الذي عرفه قطاع الاتصال بالمغرب منذ مولاي الحسن الأول إلى اليوم، ويفسر أن المغرب حمل منذ تاريخ بعيد مشعل الريادة في مجال الاتصال في العالم العربي والإفريقي لموقعه الاستراتيجي، تطور يختزل متحف اتصالات المغرب الكائن مقره بالرباط بحي الرياض كل فتراته ليس يالتاريخ الجامد وإنما بالمراجع المتحركة. هكذا يتميز هذا المتحف بطريقة عرض التحف التي تستجيب في المقام الأول للغرض التعليمي، حيث تم إعداد فضائه ليكون مكانا حقيقيا للتعلم. وهكذا نجد أن معظم الأجهزة المعروضة تشتغل بما فيها المعدات القديمة، ويمكن للزوار القيام بتجريبها بمساعدة تقنيين مختصين بالمتحف. كما يمكنهم أيضا أن يقوموا بتجريب الهواتف اليدوية والهواتف الأوتوماتيكية أو الاطلاع على أجهزة سمعية بصرية معدة خصيصا للقيام بزيارة افتراضية. وتتوزع المجموعة المتحفية على الفضاءات محتلفة منها فضاء الأوائل وهو مخصص لوسائل الاتصال القديمة ولظهور التلغراف الكهربائي. وفضاء اختراع الهاتف ويتضمن نسخة للهاتف الأول الذي اخترعه ألكسندر غراهام بيل في عام 1876، وكذا وثائق تتعلق بتشغيل أول خط هاتفي في المغرب سنة 1883. وفضاء للتبديل الهاتفي ويشتمل على أهم أجهزة التبديل الهاتفي التي كانت مستعملة في الشبكة المغربية، وتتمثل في أجهزة التبديل الهاتفي اليدوي والأوتوماتيكي (نظام R6، نظام الأجهزة المحورية نظام القضبان المتقاطعة بنتا كونتا)، وكذا أجهزة التبديل الرقمي، وفضاء أنظمة الإرسال الأرضي والبحري ويعرض نماذج للحبال التلغرافية والهاتفية إلى جانب مجموعة غنية من أجهزة الاختبار والقياس. وفضاء الهاتف العمومي ويعرض مجموعة من الهواتف العمومية القديمة، وأجهزة هاتفية لأول نظام للهاتف المتنقل بنظام (NMT) إلى جانب النماذج الأولى للهواتف النقالة التي تستغل بنطام (GSM) انتهاء بأجهزة للاتصال عبر الأقمار الصناعية ثم فضاء خدمة التلمك والإنترنت ويعرض الأجهزة القديمة المتعلقة بهاتين الخدمتين اللتين تم إدخالهما إلى المغرب على التوالي في 1950 و1995. هذا بالإضافة إلى الفضاء المؤسساتي الذي يضم مجموعة من الوثائق النصية المتعلقة بالتطور المؤسساتي للاتصالات بالمغرب منذ أول مؤسسة عمومية للقطاع، وتتمثل في البريد المخزني سنة 1892 إلى اليوم. كما تم تخصيص جزء في هذا الفضاء لخدمة البث الإذاعي الذي بدأ في المغرب عام 1928، وأخيرا فضاء المستقبل الذي يقدم صورة عن خدمات الاتصالات في المستقبل من خلال عرض سينوغرافي وسمعي بصري.