لم يكن يعلم الطفل سمير، الذي لم يتجاوز ثماني سنوات من عمره، أن البيت الذي دخله ليتربى فيه ويستدرك حنان والدته الذي فقده باكرا، سيتحول إلى مسرح لسجنه وتجويعه وتعذيبه وتركه عاريا حتى في أشد الأيام برودة. وكان الطفل سمير قد دخل إلى هذا البيت المتواضع بقصر عثمان أوموسى بمدينة ميدلت (إقليم ميدلت) ليرعاه مسنان ويلعبا دور أبويه اللذين حرم من حنانهما، ليعيش في حضن الأسرة في خير وسعادة مع وجود الأم الكفيلة. لكن بعد وفاة «الأم المتبنية» وجد الطفل نفسه في مواجهة "وحش آدمي"، لا مكان في قلبه لرحمة أو شفقة، رغم أنه عجوز، لتبدأ فصول التعذيب مع سبق الإصرار والترصد. يحكي جيران الأسرة أنه بعد وفاة المرأة العجوز بدؤوا يسمعون صراخا للطفل الذي يعيش لوحده مع الرجل المسن "الأرمل"، لكنهم لم يبادروا إلى تبيلغ الجهات المعنية بالأمر. وتعرض سمير إلى السجن بين أربعة جدران من طرف العجوز لمدة شهرين، وتركه عاريا حتى في أيام البرد، الذي يشتد خلال فصل الشتاء بالمنطقة، وتركه من دون أكل، بل ويعذبه كَيًّا بالسكين في مختلف أنحاء جسمه. سمير تخلص من مسرح الجرائم التي مورست عليه لمدة حولين كاملين، حينما طلب من شاب من أمام باب بيت (سِجنه)كسرة خبر تخفف من شدة جوعه وتخرس أمعاء بطنه التي لا تتوقف عن عزف سنفونية الجوع، وأخطره أن الأب الكفيل يغلق عليه الأبواب ويترك من دون أكل. بادر الشاب على عجل إلى إخبار مصالح الأمن بالمدينة، التي خلصت الطفل، الذي لم يتجاوز ثماني سنوات، من قبضة "الوحش الآدمي". ونُقل سمير إلى المستشفى الإقليمي إلى قسم طب الأطفال بالمستشفى الإقليمي مولاي علي الشريف بالرشيدية، حيث يرقد وجسمه الصغير غارق في آلام نفسية وجسدية يصعب أن تمحيها الأيام. ووفق مصادر من داخل مستشفى مولاي علي الشريف، فإن أنسجة رجلي الطفل سمير تعرضت للتلف نتيجة البرد والكي، وقد يضطر الجراحون إلى بترهما. وعلمت "الرأي" من مصادر أخرى أن الأب الكفيل (الوحش الآدمي) اعتقل ويوجد الآن رهن الاعتقال، في انتظار عرضه على أنظار وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بميدلت.