عقلية و تفكير، تجعل منا مقاولاتيين بالقوة قبل الفعل، فلسنا مقاولين و لا أصحاب شركات، و لكننا نملك ثقافة المقاولة، و نجعل من المقاولة حالة فكرية، فعوض أن تعطيني مقاولة علمني كيف أقاول، علمني كيف أصبح مقاولاتيا. المقاولاتية مسارعة و مسابقة إن المقاولاتي شخص مبادر، و المبادر مسارع، و المسارعة حركة نحو الله، (و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات و الأرض أعدت للمتقين) للمقاولاتيين، (الذين ينفقون في السراء و الضراء، و الكاظمين الغيظ ، و العافين عن الناس ، و الله يحب المحسنين) آل عمران 134. جاء في تفسير القرطبي، المسارعة و المبادرة إلى تكبيرة الإحرام، إلى تأدية الفرائض، إلى الإخلاص، إلى التوبة من الربا، إلى الثبات على الحق، و الآية عامة في الجميع، و معناها معنى ( فاستبقوا الخيرات)، و هي صيغة قريبة من حركة "المسارعة" أي"المسابقة"، جاء في سورة الحديد الآية 21( سابقوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها كعرض السماء و الأرض أعدت للذين آمنوا بالله و رسله، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم) غير أن تفسير واختلاف "سارعوا"عن"سابقوا" فيه من اختلاف "التدبير الحركي"، فقد خص تعالى "المسارعة" بالمتقين، و "المسابقة" باللذين آمنوا، و ربط المتقين بالسماوات، و اللذين آمنوا بالسماء، فالسماء في القرآن و اللغة أشمل و أوسع من السموات، و السماوات السبع جزء من السماء. إن حركة "المسارعة" أكثر دقة من حركة "المسابقة" و لهذا فهي محصورة في المتقين و تشمل السماوات كجزء من السماء مجال الذين آمنوا. إن المتقين جزء من المؤمنين، و كل متق مؤمن لكن ليس كل مؤمن متقي، لذلك كانت السماء أرحب للمؤمنين لأن ذلك فضل الله، فلم يربطهم في الآية بالعمل الصالح شأن آيات أخرى، فلما كثر الداخلون اتسع المكان فقال ( عرضها كعرض السماء)، أما مكان المتقين المقاولاتيين فهو خاص ( عرضها السماوات). و حين يكون الخلق الكثير من المؤمنين فهذا يتطلب "المسابقة"، التي تتضمن دلالة المغالبة في السبق، حيث يريد كل من المسابقين جعل حركته أسرع من حركة صاحبه. أما "المسارعة" فهي الجد في تسريع الحركة بشكل ذاتي و كأنك تسارع نفسك أو تسارع الزمن، فالرقم القياسي هو في حوزتك و ما عليك إلا تكسيره لتكون عبدا شكورا. إن حركة المتقين هي حركة "المسارعة" و الزيادة في السرعة ، إنهم الحاسمون في "السرعة النهائية"، إنهم التجار الذين باعوا أنفسهم و أموالهم لله تعالى،( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم)، تجارة ربحها "النجاة" و "الإنجاء" و "التنجية". ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة ) التوبة 111، فقد جعل الله تعالى نفسه مشتريا، و المؤمنين بائعين، و الأنفس و الأموال سلعة، و الجنة ثمنا ثم بشر المؤمنين بالبيع و بالفوز. أليست هذه دعوة للمقاولاتية الحقيقية ؟ أليس القانون واحدا في حركة الإنسان و الكون ؟ أليس الإنسان الصالح صالحا في تجارته ؟ أليست المقاولاتية هي حركة الشمول التي لا تعرف الغش و السرقة في العبادة أو المبايعة ؟. إن المقاولاتيين المتقين لهم خصوصيات الاستثمار و الارتقاء في المناصب، لهم حركة "المداومة في الإنفاق" في السراء والضراء، و حركة "التدبير و التسيير النفسي" بكظم الغيظ و العفو عن الناس، ليأتي "التتويج المقاولاتي" حيث حركة الإحسان. جعلنا الله و إياكم من المقاولاتيين المتقين المحسنين، و أصلح حال هذه الأمة.