شهدت سنة 2013 التي ودعناها أحداثا وقضايا بشأن قضية الصحراء جديرة بالمراجعة والتأمل ، تتطلب منا جميعا تقييما موضوعيا لها وتجيب على التساؤل التالي هل توحي أحداث السنة الماضية بأن هناك إمكانية لتجاوز حالة الجمود الذي شهدتها القضية منذ مدة طويلة ؟ لنبدأ بأواخر السنة ونستحضر الزيارة الملكية للولايات المتحدة، وأقل ما يمكن أن يقال عنها أنها استطاعت أن ترجع الموقف الأمريكي إلى حالته الطبيعية والمتمثل في عدم اتخاذ أي مبادرة جديدة على الأقل في المدى المنظور تهدد سيادة المغرب على الصحراء، وهذا في حد ذاته نجاح. في نفس سياق النجاحات، تأتي اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي وإن كانت قيمتها المادية لا ترقى إلى مستوى تطلعات المهنيين، إلا أن ما صاحبها من تعبئة سياسية من طرف الجزائر والبوليزاريو طغى عليها وأصبح مجرد التوقيع نجاحا في حد ذاته بغض النظر عن العائد منها فساهم الصراع في تقوية الموقف التفاوضي للاتحاد الأوروبي . على المستوى الدبلوماسي، نتذكر سحب بنما والبراغواي اعترافهما بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والذي يعد خطوة مهمة وانتصارا دبلوماسيا في قارة كانت تاريخيا مساندة لأطروحة جبهة البوليزاريو، هذا الأمر هو الذي جعل هذه الأخيرة تحدد سنة 2014 سنة التعبئة من أجل خوض معركة الاعتراف. شهدت سنة 2013 كذلك جولات مكوكية للمبعوث الخاص للأمين العام روس قادته للعواصم الكبرى المؤثرة على المستوى العالمي من أجل إيجاد حل توافقي تفاوضي بين أطراف النزاع ، إلا أن زياراته إلى حدود الساعة لم تسفر عن نتيجة تذكر. وشكلت رسالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى مؤتمر أبوجا منعرجا مهما في العلاقات المغربية الجزائرية حيث عمد المغرب إلى تسجيل احتجاجه عليها من خلال استدعاء سفيره للتشاور، وتعد هذه المحطة من المحطات الحرجة التي مررنا بها السنة الماضية وتم تجاوزها بفعل رغبة الطرفين بعدم التصعيد. وتعد مرحلة أبريل من السنة الماضية أهم فترة شهدت توترا وحشدا وتعبئة منذ عقود ، حيث كان لمشروع المقترح الأمريكي حول المراقبة الدولية لحقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية ارتدادات قوية ومؤثرة، ونستحضر هنا الزيارات المكوكية للدبلوماسية المغربية لعواصم الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ولعبت المؤسسة الملكية دورا فاعلا في إسقاط المشروع، وشهدت اللحظة إجماعا كاملا بين مختلف الفرقاء السياسيين معارضة وحكومة سمحت بتجاوز المرحلة بسلام . ويبقى التساؤل مطروح هل تم تجاوز إمكانية طرح الأداة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان إلى الأبد ؟ الجواب جاء في خطابات الملك الأخيرة، وخاصة خطابي افتتاح البرلمان وذكرى المسيرة الخضراء، عندما أوضح أن لا شيء حسم في الصراع ، وأنه لابد من بذل المزيد والتعبئة، كما دعا إلى تحرير المبادرة بخصوص قضية الصحراء ودعا المجتمع المدني والأحزاب السياسية للقيام بدورهما بشكل إرادي ومستقل عن أي إشارة من الدولة، وهذا في حد ذاته نقلة نوعية ورؤية جديدة في التعاطي مع الملف. ويعتبر ملف حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية واستغلال الثروات الطبيعية الموجودة بالمنطقة أهم ملفين شهدا صراعا خلال هذه السنة وسيبقيان على أجندة الصراع خلال الفترة المقبلة، وهنا نستحضر محطات الجدل حول حقوق الإنسان، وبالخصوص محاكمة معتقلي اكديم إيزيك أمام المحكمة العسكرية، والضمانات القانونية في المحاكمة العادلة التي قد توفرها لمحاكمة المدنيين أمامها. ونذكر هنا بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أوصى بعدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية مباشرة بعد الحكم على معتقلي اكديم إيزيك. نستحضر كذلك المسيرة التي خرجت في العيون عقب قرار مجلس الأمن حول الصحراء، في أبريل الماضي، والتي دعت إلى تقرير المصير وحملت أعلام جبهة البوليزاريو لأول مرة في تاريخ الصراع. نتذكر كذلك عمليات الكر والفر الدائمة بين ناشطين سياسيين يحملون رؤية جبهة البوليزاريو وقوات الأمن والتي تتصاعد وتفتر حسب أجواء الصراع وغالبا ما تصل ذروتها في زيارات روس للمنطقة، مما يطرح دائماً التساؤل حول العلاقة التي تربط الأمرين معا؟ نتذكر كذلك الزيارات المتتالية لمقرري الأممالمتحدة لحقوق الإنسان لهذه المناطق، مع التذكير بالخطوة المهمة وهي قبول المغرب عضو في مجلس حقوق الإنسان الأممي . أما موضوع استغلال الثروات الطبيعية، فهو موضوع بدأ يأخذ أهتماما متزايدا في نهاية السنة الماضية وبداية هذه السنة وبالخصوص أثناء اتفاقية الصيد البحري، وما أثير مؤخراً حول تراجع بعض الشركات الأجنبية عن مشروع الطاقة المتجددة في الأقاليم الجنوبية ماهو إلا مؤشر ينبئ بما سيأتي مستقبلا... هذه بعض الأحداث المهمة التي شهدتها سنة 2013، الأكيد أن جزءا كبيرا منها سيلقي بظلاله على السنة الجارية.