مكالمة هاتفية واحدة كانت تكفي للتغطية على الفضيحة الكبرى بفضيحة أصغر، ثم تحول 35 مليون مغربي من ضرورة إخضاع التقرير المالي الذي تقدمت به الجامعة الملكية حول أعمالها للمحاسبة، والذي تضمن أرقاما خيالية، بذرت الجامعة فيها ما يناهز 87 مليار سنتيم في ظرف قياسي، أي 17 شهرا فقط من المرحلة التي تولى فيها فوزي لقجع رئاسة الجامعة. لماذا رفضت الجامعة توزيع التقرير المالي على الصحافيين؟ سؤال غير ذي جدوى، لنبحث عن زاوية أخرى، ففي الوقت الذي تعاني فيه أغلب الأندية الوطنية من أزمات مالية، يقول تقرير لقجع إن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قد صرفت فقط خلال الفترة الممتدة من يناير 2014 إلى يونيو من نفس السنة 23 مليارا و 956 مليون سنتيم، توجهت حصة الأسد من هذا المبلغ إلى أندية البطولة الإحترافية والهواة والعصب الجهوية، التي حصلت على ما مجموعه 14 مليارا و 176 مليون سنتيم. وفي فترة 11 شهرا أخرى، أي ما بين يوليوز 2014 إلى شهر يونيو من سنة 2015، وصل مجموع مصاريف الجامعة الملكية 61 مليار و116 مليون سنتيم، وحسب التقرير فإن 28 مليارا و 13 مليون سنتيم خصصت في شكل إعانات مقدمة إلى الأندية والعصب فيما وصلت تكاليف المنافسات التي تنظمها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى 7 ملايير و 781 مليون سنتيم. وبلغ نصيب المنتخبات الوطنية والإدارة التقنية الوطنية من مصاريف الجامعة خلال الفترة سالفة الذكر وصل إلى 16 مليارا و 433 مليون سنتيم، بينما وصلت تكاليف التسيير إلى 5 ملايير و 251 مليون سنتيم، وتضمن التقرير المالي للفترة ذاتها مبلغ 3 ملايير و 636 مليون سنتيم تحت مسمى تكاليف أخرى. الانتباه إلى التفاصيل يعني الدخول في حلف مع الشيطان، وكثرة السؤال يعد شيطانا أكبر، في السطر الأخير من المصاريف هناك رقم كبير، لكنه أدرج في خانة تكاليف أخرى، فالأمر يتعلق ب 3 ملايير و636 مليون سنتيم، ومعلوم أن المجلس الأعلى للحسابات قد أحال ملفات على القضاء لمجرد وجود اختلالات في تبرير بضعة ملايين من السنتيم بخصوص مجموعة من المجالس الجماعية. ومصاريف التسيير جاءت عامة، أفضت إلى حديث الذين حضروا لندوة لقجع عن السؤال الكبير، دعونا نتحالف مرة أخرى مع الشيطان في دخوله التفاصيل، أين تفاصيل التسيير الذي بذرت فيه الجامعة ما يناهز 5 ملايير سنتيم في ظرف سنة؟ ولأن الجامعة الملكية لن تجيب، فقد أربكت الجميع عن التوجه بالأسئلة، فجعلت من لعبة "الرصاصات الطائشة" أسلوبا في تمويه الرأي العام، بينما كان العرس في ندوة لقجع أثناء تقديم التقرير المالي، تم إطلاق الرصاصة الأولى بعيدا عن المكان، ليتوجه الجميع إلى هناك حيث يوجد ضحية للعبة، وكبش فداء يجعل التقرير يمر في الظلام، أطلقت في البداية إشاعة حول رحيل بادو الزاكي، الناخب الوطني من تدريب ما لم نعد نستطيع نعته بالأسود. وحين بدأ ضغط الإعلام لمرفة الحيثيات اضطر لقجع للكذب، والقول بأن الأمر يتعلق بالإشاعة، وحين أصبحت هاته إشاعة، عاد البعض إلى التنقيب في تفاصيل 87 مليار سنتيم، فتم تطليق الزاكي حقيقة لا إشاعة. عندما يتعلق الأمر بالحيثان الكبيرة ستتوقف آلة المحاسبة، لقجع رجل "محنك" يعرف أين يخبئ ذيله من النيران، لذلك احتمى بحزب الأصالة والمعاصرة، هذا الحزب هو نفسه الذي دفع إدريس جطو منذ شهور إلى مهاجمة وزير العدل والحريات لأنه يحيل ملفات المجلس الأعلى للحسابات على القضاء، وكأنه يقول له، لا اختلالات إلا ما يضع عليه المجلس أصابعه، وبهذه العلاقات يتضح مصير 87 مليار سنتيم، فإذا كان حزب البام قد ضغط على جطو حتى لا يخضع المنتمين إليه للمحاسبة، فإنه سيثني مجلس الحسابات عن فتح ملف أصبحت رائحته تزكم الأنوف ، جامعة الكرة التي لم نحقق فيها أي شيء، ومن ينسى، نذكره بطريقة تنصيب الرجل القوي في وزارة المالية رئيسا للجامعة.