خرج الآلاف من سكان مدينة جرادة من جديد، عصر اليوم الخميس، في مسيرة حاشدة، انطلقت من حي حاسي بلال، الذي كان زوال اليوم مسرحا لحادث مأساوي اخر، راح ضحيته أحد عمال السندريات بجرادة، بعد انهيار جزء من البئر الذي كان يعمل داخلها. وحمل المحتجون جثمان الهالك عبد الرحمان زكريا (31 سنة)، على متن سيارة نفعية (ميرسيديس 207)، وتوجهوا به نحو عمالة الإقليم مرددين الأذكار الدينية، وعبارات التكبير، في مشهد أعاد إلى الأذهان احتجاجات الساكنة قبل شهر ونصف تقريبا، عندما لفظ الشقيقان جدوان والحسين الدعيوي أنفاسهما الأخيرة جراء تدفق كميات كبيرة من الماء في بئر الفحم الذي كانا يعملان به. وبعد قطع المحتجين لحوالي 3 كلم مشيا على الأقدام من حي حاسي بلال، في اتجاه عمالة الإقليم، قررت العائلة بالاتفاق مع المحتجين الغاضبين، إرجاع جثة الهالك إلى مستودع الأموات الذي يقع بالقرب من مقبرة المدينة. وفي الوقت الذي نقلت فيه جثة الهالك إلى مستودع الأموات، قرر المحتجون الإستمرار في احتجاجاتهم أمام مقر العمالة والبلدية، بل إن بعضهم دعا إلى خوض اعتصام في المكان نفسه، إلى حين إيجاد حل للمشاكل التي تعاني منها الساكنة ومنها مخاطر الإنهيارات المتكررة للأبار والتي كانت سببا في تأجيح الوضع بالمدينة منذ حوالي شهر ونصف. وتعيش المدينة بعد حادث اليوم الذي خلف أيضا جريحا أخر يرقد في المستشفى الإقليمي، حالة من الغضب الشديد، وهو ما يتوقع معه العديد من المتابعين استمرار الاحتجاجات بجرادة، خاصة أن الحادث يتزامن مع دعوة نشطاء الحراك الشعبي غدا لإحياء اربعينية شهيدي لقمة العيش جدوان والحسين الدعيوي. كما أن الحادث يأتي يوم واحدا بعد المسيرة التي نظمها المحتجون إلى المقر السابق لشركة مفاحم المغرب التي كانت تستغل مناجم الفحم، حيث رفع المحتجون شعارات منددة بالوضع ورافضة للعرض الحكومي المقدم، بل رفعوا حتى شعارات ضد الوزيرين عبد العزيز الرباح وعبد العزيز أخنواش برفع لافتة مكتوب عليها "لا رباح لأ أخنوش والحوار كلشي مغشوش". وفي الوقت الذي قال المحتجون بأن المواطنين بإمكانياتهم الخاصة تمكنوا من إنتشال جثة الهالك، قالت السلطات المحلية في بلاغ نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء أن "مجموعة من الأشخاص تعمدوا الحيلولة دون تدخل السلطات لتقديم المساعدة لهذا الشخص الذي كان في خطر واتخاذ الإجراءات الضرورية". وأوضحت السلطات، وفق وكالة الأنباء الرسمية أنه "حال إشعارها بحادث الانهيار، انتقلت إلى عين المكان، السلطات المحلية والأمنية ومصالح الوقاية المدنية لمحاولة إنقاذ الشخص المعني، إلا أن مجموعة من الأشخاص تعمدت الحيلولة دون تدخل السلطات لتقديم المساعدة لشخص في خطر واتخاذ الإجراءات الضرورية". وأضافت قصاصة وكالة الأنباء، أن هؤلاء الأشخاص الذين قاموا بانتشال جثة الضحية من داخل النفق، "عمدوا بعد ذلك إلى نقلها على متن سيارة خاصة وتشييعها في موكب احتجاجي، في خرق تام للقوانين الجاري بها العمل". ووفق المصدر ذاته فتح تحقيق، تحت إشراف النيابة العامة، "لتحديد ظروف وملابسات الحادث، وترتيب الإجراءات القانونية المناسبة في حق كل من ثبت تورطه في عرقلة تدخل السلطات العمومية ومقاومتها والحيلولة دون تقديم المساعدة لشخص في خطر".