استضافت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، مساء أول أمس، القاص أحمد بوزفور في إطار برنامجها «الفن والجامعة». إذ توقف صاحب «صياد النعام» عن محطات أساسية في حياته، إنسانا ومبدعا وناقدا، حيث جمع اللقاء بين المعرفة والترفيه، وبين التثقيف وال رغم أن المبدع القاص أحمد بوزفور لم يتحدث عن الجانب الإنساني فيه، إلا أنه أتحف الجمهور، وهو يتكلم عن حياته الإبداعية الحافلة. إذ اعتبر أن ميلاده في «عروبية» تازة جعله مترعا بالطبيعة والحلم والحرية، وأن دخوله المدينة أفقده حريته، موضحا أنه لو بقي في «العروبية» لأصبح شاعرا. تابع بوزفور هذا البوح، ضمن حلقة برنامج «الفن والجامعة» الذي تنظمه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، عن المدينة بالقول: «وجدت الشر والألم والخير الصعب». واعتبر أن بحثه عن الخير قاده إلى القصة القصيرة، باعتبارها الجنس الأدبي القادر على التعبير عن الألم والشر والقبح. وقسم في هذا الباب كتاب القصة إلى صنفين: حَمَل وديع لا يؤذي الناس ولا يصدم توقعاتهم، لكنهم يأكلونه في النهاية، فينتهي ويذوب، وذئب يبتعد باستمرار عن الجماهير ليحافظ على حريته وفرادته. إذ يقول في هذا السياق، إنه مضطرب بين الحمل والذئب، رغم أنه أشار إلى أنه يصعب الجمع بين الماء والنار في يد واحدة، لأنه يحب الناس، مثلما يحب حريته أيضا. وفي حديثه عن كتابة القصة، قال بوزفور إن هذا الفن الأدبي يتحول وهو ينكتب، مشيرا إلى أن القصة القصيرة تفاجئ الكاتب قبل القارئ. وفسر ارتباطه بالقصة بالمزاج، موضحا أن هناك أدباء مزاجهم روائي، وآخرون قصصي، الخ. وردا على من قالوا إنه كتب القصة الإيديولوجية في السبعينيات، قال بوزفور إنه ينتمي إلى جيل، وفي مقدمته أمين الخمليشي ومحمد الهرادي وآخرين، لم يكتبوا الإيديولوجيا، رغم أنهم انتموا إلى اليسار وناضلوا في حزب سياسي، قائلا: «في كتاباتنا، كنا نكتب الفن». وردا على كل ما قيل في الآونة الأخيرة حول مداخلته «أشكال التخريب في القصة القصيرة» في ندوة بالمحمدية، قال بوزفور إن مداخلته لم تفهم جيدا، معتبرا أن رفع صوته حتى لا تذوب القصة وتمجد الأسماء. وجدد مطالبته الكتّاب بأن يخففوا من تكريم أنفسهم، وأن يركزوا على القصة، موضحا أنه لم يتمرد على التجريب. وفي ختام البرنامج الذي سيره عبد المجيد السداتي وعبد المجيد جهاد، عبر بوزفور عن مجموعة من المواقف تتعلق بالدارجة وعلاقتها بالفنون الأخرى. ففيما يتعلق بالتدريس بالدارجة، اكتفى بما قاله المفكر عبدالله العروي، الذي بيّن استحالة التعليم بالعامية. في حين، تشاءم بوزفور من تراجع واقع الفنون في المغرب، من مسرح وسينما وموسيقى وفنون تشكيلية. إذ اعتبر أنه رغم تقدم الفنون التشكيلية، باتت تحتكرها فنادق النجوم الخمس، وأنه رغم تقدم السينما صارت معزولة عن الأدب، مشبها إياها ب»سبت جزولة زريبة معزولة». وخلص إلى أن الدعم هو المسؤول عن هذا الوضع السينمائي، مشيرا إلى أن «الفيلم صار بزنسة كالعقار». ومن بين الشهادات التي ألقيت خلال البرنامج، توقف الكاتب مولاي علي القرشي عند خمس مزايا تميز بها المبدع أحمد بوزفور، حيث اعتبر أن هذا الأخير تجمعت فيه صفات الكاتب المبدع، والأستاذ المربي، والمواطن الغيور، والإنسان النبيل، والمثقف العضوي. في حين، وصف عبد القادر كونكاي، عميد الكلية، بأنه «رجل من العيار الثقيل، علما ومعرفة وخلقا وإبداعا». واختار الناقد قاسم مرغاطة أن يطالب بوزفور ب«الرحيل» إلى الجامعة، من أجل أن يقود الجيل الجديد إلى الخيال والجمال والحداثة، وأن يحارب الرداءة والابتذال، وكذا الجهل الذي أبان عنه بعض الطلاب في شريط عرضته الكلية في البرنامج ذاته حول مكانة صاحب «نافذة على الداخل».