على مدى عقود من الزمن، شكل نضال الأطفال الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ملاحم فريدة شدت انتباه الرأي العام عبر العالم، خصوصا مع انطلاق انتفاضة أطفال الحجارة نهاية الثمانينات، ثم الانتفاضة الثانية بداية الألفية، وصولا إلى الأحداث الأخيرة بعد اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل. الطفلة عهد التميمي، أصبحت خلال السنوات الأخيرة إحدى أشهر هؤلاء، حيث عرفت بشجاعتها في مقاومة الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الفلسطينيةبالضفة الغربية، قبل أن تقدم الشرطة، فجر أمس الثلاثاء، على اعتقالها، ثم اعتقال كل من أبيها وأمها في وقت لاحق. وجاء اعتقال الفتاة عهد بعد مهاجمتها جنودا أطلقوا رصاصة مطاطية تجاه الفتى علي محمد التميمي (15 عامًا) في قرية النبي صالح، ما أدى لإصابته بجروح خطيرة في رأسه. "طفلة".. لكن بتاريخ حافل من النضال "عهد" التي تنتمي إلى إحدى اكبر العائلات في الضفة الغربية، وهي عائلة "التميمي"، اشتهرت منذ سنوات بعد تداول صور لها وهي تقاوم جنديا غسرائيليا قام بالاعتداء على أخيها محمد التميمي، وذلك في بلدة النبي صالح غرب مدينة رام اللهالمحتلة. يشير أبوها باسم التميمي، إلى أن طفلته منذ نعومة أظافرها تشارك في المسيرات الأسبوعية المناهضة للاستيطان وجدار الفصل، وتواجه الجيش الإسرائيلي "ببراءتها وطفولتها"، متابعا "عهد، تتلمس معاناة شعبنا الفلسطيني تحت الاحتلال، وبات خيار المقاومة بالنسبة لها وللعائلة واجبا أكثر منه خيار". منذ ذلك الحين، صارت "عهد" أيقونة جديدة للانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة، خلفا لعدد من سابقيها وابرزهم الطفل محمد جمال الدرة الذي أعدمه رصاص الاحتلال في شتنبر من سنة 2000، حينما كان يحتمي بجوار أبيه جنوب مدينة غزة، إبان انتفاضة الاقصى. نظير ذلك، تسلمت التميمي جائزة "حنظلة للشجاعة" عام 2012، من قبل بلدية "باشاك شهير"، في تركيا، لشجاعتها في تحدي الجيش الإسرائيلي، والتقت حينها برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (رئيس الجمهورية الحالي) وعقيلته. فرع من أصل مُقَاوِم وليست أصول "عهد" ببعيدة عن النضال في وجه المحتل، حيث سبق لوالدها أن اعتقل مرات عديدة من طرف السلطات الإسرائيلية ، فيما تعرضت أمها أيضا للاعتقال 5 مرات سابقة. التميمي الأب يقول إنه اعتقل 11 مرة لدى الجيش الإسرائيلي، تعرض خلالها للتعذيب الشديد، مما أدى إلى إصابته بغيبوبة مدة 10 أيام، وتعرض للإصابة مرات عديدة. وأشار إلى أن زوجته ونجله الأكبر وطفله الأصغر، تعرضوا كذلك للضرب من قبل الجيش الإسرائيلي عدة مرات. التميمي رفقة والديها وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وتعليقا على اعتقال الطفلة التميمي، هدد العائلة بالكامل بالإعتقال، حيث قال إن" كل من في محيطها، ليس فقط الفتاة، ولكن أيضا ذويها لن يفلتوا مما يستحقونه"، لكن رد التميمي جاء متحديا. وعن ذلك يقول والد الطفلة:" لن يردعنا ليبرمان ولا جيشه، مضيفا بأن "ما يقوم به أطفال بلدتي وطفلتي عهد هو المشهد الطبيعي، والمشهد غير الطبيعي أن تعاني من الاحتلال ولا تقاوم". وعبر عن فخره ب"عهد"، وقال:" هذا هو حال الشعب الفلسطيني". وقال إن " الاحتلال حرق عائلة دوابشة في بلدة دوما يوليوز 2015 بدون سبب"، معتبرا أن "المقاومة رد فعل طبيعي على الاحتلال". وعن ظروف اعتقال ابنته قال إن قوة عسكرية داهمت منزله فجرا، قوامها عشرات الجنود، اعتقلوا عهد بعد الاعتداء على كافة أفراد العائلة ومصادرة الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر وتخريب مقتنيات البيت. وطفل آخر … "مقاوم" وليس محمد التميمي شقيق الطفلة عهد استثناء يخالف أباه واخته وأمه، حيث دأب بدوره على مشاركة شقيقته في "المقاومة السلمية"، للجيش الإسرائيلي خلال المسيرات الأسبوعية. وعن ذلك يقول: "كل أطفال البلد يذهبون للمسيرات، الجيش يتعامل معنا بوحشية يضربونا بالغاز والعصي والرصاص المطاطي وحتى الحي". وتابع:" كُسرت يدي ذات مرة خلال المشاركة في المسيرات، ورغم ذلك، سأواصل المقاومة وسندافع عن أرضنا". الإحتلال منزعج اعتقال التميمي وغيرها من عشرات الأطفال خلال الأيام الماضية، حصر الإعلام الإسرائيلي في زاوية الدفاع عن النفس بعد أن أصبحت صور هؤلاء الأطفال حديث القنوات والصحف العالمية، ما دفع أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الإحتلال إلى كتابة عدد من التغريدات حول التميمي. #تخيلوا ماذا كان ليحدث لهذة المستفزة لو تصرفت بهذا الشكل مع ضباط أو جنود عندكم؟ pic.twitter.com/wp0BcXdC5q — افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) December 19, 2017 واحتفاء في مواقع التواصل لم أقرض الشعر في حياتي وأتمنى ان أكون شاعرا لأكتب قصيدة اعجابا وتقديرا بهذه البطلة الصغيرة سنا الكبيرة مقاما ونضالا عهد التميمي..جددت وامثالك الأبطال فينا الأمل والنصر قريب باْذن الله والايام بيننا — عبد الباري عطوان (@abdelbariatwan) December 20, 2017 بدوره نشر عبد الصمد ناصر الصحفي في قناة الجزيرة، مقطع فيديو عن الطفلة الأسيرة التي سماها "عهد فلسطين" معتبرا أنها أصبحت أيقونة للطفولة الفلسطينية، فيما نشرت زميلته خديجة بن قنة صورة لعهد رفقة والديها الذين اعتقالا بدورهما لدى السلطات الإسرائيلية.
الأسيرة #عهد_التميمي أيقونة الطفولة في #فلسطينالمحتلة#القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية pic.twitter.com/L2rHi60GA3 — عبد الصمد ناصر (@NacirAbdessamad) December 20, 2017 جميعهم رهن الاعتقال ..الاب والام والصبية الصغيرة عائلة التميمي من بلدة النبي صالح قضاء رام الله..#عهد_التميمي pic.twitter.com/3aviJATDZ6 — خديجة بن قنة (@Benguennak) December 20, 2017