الأطلس المتوسط يعرف تساقطات ثلجية كثيفة وموجة برد شديدة لم تشهدها المنطقة في العقدين الآخرين، وسكان القرى والدواوير يحذرون من كارثة قد تودي بحياة الرضع والمواشي في حالة استمر الوضع على ما هو عليه لأسبوع آخر. ولا يقتصر الأمر على الجماعات القروية، بل حتى بعض المدن، مثل خنيفرة ومريرت والحاجب وأزرو وميدلت عرفت نفاذ حطب التدفئة أو ارتفاع أسعاره بشكل صاروخي، علاوة على انقطاع التيار الكهربائي في بعض هذه المدن بشكل متكرر. هذا ما كشفته مصادر عدة من مختلف المناطق بالأطلس المتوسط ل"اليوم24″. أشخاص وأسر رفقة أبنائها مساء يوم أمس الأحد كانت تتصل ب"اليوم24″ منذ الساعة الرابعة مساء وهي تستغيث بعد أن حاصرتها الثلوج على مستوى الطريق الجهوية بين إفرانوالحاجب، حيث انقطعت الطريق، ما دفعهم إلى قضاء الليل في سياراتهم الخاصة. "نحن عالقون في الطريق بين إفرانوالحاجب بسبب الثلوج منذ الساعة الثالثة من مساء (أول أمس الأحد)، من فضلكم حاولوا أن تبلغوا السلطات المعنية في الحاجب أو مكناس معاناتنا". بعض هذه الأسر أوضحت أنها اصطحبت أبناءها إلى إفران من أجل قضاء عطلة نهاية الأسبوع، لكن الثلج باغتهم بعد الزوال. "اليوم24" حاولت الاتصال بالجهات المختصة في مكناس، لكن مصادر أوضحت أن تساقط الثلج بشكل كثيف يصعب مأمورية فرق الطوارئ التي تشتغل على أكثر من واجهة في المنطقة باستعمال الجرافات وكاسحات الثلوج. الأسرة العالقة بين إفرانوالحاجب أوضحت أن السلطات لم تتمكن من فتح الطريق إلا مع الساعة الثانية صباحا تقريبا. مصادر من عين المكان أوضحت للجريدة أن السلطات استقدمت كاسحات ثلوج، لكن أصيبت بعطب، لتضطر إلى الاستعانة بالرفش والمعول من أجل نزع الثلوج. "نستغرب كيف أن السلطات تعرف أن الثلوج ستتساقط بكثافة ولا توفر الآلات والمعدات الضرورية لفك الطرقات في المنطقة". لحسين يوعابد، رئيس مصلحة التواصل بمديرية الأرصاد الجوية، أوضح للجريدة أن الثلوج الكثيفة ستستمر على الأقل حتى يوم الأربعاء في مرتفعات الأطلس والهضاب العليا التي يفوق علوها 600 و700 متر. وأضاف أنه على المواطنين أخذ "الحيطة والحذر" في هاته المناطق، كما طالب سكان البوادي بالحذر من الوديان، إلى جانب التزود بالمؤونة الضرورية. كما أن علو أمواج البحر سيتراوح ما بين 4 و6 أمتار. كما ستشهد المناطق الساحلية تساقطا قوية في بعض الأحايين ومصحوبة بعواصف رعدية. غير بعيد عن الحاجب، تشهد مدن أزرو وعين اللوح وسوق الحد ومريرت وخنيفرة وأكلموس والقرى والدواوير المجاورة لها تساقطات ثلجية كثيفة منذ زوال يوم أول أمس الأحد، وإلى حدود زوال أمس الاثنين، لازالت الثلوج تتساقط في تلك المناطق، حسب ما أوضحه أكثر من مصدر للجريدة. مصادر من قبائل آيت سيدي يوسف وآيت بوظيهر وآيت بالحاج (…) بمدينة مريرت، كشفت للجريدة أن المنطقة تشهد تساقطات ثلجية غير مسبوقة في الألفية الجديدة. وأضافت أن الثلوج تحاصرهم والطرق منقطعة، إذ التلاميذ لم يتوجهوا يوم أمس إلى المدرسة، كما أن التلاميذ الذين كانوا مطالبين بالذهاب إلى المدينة للالتحاق بالإعدادية أو الثانوية، تأخروا بسبب الثلوج. المصادر عينها حذرت من وقوع كارثة في حالة استمرت التساقطات الكثيفة للثلوج، خاصة في ظل ارتفاع أسعار حطب التدفئة، إذ انتقلت حمولة الحمار من 50 درهما إلى 80 درهما تقريبا، علاوة على انقطاع الطرقات، مما يصعب حركة التنقل إلى المدينة للتزود بالمواد الأساسية، فيما بلغ، مثلا، سعر القنطار الواحد في جماعة "تونفيت" بإقليم ميدلت 140 درهما بعد أن كان لا يتجاوز 80 درهما قبل أيام. مصادر من مريرت وضواحيها أوضحت للجريدة أن انقطاع التيار الكهربائي زاد من معاناة الساكنة. إذ عرفت بعض القرى انقطاع الكهرباء. بعيدا عن مريرت، وبالضبط في الجماعتين القرويتين "تونفيت" و"أكديم" التابعتين لإقليم ميدلت بالأطلس الكبير الشرقي، أوضحت مصادر جمعوية للجريدة أن الثلوج لازالت تتساقط إلى حدود يوم أمس، إلى جانب الانخفاض الكبير في درجة الحرارة، إذ تصل إلى 10 درجات في الليل، وهي نفس الدرجة التي تحدث عنها شباب من مدينة مريرت ليلة أول أمس الأحد. المصادر نفسها دقت ناقوس الخطر، أيضا، من كارثة قد تحل بدواري "أنفكو" و"أغدو" التابعين للجماعة القروية "أكديم"، إذ لازالا يعيشان في عزلة منذ أسبوع بسبب الثلوج. سعيد ولباز، رئيس جماعة أكديم، أوضح في اتصال هاتفي مع الجريدة، أن الجماعة تقوم بمجهودات جبارة من أجل فك العزلة عن الدواوير، موضحا أنه إلى حدود يوم أمس، تم فتح الطريق إلى دوار "أكديم"، فيما مازالت الطريق مقطوعة بدواوير "أنفكو" و"أمنزي" وأغدو". سعيد ولباز أوضح للجريد أن الدواوير تشهد انقطاع الكهرباء وشبكة الاتصالات، قبل أن يناشد شبكات الاتصالات بإيجاد حل لهذه الانقطاعات، وذلك "من أجل ترك خط للساكنة لطلب الاستغاثة في حالة اشتد عليها الحال". مصادر أخرى في دوار "أغدو" أوضحت للجريد أن الدوار عرف في هذه الأيام وفاة رضيعين، الأول يبلغ من العمر 7 شهور والثاني 9 شهور. والد أحد الرضيعين أوضح للجريدة أنه يجهل سبب وفاة طفله، لكنه أكد على أن انقطاع الطريق وكثرة الثلوج حالا دون نقله إلى المستشفى بالمدينة. كما تشتكي الساكنة من قلة الأعلاف، ما يهدد الماشية في المنطقة خلال موجة البرد هاته.