لم نعد نعرف الأول من شهر أبريل من كل سنة دون مقالب الصحافة والإعلام والسياسة، تأتي الأخبار من حيث لا يحتسبها أحد كالصواعق والكوارث، ويمسي الزعماء والرؤساء والسياسيون على حال، ويصبحون على قراءة أخبار وفاتهم تعلو المنابر الإعلامية، الورقية منها والإلكترونية، تنتشر الإشاعات كالنار في هشيم معد بإحكام، يضحك الأذكياء، تمر كحقنة "المورفيم" تحت جلد السذج والأغبياء والذين يبتلعون كل شيء… مقالب كل سنة تشبه الموجة التي ترتمي على رمال الشاطئ ثم تسحب تلابيبها، إلا "المقالب" التي يتم فيها لي عنق القانون وتركيع المؤسسات وهدم أبراج المنطق وتطويق الديقمراطية وإسقاط الأقنعة وإبراز الأنياب، وخصوصا حين "يلعب الكبار"، كما هو الحال في قضية عمدة مدينة الرباط، التي تعتبر أكبر لعبة يخوضها حزب الأصالة والمعاصرة وحليفه الداعم في أجنحة الدولة من أجل الانتقام للخروج المذل من العاصمة. وحين يتم تفكيك المعطيات بهذا الخصوص، وربط محاور القضية، وجب تغييب العقل وتسكين المنطق وإلا سنصاب بالجنون، لقد سارع حزب إلياس العماري إلى الإتصال بمجموعة من الصحفيين في الصحافتين الورقية والإلكترونية من أجل بث خبر كاذب عنوانه أن الوكيل القضائي الذي هو موظف سام بوزارة المالية تقدم بشكاية لدى النيابة العامة ضد الصديقي عمدة الرباط، وعَمدت الجهات الداعمة لحزب "البام" إلى تسريب مجموعة من الأخبار المضللة بخصوص تطورات ملف ريضال، الذي دأب محازبو إلياس العماري على تسميته بملف عمدة الرباط. الحرب كان لها مغزى وهدف واحد، يرمي إلى التغطية على "السحر الذي انقلب على الساحر"، فبعدما قامت القيامة من أجل "شهادة طبية" مزعومة وغير موجودة، تورطت الدولة في محاسبة أخطائها، وفي فضح نفسها، ذلك أن الملف الذي سهر حزب البام ومن يدعمه على فبركته لإيقاف سير مجلس الرباط، وبالتالي محاولة استعادة العاصمة إلى حضن إلياس العماري، انقلب الملف ضد المفبركين وتحول من الكيد للصديقي إلى مساءلة قضائية للشركة الفرنسية "فيوليا" وفرعها "ريضال". إننا نعلم أن شركة "ريضال" التي حصلت على تدبير قطاعي الماء والكهرباء في إطار التدبير المفوض، لا تقوم بأي خطوة من الخطوات المهيكلة الكبرى إلا بمباركة سلطات الوصاية، المتمثلة في وزارة الداخلية وتحت مباشرة المجلس الجماعي، وهو ما تم فعلا سنة 2012 بعد اتفاق الشركة مع مجموعة من أطرها على إيجاد صيغ متعددة لحوالي 90 شخصا لفك الارتباط، بالتراضي بين الطرفين، في إطار الإعداد آنذاك لعملية بيع الشركة… لكن تمة وهما يتم تسويقه عبر تسريبات يراد من ورائها ربح المعركة إعلاميا ضد حزب العدالة والتنمية، للتغطية على الخسارة القانونية والأخلاقية للملف، وحتى على آثار فضيحة تورُّط سلطات الوصاية (وزارة الداخلية) في المخرج الذي ذهبت إليه شركة ريضال، فالتفتيش الإداري الذي قامت به مصالح وزارة الداخلية و قد هم ملف المغادرة التوافقية التي دبرتها الشركة الفرنسية فيوليا (ريضال)، و قد أحيلت خلاصاته إلى الوكالة القضائية للمملكة التي قد تكون رأت فيه ضياعاً لمال الدولة فستحاول إسترجاعه عبر التقدم بشكاية كطرف مدني لدى النيابة العامة المختصة، ضد الشركة وليس ضد فرد من عشرات الأفراد الذين تم التوافق معهم. وبالعودة إلى الاختصاصات، التي تضرب فيه الصحافة ضرب الغيب، فإن الوكيل القضائي لا صلاحيات له خارج ما هو محدد بمقتضى ظهير صادر في عهد الحماية سنة 1953، وتحدد مهمته في الدفاع عن مصالح الدولة المالية أمام المحاكم و كذا المؤسسات العمومية التابعة للدولة بتكليف صريح من هذه الأخيرة، كما أن لا صلاحية له في تمثيل المصالح المالية للجماعات الترابية (أنظر الجريدة الرسمية ص: 1143). إننا بهذا نكون أمام آلة إعلامية تسعى إلى جعلنا ضحايا أكبر عملية تضليل إعلامي تتوالى وتكرر باستمرار، تهدف إلى التغطية على ما يراد تغطيته، من انقلاب لما كان يراد فبركته لإزاحة حزب العدالة والتنمية من ترؤس العاصمة الإدارية للمملكة، وبالتالي الانتقام لحزب البام الذي لم يستسغ طرده من تسيير الرباط، الشيء الذي أصاب حزب إلياس العماري وداعميه بالسعار ليلجأوا إلى تسخيير أقلام إعلاميين في ممارسة رهيبة ل"البلطجة الإعلامية" التي ستضاف إلى أخرى مادية مارسها حزب البام على رؤوس الأشهاد، أمام صمت مريب لوزارة الداخلية.