بصعوبة بالغة، تمكن سعد الدين العثماني، من العودة مجددا إلى الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في المؤتمر الثامن للحزب، المنعقد اليوم الأحد بالرباط، بعدما باعد ابن كيران بينه بينه هذا المنصب لثماني سنوات. العثماني، تولى أمانة البيجيدي لأربع سنوات قبل اليوم، ما بين عامي 2004 و2008، قبل أن تطيح به مداولات المؤتمر السادس للحزب، التي عاتب فيها المؤتمرون على العثماني صمته المبالغ فيه، ونصبوا بدله عبد الإله ابن كيران، قبل أن يعيدوا ذات "القائد الصامت"، إلى سدة أكبر حزب سياسي في المغرب اليوم. سعد الدين العثماني، إبن إنزكان، ذي 61عاما، رغم أنه من مؤسسي حزب العدالة والتنمية، في نسخته الأولى مع الدكتور عبر الكريم الخطيب، تحت جبة "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية"، ورغم تراكماته في العمل السياسي، وتخرجه من كلية الطب دكتورا نفسيا، إلا أنه نال شهرته الأكبر، برداءة العالم الفقيه. رغم ميولاته العلمية، وتخصصه في الطب، إلا أن العثماني، لبس عباءة الفقيه، عبر دراساته الشرعية، وإنتاجاته العلمية في هذا الاتجاه، وعضويته في عدد من هيئات العلماء المسلمين، وحاضراته الفكرية، واجتهاداته الفقهية التي عرف بها، ورسم من خلالها ملامح عالم متنور، يؤسس دينيا للاختلاف والحقوق والحريات. ورغم انخراطه مبكرا في العمل السياسي، في سنة 1992، ودخوله مع أول الاسلاميين الممتحنين في الانتخابات التشريعية، سنة 1997، إلا أن العثماني، بمكانته الاعتبارية وسط "الإخوان" في العدالة والتنمية، لم يستطع إقناعهم بالتجديد له لولاية ثانية على رأس الحزب سنة 2008، وانتخب عبد الإله ابن كيران خلفا له، لم تزحه على رأس البيجيدي غير استحالة اعادة انتخابه لولاية ثالثة. علاقة "الأخوة" بين العثماني وابن كيران ثابتة، ولم يفوت الطرفان الفرص للتأكيد عليها، منذ بداية مشوارها الدعوي ثم السياسي، إلا أن الفوارق بين الرجلين جوهرية، ففي وقت يعاب على ابن كيران كونه صاحب خطاب شعبوي، على الرغم من أنه أكسبه شهرة، فالعثماني يقول عنه منتقدوه في الحزب وخارجه، أنه رجل الترضيات والتنازلات والمهاندة.