شرعت المفتشية العامة للإدارة الترابية في التحقيق والبحث في فضيحة تعويضات العجز المنسوبة لعمدة الرباط، بعد أن اختارت مقر شركة «ريضال» الرئيسي كوجهة أولى. وعلمت «المساء» من مصادر مطلعة أن حالة ارتباك تسود وسط كبار مدراء الشركة، الذين سارعوا إلى التنسيق مع مسؤولي «فيوليا»، الشركة الأم بفرنسا، من أجل تدارس كيفية التعامل مع هذا الملف الذي يعود لسنة 2012، بعد تسريب وثائق من الملف الطبي للعمدة، محمد صديقي، تثبت استفادته من تعويضات مالية بموجب العجز الصحي، الأمر الذي فتح له باب مغادرة العمل بالشركة، قبل أن ينكر في وقت لاحق تقديم أي شهادة طبية رغم وجود طلب خطي يلتمس فيه إعفاءه لأسباب صحية. ولم تستبعد المصادر ذاتها أن يطال التحقيق في هذا الملف عددا من كبار مسوؤلي شركة «ريضال»، خاصة على مستوى تدبير الموارد البشرية والمالية، بالنظر إلى عدد الأطر والمستخدمين الذين استفادوا من تعويضات مالية سمينة مقابل فتح باب مغادرة طوعية تم تغليفها بملفات طبية مشكوك في صدقيتها، وفي طريقة استصدارها، وهو ما سيضع الشركة في مواجهة أسئلة حارقة ستمتد أيضا للمستفيدين، بمن فيهم العمدة الصديقي، الذي توصل برسالة استفسارية من مفتشية وزارة الداخلية. وأوردت المصادر نفسها أن جميع الأطراف المتورطة في هذه الفضيحة ستجد نفسها في مأزق حقيقي، بحكم أن الأمر لا يتعلق بطلب حزب الأصالة والمعاصرة فتح تحقيق في الموضوع فقط، بل يرتبط أساسا بمراسلات وجهها المكلف بلجنة تتبع «ريضال» السابق، والذي يعد بمثابة الصندوق الأسود لأسرار الشركة وطبيعة علاقتها بعدد من المنتخبين، وهي المراسلات التي وجدت طريقها لعدد من الجهات الرسمية، بعد أن قرر الانقلاب على العمدة مباشرة بعد تسريب خبر إعفائه، وقيام العمدة بتعيين صديق له في منصبه، رغم أن اسمه مدرج أيضا في قائمة المستفيدين من تعويضات «ريضال» السمينة بموجب العجز الصحي، قبل أن يدخل حزب الأصالة والمعاصرة على الخط، ويعلن قرار تعليق مشاركة مستشاريه في أشغال المجلس الجماعي للرباط مع دعوة الداخلية إلى فتح تحقيق في الموضوع. وكان منصف بربيش، باعتباره رئيسا للجنة تتبع «ريضال» قد قرر الخروج في مواجهة مكشوفة مع العمدة الصديقي، ليقدم هدية سخية لخصومه، بعد أن وجه له مراسلة رسمية يطالبه فيه، بصفته رئيسا للسلطة المفوضة ل»ريضال»، باستفسار الشركة عن خلفيات الخروج الجماعي لحوالي 90 شخصا تحت غطاء العجز الصحي، علما أن بعض المصادر كشفت وجود تخوفات حقيقية لدى بعض مسؤولي الشركة من أن يمتد التحقيق إلى حقيقة بعض شركات المناولة، التي تعاقدت معها الشركة مباشرة بعد عملية النزوح الجماعي لعدد من كبار الأطر تحت غطاء المغادرة لأسباب صحية. ويأتي فتح التحقيق في هده الفضيحة، في وقت جد حرج لكل من وزارة الداخلية وشركة «ريضال»، علما أن الطرفين دخلا قبل أشهر في مفاوضات من أجل تجديد العقد الاستثماري للشركة بعد تخليها عن قرار الانسحاب من المغرب، علما أن هذه الأخيرة نجحت في احتواء مطالب برحيلها ومحاسبتها بعد الكشف عن تهربها من استثمارات بقيمة مليار و500 ميلون درهم، مع تعمدها النفخ في قيمة الاستثمارات.