حرب الأرقام التي اشتعلت مؤخرا بين المندوبية السامية للتخطيط والقطاعات الوزارية ذات الصلة بالاقتصاد الوطني حول توقعات معدل النمو للسنة الجارية تدفع إلى التساؤل عن جدوى الاجراءات الحكومية المصاحبة لإصلاح صندوق المقاصة ومدى قدرتها على تحقيق وعود الحكومة برفع معدلات النمو في أفق تسجيل 6 أو 7 في المئة مع نهاية الولاية الحكومية. صندوق مختل اقتصاديا محمد الوفا، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، وسليمة بناني، مديرة صندوق المقاصة في تقريرها الأخير، كشفا فصلا جديدا من الاختلالات التي يعرفها نظام المقاصة تتعلق بمنح الملايير من الدراهم لشركات بناء على فواتير لا يتم التحقق منها، أو بدون فواتير، بعد اكتشاف أن 3 شركات فقط كانت تحصل على 1.3 مليار درهم من دعم المقاصة لمادة الفيول بدعم يقدر ب 1592 درهما للطن قبل شهر شتنبر 2013، هذه الشركات كانت تحصل على 60 في المائة من دعم الفيول، من أصل 17 شركة تشكل مجموع الشركات التي تستفيد من الدعم. وهو ما كلف ميزانية الدولة 54 مليار درهم سنة 2012 و40 مليار درهم سنة 2013، كدعم مالي للصندوق، "يلتهم" المحروقات لوحدها 80 في المئة من ميزانيته، أي ما يقارب 24 مليار درهم. خفض نفقات الصندوق لتحقيق نقط جديدة في معدل النمو حسب عدد من الخبراء الاقتصاديين وجي تشجيع الاستثمارات سواء في قطاع الخاص أو الاستثمارات الأجنبية، أو استثمارات الدولة، غير أن هذه الأخيرة لن تتحقق إلا عبر خفض النفقات التي تستنزف ميزانية الدولة، ومنها نفقات صندوق المقاصة. بيد أن قرار رفع دعم الدولة عن مواد بترولية كالفيول الصناعي رقم2 سيمكن، حسب الوزير، من توفير 2.2 مليار درهم. رفع معدل النمو تخفيض نفقات صندوق المقاصة إلى 35 مليار درهم للسنة الجارية، إذا أضفنا إليه ما ستوفره الدولة من رفع الدعم عن مواد بترولية كالفيول الصناعي، والتقليص التدريجي للدعم عن الغازوال سيوفر على ميزانية الدولة مبالغ مالية ضخمة إذا استثمرت في الدورة الاقتصادية الوطنية ستمكن من رفع معدل النمو إلى الأحسن. غير أن مباشرة الإصلاح الحقيقي للصندوق يتوقف على مدى جرأة هذه الحكومة في مباشرة هذا الإصلاح أو غيره رغم ما يعوقها من عراقيل حسب تصريحات عدد من الوزراء.