لا تخلو السياسة من وجهها القبيح ذي الأدوار القذرة، التي تأخذ شكل لوبيات تبحث في سراديب خارج دوائر الضوء، وقد تكون على شكل ذئاب منفردة، يتم تسخيرها لأدوار في مناحي شتى، الأحزاب والإعلام والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية ودوائر اقتصادية ضيقة تتحكم في أوردة المال والأعمال، كما في غيرها من المجالات… ويعمد الكثيرون إلى دحض صفة "السخرة" عن أدوارهم، كما يفعل حزب الأصالة والمعاصرة اليوم، عبر رجل سطى على كل شيء في دواليبه، مستمدا سلطة وهمية من علاقات كانت واضحة ولا تزال باستمرار الأفعال والبرامج والأهداف، يقوم إلياس العماري بمحاولات جمة لدحض العلاقة مع "المخزن"، ومع فؤاد عالي الهمة، وحين يأبى الجميع تصديق انقطاع هذا الحبل السري، يلجأ الرجل إلى مهاجمة "المخزن" وطقوس البيعة، والدستور، وانتخابات 2011، متهما الجميع بالتواطؤ على الشعب، ومحاولا تبييض صفحاته وصفحات حزب لا تزال ولادته ونشأته تثير الكثير من الأسئلة، وتلقي بظلالها على ديمقراطية مغربية تراوح مكانها… نفس المحاولات يقوم بها رشيد نيني، مدير نشر جريدة "الأخبار"، ويجهد نفسه في دحض صفة "السخرة" لمصلحة إلياس العماري وحزب الأصالة والمعاصرة، لكن الخط التحرير وتواتر نشر الأخبار المساندة، وغض الطرف عن كل ما يسيء إلى هذا الحزب، يجعل المتابع البسيط يطرح علامة استفهام حول الأمر، ففي جريدة "الأخبار" تندرج كل الأحزاب السياسية في خانة "الشياطين" ويظل حزب الأصالة والمعاصرة حزب الملائكة، ينافح عن الكادحين والضعفاء، ولا تذكر مطباته وأخطاءه… لن يصرح رشيد نيني عن مصدر تمويل جريدته في الأيام الأولى، يقول للناس إن الأمر يتعلق بالأموال التي سحبها بعد خروجه من جريدة "المساء"، وهو أمر مضلل، فبعد توصل المالك الثاني لجريدة المساء لتقرير مالي يكشف اختلاسات في الشركة، أجبر رشيد نيني على توقيع وثيقة الخروج بصفر درهم، ولم يجد غير أخيه الذي بدأ حينها في شركة عقارية صغيرة لتمويل جزء من المشروع الجديد إضافة إلى مساهمين آخرين أقنعهم نيني بالأمر قبل مغادرتهم سفينة "أوال ميديا"، لكن ما مصدر بقية التمويل ؟ لجأ رشيد نيني في بداية الأمر إلى عديدين، ولم يجد بدا من وضع يده في النهاية مع يد إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، خصوصا أن الأقفال لم ترفع حينها على مسالك الإشهارات لتصب في جريدة "الأخبار"، فالأمر الذي تلقاه المستشهرون قبل اعتقال نيني سنة 2011 ، كان لا يزال ساري المفعول… وبالعودة إلى موضوع الخط التحريري يتضح الأمر أكثر، الكذبة التي يقوم رشيد نيني بتكرارها لا تأتي من فراغ، إنه يعمد إلى إسداء الخدمة بنجاح، فحينما يصر نيني على تكرار كذبته أن وزير العدل أوقف إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلى القضاء، يقوم نيني بتقديم خدمة لإلياس العماري الذي قال في برنامج تسعين دقيقة، بتاريخ 26 مارس 2015، إن هناك صفقة مع بين الأحزاب ووزير العدل والحريات قضت بتجميد المتابعات في حق المنتخبين الجماعيين، و هو ما رددته الصباح أيضا، وتهدف خطة إلياس العماري إلى إيهام سماسرة الإنتخابات، الذين ليسوا سوى مرشحي حزبه، بأنه إستطاع أن يضمن لهم حصانة من المتابعات أمام العدالة و ذلك عبر تصريف مجموعة من الأكاذيب في الإعلام و في أذهان زبنائه: فأولا يحاول إقناع الجميع أن له من السطوة ما يكفي لإجبار الرميد على توقيف المتابعات ضد المخالفين من المنتخبين الجماعيين، وعندما يقوم نيني بمهاجمة الرميد تحت مسمى التوقف عن محاربة الفساد، فهو يموه عن الهدف الحقيقي الذي هو ترسيخ أكذوبة توقف المتابعات و اعتبارها من المسلمات في أذهان زبناء إلياس العماري. ثانيا، طريقة تغطية جريدة "الأخبار" لموضوع استدعاء المصطفى الرميد لندوة البام في البرلمان التي أريد لها من بين أهدافها الخفية الإيهام بأن البام و إلياس العماري على و ئام مع الرميد، و لهذا حرص هذا الأخير على مصافحته و إخراج الصورة إلى الإعلام، وذلك بموازاة ما يروج له في الخفاء من كون مسألة مهاجمة البام من طرف العدالة و التنمية ليس سوى خطابا للإستهلاك الإعلامي، في حين أن قيادات العدالة و التنمية هم على وئام مع البام و ربما يأتمرون بأوامرهم. ثالثا، تأكيد المعطى السابق بإخراج أخبار في الصفحة الأولى لجريدة "الأخبار" وجريدة "الصباح" في ذات الأسبوع ، مفادها أن حزب العدالة و التنمية ينسق في السر مع حزب البام و أنه سلم له برئاسة العديد من الجماعات الترابية، كطنجة و مراكش، و أن التصعيد الذي يقوم به بعض قيادات العدالة و التنمية ضد البام هو كلامي لا غير، ممايؤكد أن إلياس العماري ينسج أكاذيبه حول محور أن العدالة و التنمية قد تم ترويضه وأنه سلم أمره لحزب الأصالة والمعاصرة. ومعلوم أن رشيد نيني عندما يجد نفسه في مأزق يؤدي به الارتباك إلى إخراج حلفاءه من الخفاء إلى العلن، الجميع يتذكر كيف تم الاعتداء على مقرب له حينما كان في المساء، فالتحقيقات أدت إلى تصريح رشيد نيني بكون مصدره من المعلومات يأتي بها أحد مقربيه، واليوم يعيد الكرة فلا يأبه لما يمكن أن يؤدي إليه كشف داعميه، المهم أن يوجد له في الورطة مساندين كما يفعل مع حزب الأصالة والمعاصرة اليوم. إنه لا يجد حرجا في القول بأن حزب الأصالة والمعاصرة سينقل قضية محاكمة نيني إلى قبة البرلمان وسيسائل وزير الاتصال في الموضوع، وتكتمل الصورة بما سبق تداوله من معطيات تفيد بتوظيفه لمجموعة من المراسلين المنتمين لهذا الحزب. وتكتمل الصورة بلعبة الجواسيس فمن يسرب الخبر لرشيد نيني اليوم هو نفسه من يوظفه لمصلحته السياسية في الغد، ولعل الذكرى تنفع حقا، لا يمكن نسيان كيف تم تسريب العفو الملكي على ما يعرف بمجموعة آيت باعمران، بعد الأحكام الصادرة في حقها على إثر أحدات سيدي إيفني، إلى جريدة "الأخبار" وعمل بها إلياس العماري رفقة حكيم بنشماش بعد نزول القياديين إلى قبائل آيت باعمران وإقناعهم بقرب العفو عن أبنائهم، مقابل التصويت لحزب الجرار في الانتخابات الجزئية الأخيرة، وتم إيهام الناس أن الخطوة هي خطوة قام بها إلياس العماري، بيد أنها أخبار زائفة وأن لا علاقة لهذا الحزب بالأمر، اللهم استطاعته امتلاك المعلومة وركوب أمواجها لتحقيق ما يريد. إنها أشياء تضاف إلى كل هذا الظاهر الذي لا يترك مجالا للشك، فحين تغيب استقالات وانشقاقات حزب الأصالة والمعاصرة ويحضر مجرد عضو بسيط في قرية نائية قدم استقالته من حزب العدالة والتنمية، وحينما تغيب فضائح حزب البام وكان آخرها ما تم تداوله بخصوص فضيحة تحريض المواطنين في الريف ضد الدولة ومؤسساتها، وحين يغيب حزب البام عن النقد وتحضر بقية الأحزاب، وحين يخوض نيني معاركه الكبرى لمصلحة إلياس العماري، تكتمل الصورة، صورة رشيد نيني عاريا وهو يضع يده مع إلياس العماري وأخرى مع الجواسيس.