تغتنم بعض أسر المهاجرين المغاربة بألمانيا فرصة زيارة الوطن الأصلي لتعليم أبنائها اللغة العربية خلال إجازة العطلة الصفية. عدم توفر مراكز تعليم اللغة العربية المتخصصة في ألمانيا هو أحد الأسباب فقط. يونس طفل مغربي، 10 سنوات، قضى ستة أسابيع من إجازة أسرته المقيمة في ألمانيا بالمغرب، وخلالها شارك في دروس تعلم اللغة العربية بإحدى المدارس الخاصة وسط العاصمة الرباط. ولد يونس في ألمانيا بإحدى ضواحي برلين، ويصعب عليه التواصل اللغوي مع محيطه الأسروي باللغة العربية. وقد استغل والده حسن فرصة عطلة الصيف بالمغرب لتعليم إبنه مباديء اللغة العربية. ويحكي الأب أنه رغب منذ خمسة أعوام في أن يتعلم ابنه اللغة العربية " يونس لا يستطيع التواصل مع أفراد العائلة بالمغرب وهذا مشكل كبير داخل بيتي" يقول الوالد. وكشف الأب حسن عن وجود العديد من الإكراهات بالمهجر التي تحول دون تعلم ابنه للغة الضاد، ومنها أن والدته ألمانية الأصل ولا تتحدث اللغة العربية، كما إن المنطقة التي يقطن فيها لا تتوفر على مراكز مغربية لتدريس اللغة العربية. للمرة الثانية في حياته يتردد يونس على مدرسة تعلم اللغة العربية، حيث إنه تعلم على مدى أربعة أسابيع شيئا قليلا من اللغة العربية في السنة الماضية. ويؤكد يونس أن تعلم اللغة العربية كان صعبا في البداية، لكنه تمكن لاحقا من تعلم أشياء كثيرة جعلته يتواصل مع أسرته وأبناء جيرانه بشكل أفضل حيث "أفهم ما يدور من حديث خلال لقاءات العائلة"، كما يلاحظ يونس. وبحسب خبراء، هناك تزايد ملحوظ في رغبة أبناء الجالية المغربية بألمانيا وأوروبا لتعلم اللغة العربية، حيث باتت هناك مدارس كثيرة تركز خلال عطلة الصيف على تقديم دروس خاصة باللغة لأبناء المهاجرين. مدارس اللغة العربية في ألمانيا ويرى حسن أن القيام بتعليم الأطفال اللغة العربية في ألمانيا أمر معقد. فإضافة إلى العدد القليل من المراكز المتخصصة بتدريس اللغة والقرآن، هناك إكراهات كثيرة تحول دون إمكانية القيام بدور معلم اللغة في البيت بسبب ضيق وقت الوالدين حيث " أقضي 12 ساعة في العمل وأعود منهمكا في ساعات متأخرة من الليل إلى البيت" كما يلاحظ الأب حسن. من جهته عبر سعيد جعفر الخبير في علم التواصل بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء عن اعتقاده، أن الحكومة المغربية لا تستطيع إحداث مراكز ثقافية وتربوية في كل بلدان المهجر بهدف تعليم اللغة العربية لأبناء الجالية. وأوضح الخبير جعفر أنه من خلال تجربته التدريسية بالجامعة والمدارس الخاصة، فهو يلاحظ وجود اهتمام كبير بتعلم اللغة العربية لدى أبناء الجالية، ويضيف المتحدث أن "عجز الآباء عن تعليم أبنائهم اللغة اللغة العربية في بلد المهجر" تقوي رغبة الأطفال والشباب وآبائهم أيضا من تعلم اللغة للتواصل مع أفراد العائلة والمحيط الإجتماعي في المغرب. كما يرى الخبير جعفر وجود رابط بين هذا الاهتمام القوي بلغة الوطن الأصلي للأب أو الأم وبين التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي يعرفها العالمين العربي والإسلامي حاليا، حيث ينعكس ذلك على رغبة الآباء المهاجرين في تحصين هوية أبنائهم، خصوصا من منظور تنامي ظاهرة استقطاب المذاهب الدينية المتشددة لأبناء الجاليات في بلدان المهجر. ويعتبر الدكتور عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، وخبير في قضايا الهجرة، أن وزارة الجالية المغربية لا تعمل على إحداث "استثمار ثقافي" مغربي بألمانيا، مما يدفع بالمهاجرين لتنظيم دورات تعليم اللغة العربية لأطفالهم خلال فترات الإجازات الصيفية في المغرب. خوف الآباء من تطرف الأبناء يعتقد الدكتور البلعمشي أن هناك تخوفات لدى الأسر المهاجرة من بين الجيل الأول والثاني في ألمانيا من أن يصبح أبناءهم فريسة للتطرف في المراكز الثقافية العربية والإسلاميةبألمانيا والتي يتم فيها عادة تدريس اللغة العربية أيضا.، ويضيف الخبير أن " آباء الأطفال واليافعين متخوفون من التأثيرات الدينية المتشددة". ويعتبر الخبير في قضايا الهجرة أن ذلك يشكل سببا رئيسا في توظيف فترة العطلة الصيفية لمهمة تعليم اللغة العربية ودروس الدين للأبناء. وأكد الأب حسن في لقاء مع دوتش فيليه / عربية أنه يتخوف حقا من المراكز غير المغربية التي تدرس اللغة العربية، قائلا "يمكن أن يجعلوا من ابني شخصا متطرفا في المستقبل". وكانت تقارير أمنية حكومية في المغرب قد أظهرت في الشهور الماضية أن عددا من الملتحقين بمنظمات إرهابية بدول أروبية، ضمنها ألمانيا، ينتمون أيضا للجالية المغربية. وكشفت أبحاث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع شباب مغاربة من ألمانيا، حيث أحيلت ملفاتهم على محكمة بمدينة سلا، أن المشتبه فيهم كانوا يترددون على مساجد ومراكز دينية متطرفة، تشجع على القيام بأعمال تخريبية.