تقرير يكشف متاهات الموقف المغربي حول ملف الصحراء صنع التقرير الاممي حول الصحراء الحدث واهتم الناس بالحدث دون الاهتمام بمن صنع الحدث أي التقرير ذاته.هذا التقرير الذي يجب اعتماده كمرجع أساسي قابل لان يتحول الى ميدان معرفي يمارس سلطته عبر السكوت عن قول أشياء والتصريح بأخرى، بل ان المحلل وليس المؤول للتقرير سيصل الى معرفة وحقائق جديدة لم تتناولها النخب السياسية والإعلامية والأكاديمية التي اهتمت بالحدث . لكون هذه النخب لم تنطلق من التقرير ذاته بل انطلقت من تأويلاتها الخاصة مما زاد في ثقافة الحجب المضاعف. لذلك سنحاول في هذا المقال تحليل التقرير من زاوية تحليل الخطاب لتعرية هذا التقرير الذي جاء أحادي المنطق وكاشف لعدة حقائق من أهمها ضريبة الثقة المفرطة للمسؤولين المغاربة في اللغة السياسية والدبلوماسية الغربية وتكتيك حساباتهم الضيقة وتشبتهم بالتصورات المستهلكة والممارسات العقيمة إزاء الأحداث والمستجدات التي تعرفها قضية الصحراء. لذلك لا غرابة ان يصدم المغاربة بما آلت إليه القضية الوطنية في تقرير شكله أممي وعمقه جزائري تتجاوز مناوراته وأهدافه مسالة حقوق الإنسان وتوسيع صلاحيات المينورسو بالصحراء لتشمل حقوق الإنسان الى ابعد من ذلك بكثير لارتباطه بأهداف جيو سياسية ذات بعد استراتيجي تتحكم فيه القوى العظمى. يتكون التقرير من 11.492 كلمة ومن 25 صفحة و صادر عن مجلس الأمن. 0ويتكون التقرير من 8 محاور هيمنت عليه مسالة انتهاكات حقوق الإنسان من طرف المغرب لشرعنة توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان وهو ما يعني خرق للسيادة المغربية وخرق للمادة 6 من ميثاق الاممالمتحدة وهو ما من شانه إعادة كل شيئ الى الدرجة الصفرية اذا لم يتم استعمال حق النقض بمجلس الأمن من إحدى الدول او إدخال تعديلات عليه .وقد صيغ التقرير على الشكل التالي: أولا - مقدمة حددت المقدمة الإطار العام الذي جاء فيه التقرير عملا بقرار مجلس الأمن رقم 2044،الذي مدد المجلس بموجبه ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية حتى30 أبريل2013 .وطلب فيه الأمين العام تقديم تقرير عن الحالة في الصحراء الغربية قبل انتهاء فترةهذه الولاية. ويغطي هذا التقرير التطورات التي استجدت منذ صدور التقرير المؤرخ ب 5 ابريل 2012.ويتضمن وصفا للحالة على أرض الواقع، ووضع المفاوضات والتقدم المحرز فيها حتى الآن، والتحد يات القائمة التي تواجهها عمليات البعثة. ثانيا - التطورات الأخيرة في الصحراء الغربية: قدم التقرير كرونولوجيا مدققة ومفصلة لكل الأحداث التي عرفتها المنطقة ما بين سنتي 2012 و2013 ، والتي تجاوزت 16 حدثا صنفناها على الشكل التالي : **أحداث ذات بعد سياسي لارتباطها بحق تقرير المصير أو تضامنا مع أبناء الصحراء المحتجزين منذ أحداث كديم إزيك نوفمبر 2010، وأحداث الداخلة/سبتمبر 2011 ،.ومحاكمة المشتبه فيهم في اضطرابات كديم إزيك فبراير 2013 . ويتبين من هذا التقرير بأن أحداث اكديم ازيك مثلت المنعرج الخطير في تطور ملف حقوق الإنسان بالصحراء والذي ارتكبت فيه الدولة أخطاء إستراتيجية أولها تتعلق بمحاكمة مدنيين محاكمة عسكرية حكمة. وقد أشار التقرير أن العديد من المتهمين معروفين بنشاطهم السياسي أو في مجال حقوق الإنسان، أو بمشاركتهم في المفاوضات مع السلطات المغربية في الفترة التي سبقت تفكيك المخيم.وفي هذه المسالة يتطابق تقرير الأمين العام للام المتحدة حول احداث اديم ايزيك مع ادعاءات الجزائر والبوليساريو.ثانيها عدم تحديد المسؤولين عن هذه الأحداث، وعدم معاقبة ومحاسبة المتورطين فيها من رجال سلطة ومن ممثلي بعض الأحزاب.وثالثها عدم التسويق الممنهج للمغرب لخسائره المادية والبشرية في هذه الأحداث.والأكيد ان أخطاء الدولة المغربية هاته هي ما جعل التقرير الاممي ينحاز بشكل سافر لتقارير المخابرات الجزائرية وتقارير جبهة البوليساريو كمرجعيات أساسية. **أحداث ذات بعد اقتصادي وسيادي وترتبط ببعض مظاهر استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة، التي تعتبرها الجبهة مخالفة للقانون الدولي. وقد جاء في التقرير ان السلطات المحلية لا تف بالتزاماتها مع سكان الصحراء وأعطوا نموذجا بصيادي ومستخدمي في مناجم الفوسفات في بوكراع دون الاتصال بالسلطات المغربية المحلية لاستماع الى رأيها في الموضوع وهذا يتعارض ودور الحياد. والمثير في التقرير تركيزه بشكل كبير على هذه الاحتجاجات والمظاهرات التي تتزامن مع زيارات بعض الوفود والشخصيات للصحراء كما حدث أثناء زيارات: خوان منديز المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، وهيرفي لادسو الوكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام ، وكريستوفر روس،المبعوث الشخصي للامين العام، ونلاحظ هنا تطابق وجهات التقرير الاممي مع تقارير المنظمات المحلية المعنية بحقوق الإنسان التي تتهم قوات الأمن المغربية بالإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين دون ان يحدد التقرير الاممي هوية هذه المنظمات والتي لن تكون الا منظمات توجهها جبهة البوليساريو وتمولها الجزائر وهذا خرق واضح في التقرير الذي كان انتقائيا في اختيار التقارير والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان بالصحراء. . والمحير في الأمر- ونحن نتحدث عن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة - كيف قبل المسؤولون المغاربة الاستمرار في التفاوض مع المبعوث الشخصي للامين العام حول قضايا ليس من اختصاصه او من اختصاص البعثة التي حدد مجلس الأمن مهامهم في اجتماع 19 ابريل 1991،وهي مراقبة إطلاق النار بالمنطقة والعمل على إيجاد حل سلمي ودائم ومقبول بين أطراف النزاع ، وليس مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء .ونشير - هنا- ان قبول المسؤولين المغاربة فتح ملف حقوق الإنسان بالصحراء مع روس فيه خرق للسيادة المغربية وتجاوز لمضمون المادة 6 من ميثاق الأممالمتحدة . والطامة الكبرى هي استمرار المسؤولين المغاربة التفاوض مع روس حول ملف حقوق الإنسان أسابيع قبل زيارة أعضاء مركز روبرت كيندي لحقوق الإنسان للصحراء التي تمت بتنسيق محكم مع اميناتو حيدر ووفق أجندة جزائرية متقن غايتها الاستفزاز، وغير منتبهين لنوعية الوفود الدولية المتتالية ذات الخلفية الفلسفية الحقوقية التي كانت تتوافد على الصحراء بدء من أعضاء مجلس القيادة الأمريكي المعني بحقوق الإنسان مرورا بالمقرر الخاص المعني بالتعذيب الإقليم الى وفد اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وأيضا غير واعين بالتغييرات التي طرأت على وزارة الخارجية الأمريكية وبالخصوص بعد تعيين جون كيري المعروف بعدائه للوحدة الترابية .ولتوريط المغرب أكثر في التدبير السيئ لملف حقوق الإنسان بالصحراء استشهد التقرير اولا بمنع السلطات المغربية زوارا دوليين من الوصول إلى الإقليم،كان آخرهم وفد من أعضاء في البرلمان الأوروبي،وثانيا ما جاء به تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي الذي وقف عن اختلالات بالنسبة للحكامة ولمسائل الشفافية والمساءلة وكذلك حقوق الإنسان بالصحراء، وثالثا برفض البرلمان الأوروبي تمديد اتفاق عام 2007 للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بشأن مصائد الأسماك،والتي استؤنفت المفاوضات في الربع الأخير من عام2012 وسط معارضة صريحة من جبهة البوليساريو ومنظمات أخرى تندد بمواصلة المغرب استغلال موارد الإقليم. واعتقد ان هذا هو الهدف الرئيسي من وراء توسيع صلاحيات المينورسو حول حقوق الإنسان لتصل الى الرقابة على الموارد الطبيعية بالصحراء لتستباح سيادة المغرب على صحرائه وبالتالي التحكم في ثروات الصحراء والاستفادة من خيراتها في ظل أزمة غربية خانقة . ثالثا - أنشطة المبعوث الشخصي روس يعد هذا المحور من المحاور الهامة في التقرير لكونه يجسد مسار أنشطة المبعوث الشخصي روس بدئا من توقف عملية الوساطة لأربعة أشهر نتج عنها توقيف عملية التفاوض بسبب سحب المغرب ثقته من المبعوث الشخصي روس مايو 2012 ،وخلال هذه الفترة اقر التقرير بوقوع اضطرابات خطيرة في منطقة الساحل ومحيطها زعزعت الأمن والاستقرارالإقليمين. والملاحظة المثيرة في هذا السياق سكوت هذا التقرير عن مسؤولية جبهة البوليساريو في هذه الاضطرابات ، وتحويل المنطقة لمرتع للإرهاب المنظم كما أكدت ذلك تقارير أروبية وأمريكية . ومن الفقرات الخطيرة التي وردت في هذا الباب هو اعتراف التقرير على لسان روس بان احباطات الشباب بتندوف تجعلهم هد فا مغريا للتجنيد من قبل الشبكات الإجرامية والإرهابية دون اتهام الجزائر وقيادة البوليساريو عن كونهما هما السبب في هذا الإحباط . وبعد أربعة أشهر على اثر مكالمة الملك والأمين العام للأمم المتحدة عاد روس ليزور الصحراء لأول مرة وبعدها عواصم مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية أي مدريد وموسكو ولندن وباريس وواشنطن بالإضافة الى زيارة ألمانيا وسويسرا، وكان موضوع زيارات روس لهذه العواصم محاولة إقناعها بخطورة الأوضاع الحقوقية بالصحراء لتكليف المينورسو بمراقبة هذه الحقوق. . وجاء في التقرير ان زيارات المبعوث الشخصي للامين العام للأمم لكل هذه العواصم ومن بينها باريز -التي التقى بها حكومة فرانسوا هولاند- أقنعت روس بان المجتمع الدولي لا يزال منقسما بشأن مسألة الصحراء ، وأن الإطار التفاوضي الحالي، الذي ينظمه الفصل السادس من ميثاق الأمم ا لمتحدة لا يسمح للأمم المتحدة بفرض أي حل على أي من الطرفين، ولعل هذه الفكرة التي جاءت في التقرير الاممي هي من شجع إدارة اوباما لتقديم مشروعها المتعلق بتوسيع صلاحيات المينورسو بصفة انفرادية لكنه مشروع يعتمد على مرجعية اممية... ب- المناقشات في عواصم مجموعة الأصدقاء، وألمانيا، وسويسرا يتببين من فقرات هذا المحور بان مشروع القرار الامريكي لم ينطلق من لا شيئ او جاء بصفة انفرادية اعتباطية بل انه جاء نتيجة لتوصيات الأمين العام للام المتحدة ولمبعوثه الشخصي، ولتوصيات المفوضة السامية لحقوق الإنسان وموظفين أقدمين من مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف . وهذا هو ما يفسر الزيارات المكوكية لروس وزيارات الوفود الحقوقية للصحراء وعلى راسها منظوة روبرت كنيدي الامريكية. رابعًا - الأنشطة الجارية على أرض الواقع أ- الأنشطة العسكرية جاء ف هذه الفقرة الى حدود15 مارس 2013 بلغ عدد أفراد العنصر العسكري في البعثة 313 فردا.وقد قامت هذه البعثة ما بين 16 مارس 2012 و 15 مارس 2013 ب 9 دورية برية و 589 دورية جوية لمراقبة وحدات الجيش الملكي المغربي والقوات العسكرية لجبهة البوليساريو بهدف رصد امتثال الطرفين للاتفاقات العسكرية. وجاء في التقرير اان البعثة قد سجلت 42 انتهاكا عاما للاتفاق العسكري ر قم 1ارتكبها الجيش الملكي المغربي، مقارنة مع 25 انتهاكا سُجّلت خلال الفترة المشمولة بالتقرير السابق وهو ما يعني ان انتهاكات الجيش المغربي في تزايد وفق هذا التقرير أي انها انتقلت من 25 سنة 2012 لتصل الى 42 خرقا سنة 2013. مقابل ارتكاب القوات العسكرية التابعة لجبهة البوليساريو لأربعة انتهاكات عامة مقارنة بسبعة انتهاكات خلال الفترة المشمولة بالتقرير السابق وهو ما يعني ان البوليساريو تتراجع في الانتهاكات مقابل تزايدها عند الجيش المغربي . د - السلامة والأمن اظهر التقرير في هذه الفقرة المتعلقة بالأمن والسلامة تحيزها المطلق لجبهة البوليساريو حيث أكد التقرير تخوف السلطات العسكرية لجبهة البوليساريو بشأن سلامة أفراد البعثة مما جعل البعثة الأممية تتخذ تدابير أمنية إضافية بالتعاون مع سلطات جبهة البوليساريو لتوفير مرافقين للمراقبين العسكريين والوكالات الإنسانية ونشر قوات إضافية حول مواقع أفرقة الأممالمتحدة إلى الشرق من الجدار الرملي. ولم يقف التنسيق بين البعثة والسلطات العسكرية في هذا المستوى بل جاء في التقرير انه انشأ في تندوف، ُ لجنة التنسيق الأمني المشتركة التي تجمع بين البعثة ووكالات الأممالمتحدة وجبهة البوليساريو في منتدى أمني واحد وتوفر مجمع معلومات هاما لتقييم الحالة الأمنية والتدابير المعمول بها واتخاذ قرار بشأن التدابير المخففة وهذا قمة العبث والتواطؤ للبعثة مع جبهة البوليساريو لانه كيف لمنظمة ترعى الإرهاب ان تحمي البعثة الاممية منه؟ و- - مساعدة اللاجئين النازحين من الصحراء الغربية وحمايتهم في نفس السياق ركزت فقرات هذه المحور على ادوار مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين في الحماية والمراقبة في مخيمات اللاجئين بالقرب من تندوف من خلال تعاملها المباشر مع اللاجئين ومجتمعاتهم،حيث شيدت مكاتب ميدانية جديدة في كل المخيمات لتقريب الخدمات منهم . وواصلت المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسيف) تقديم المساعدة المادية للاجئين في المخيمات والعمل بالتنسيق الوثيق مع المديرية العامة للمساعدة الإنسانية والحماية التابعة الثابتة للمفوضية الأوروبية والوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي وعدد من المنظمات غير الحكومية الدو لية والمحلية . وهنا نتساءل كيف ولماذا سكت التقرير على محاسبة قيادة البوليساريو التي تتاجر في هذه المساعدات ؟ وهل تقوم هذه المؤسسات بمراقبة كيف توزع واين تذهب هذه المساعدات بتندوف ؟ ولماذا لا يعمل المغرب لفضح قيادة البوليساريو بالتلاعب بهذه المساعدات الدولية؟ وربطها بوضعية حقوق الانسان بتندوف؟ ط -حقوق الإنسان احتلت مسالة حقوق الانسان مكانة مركزية في التقرير خصوصا بعد تركيز التقرير على ما سماه بالانتهاكات التي وقعت وتقع في الإقليم أي الصحراء .وربط التقرير هذه الانتهاكات بغياب الحق في الحصول على محاكمة عادلة، والتعذيب، والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع . وقد ركز التقرير بكيفية خاصة على تقارير جبهة البوليساريو والجزائر حول المحاكمة العسكرية المتعلقة بأحداث اكديم ازيك وعلى تقارير مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وتقارير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب . لم يقف التقرير عند هذا الحد بل انه اضاف بان بعض المنظمات الدولية وخبراء مستقلون تابعون للأمم المتحدة اثناء زيارتهم للصحراء أشاروا إلى وجود بعض القيود التي واجهوها أثناء القيام بعملهم، ولا سيما قيام السلطات المحلية بمراقبة الاجتماعات وما خلقه ذلك من مناخ ترويع لبعض المحاورين. نلاحظ هنا كلمة ترويع وما تحمله من دلالات في القاموس الحقوقي. ومن اخطر ما جاء في التقرير حول حقوق الإنسان بالصحراء هو تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، بعد زيارته للعيون ما بين شتنبر 2012 ومارس2013 ،الذي وخلص فيه إلى نتيجة مفادها أن قضية الصحراء الغربية تبين وجود نمط من الاستخدام المفرط للقوة أثناء المظاهرات، بما في ذلك ما يُرتكب من اختطاف وتعذيب وسوء معاملة على أيدي ضباط الشرطة وأفراد الأمن ضد أشخاص يزعم أو يعرف أنهم مؤيدون لاستقلال الصحراء ، وذلك خارج مراكز الاحتجاز وداخلها على حد سواء . وأشار كذلك إلى إرغام العديد من الأفراد الإدلاء باعترافات حُكِم عليهم بالسجن على أساسها. الامر الذي جعل المقرر الخاص المعني بمسألة التعذ يب ان يرفع توصية بأن تسارع حكومة المغرب إلى إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة في مزاعم التعذيب، ومساءلة الجناة، وتقديم تعويضات للضحايا،وإعادة النظر في مسألة امتلاك ا لمحاكم العسكرية ولاية قضائية على المدنيين، وزيادة تعزيز حماية حقوق الإنسان المعترف بها دوليا بالاضافة الى حرضه على ضرورة وجود آلية حكومية إقليمية قوية لرصد حقوق الإنسان باعتبار ذلك تدبيرا هاما من تدابير بناء الثقة يمكن أن يساعد في تحسين الحالة في ما يتعلق بمراعاة حقوق الإنسان بالصحراء. وقد جاء في التقرير انه خلال سنة 2012 ، اعتمد مجلس حقوق الإنسان خمس توصيات تتعلق بحالة حقوق الإنسان في الصحراء قبلها المغرب واعتقد هنا بداية وقوع المغرب في الفخ الذي نصب له. وان كان المغرب .قد رفض التوصية التي تطلب منه قبول إنشاء عنصر دائم لحقوق الإنسان في بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية بحجة أنها لا تندرج ضمن نطاق ولاية مجلس حقوق الإنسان. وفي الوقت الذي اتهم فيه التقرير الدولة المغربية بخرقها لحقوق الإنسان ، أشاد بعمل المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان مبديا ملاحظة مفادها ضرورة عدم اعتبار المجلس بديلا عن وجود نظام فعال لمعالجة الشكاوى المتعلقة بمزاعم التعذيب وسوء المعاملة.ونشير هنا انه في الوقت الذي خصص فيه التقرير عشرات الصفحات حول وضعية حقوق الإنسان بالصحراء خصص فقرة يتيمة عن انتهاكات حقوق الإنسان بتندوف معترفا بان المعلومات بشأن حالة حقوق الإنسان في مخيمات اللا جئين قرب تندوف محدودة. وهنا نلاحظ كيف اختار التقرير كلمة محدودة عوض كلمة محاصرة اومقموعة او مهضومة. بل أكثر من ذلك تحدث التقريرعن إرادة واستعداد جبهة البوليساريو للتعاون مع هيئات الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك في مخيمات اللاجئين وبالصحراء المغربية وكأنها مقاطعة تابعة لها ،مقابل سكوته عن المجهودات الهامة التي يبذلها المغرب في مجال حقوق الإنسان والتي خصها دستور 2011 اكثر من 40 فصلا وهنا يكشف التقرير تحيزه وعدم حياده او عجز المسؤولين المغاربة إقناع روس وباقي المنظمات الحقوقية بالمشروع المغربي في مجال حقوق الإنسان الذي يشهد العالم كله باارادته في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان ونشرها واحترامها. وفي تحيز سافر آخر اضاف التقرير انه في ستنبر 2012 ، قامت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب بإرسال بعثة لتقصي الحقائق، بموافقة الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي إلى الإقليم وإلى مخيمات اللاجئين قرب تندوف بغية تقييم حق وق الإنسان فيها . ولم تستجب السلطات المغربية لطلب البعثة القيام بزيارة الإقليم، ولكن أعضاءها قاموا بزيارة مخيمات اللاجئين . وأورد أعضاء البعثة في نشرتهم الصحفية معلومات تتعلق بانتهاكات مزعومة ارتُكبت في الإقليم، ولكنهم لم يقدموا أي معلومات تتعلق بالانتهاكات المزعومة التي ارتكبت في تندوف. خامسًا - الاتحاد الأفريقي اقر التقريران بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية ما زالت تنسق مع وفد مراقبي الاتحاد الأفريقي بقيادة كبير ممثليه، يلما تاديسي (إثيوبيا.وفي الدورة العادية العشرين لقمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت في يناير 2013، طلب المجلس التنفيذي إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي ”أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لتنظيم استفتاء لتقرير المصير لشعب الصحر اء الغربية وفقا لمقررات منظمة الوحدة الأفريقية وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة“. وهنا نلاحظ كيف ان التقرير ما زال يتحدث عن الاستفتاء في الوقت الذي كنا نعتقد انه أصبح متجاوزا بل الأخطر في ذلك ان الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأممالمتحدة حتى في سنة 2013 ما زالا يبحثان عن التدابير اللازمة لتنظيم استفتاء لتقرير المصير لشعب الصحراء الغربية دون ذكر المقترح المغربي المتعلق بمشروع الحكم الذاتي وهو ما عرى الاعيب الخطاب الرسمي . سادسا - الجوانب المالية يتبين من التقرير ان البعثة الأممية تعاني من أزمة مالية خانقة وهنا يطرح سؤال كيف لمنظمة تعاني من أزمة مالية خانقة ان توسع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بتندوف والصحراء اللهم اذا كان ذلك ذريعة نحو مراقبة الاممالمتحدة ثروات الطبيعية والمادية للصحراء وجعلها في خدمة الأجندة الغربية. سابعا - التحديات التي تواجه عمليات البعثة اعترف التقرير بتباين وجهات المغرب والجبهة حول مهام البعثة الأممية .فالمغرب يعرّف البعثة بأنها عملية عسكرية في المقام الأول لحفظ السلام يجري معظم عملها على امتداد الجدار الرملي، في حين أن جبهة البوليساريو تنتظر من البعثة أن تقوم برصد حالة رفاه السكان وحقوق الإنسان الخاصة بهم في جميع أنحاء الإقليم لذلك جاء في التقرير ان أحد الجانبين يؤكد أن البعثة تحاول إنجاز أكثر مما يلزم، بينما يؤكد الجانب الآخر أنها لا تقوم بما يكفي من العمل. والغريب والخطير ما جاء في فقرات محور التحديات في موضوع القلق المتزايد للبعثة عند حديثها عن العمليات العسكرية المتواصلة في شمال مالي من حيث تأكيدها على تخوف قادة جبهة البوليساريو خلال اجتماعاته م مع البعثة إمكانية تسلل إرهابيين. وما يترتب عليه على احتمال تسلل مسلحين، والثغرات التي تعتري تنسيق الأمن الإقليمي وهنا يبرهن التقرير انحيازه الكامل لأطروحة البوليساريو التي أصبحت تهدد الأمن الإقليمي قبل احداث مالي بل ان التقرير لم يخجل حين اعترف مرافقة قوات جبهة البوليساريو جميع الدوريات المتجهة نحو الحدود الموريتانية. ومن القضايا التي تضرب السيادة المغربية على أراضيه الجنوبية ما جاء في التقرير في موضوع الأعلام ولوحات الأرقام المغربية، بما تنطوي عليه من آثار سلبية على التصورات المتعلقة بحياد البعثة . وُأبلغت البعثة السلطات المغربية مرارا، عن طريق مسؤولين منهم وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام ومبعوثي الشخصي، بموقف الأممالمتحدة إزاء هاتين المسألتين . وفيما يتعلق بمسالة لوحات الأرقام، وجه المستشار القانوني للأمم المتحدة مذكرة شفوية إلى البعثة الدائمة للمغرب ويقوم المغرب باستعراض المسألتين وبدأ مناقشات مع ممثلي الخاص في مارس لإيجاد حلول عملية في هذا الصدد. وهم ما تم بالفعل حيث أزال المغرب الأ علام المغربية من فوق بنايات البعثة ومحيطها وأيضا ارقام السيارات السنة الماضية وهنا أبان المغرب عن قبوله وتنازله عن سيادته . ثامنا - الملاحظات والتوصيات استمرارا في التحيز لجبهة البوليساريو تحدث فقرات هذا المحور على مستوى الملاحظات والتوصيات على ضرورة التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، بما يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصير . ومن اهم ما جاء في التوصيات هو مسالة حقوق الإنسان التي اعتبرها التقرير انها ذات أهمية لأي حل للنزاع.وقد أشار التقرير ان المغرب يعتبر أن أنشطة المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان والمكاتب الجهوية التابعة له، والدعوات التي يوجهها إ لى المقررين الخاصين للأمم المتحدة تمثل آليات مناسبة وكافية لمعالجة المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان . وترى جبهة البوليساريو أن ثمة حاجة إلى آلية مستقلة لرصد حقوق الإنسان في الإقليم، مثلا من خلال إضافة أنشطة رصد حالة حقوق الإنسان إلى ولاية البعثة. والغريب هو ان التقرير يعرب عن استعداد جبهة البوليساريو عن استعدادها للتعاون مع هيئات الأممالمتحدة لحقوق الإنسان .، في حين انه يتجاهل كل مجهودات المغرب في هذا المجال.وقد عبر التقرير ان الحاجة إلى رصد مستقل وحيادي وشامل ومستمر لحالة حقوق الإنسان في كل من الصحراء الغربية والمخيمات اصبح أكثر إلحاحا،والاكيد ان هذا هو رغبة الجزائر والبوليساريو منذ سنوات لاجهاض كل تسوية لملف الصحراء. . وفي هذا السياق،وفي ضوء الجهود المتواصلة التي يبذلها روس، أوصى التقرير بأن يمدد مجلس الأمن ولاية البعثة مع زيادة متواضعة تتمثل في إضافة15 مراقبا عسكريا وستة من موظفي شرطة الأممالمتحدة إلى القوام المأذون به، وذلك لفترة 12شهرا إضافيا، حتى30 ابريل 2014 /وهو ما يفهم منه ان مجلس الآمن وبناء على هذا التقرير سيوسع من صلاحيات المينورسو وهو ما يتطابق والمشروع الأمريكي في هذا الصدد. يتبين من مقاربة التقرير الاممي ان العديد مما روجته بعض وسائل الاعلام وبعض السياسيين والأكاديميين حول المشروع لم ينطلق من التقرير كمرجعية بل قاموا بتمويل ما جاء فيه. وهناك فرق كبير بي تحليل التقرير وتأويله فمغرب دستور 2011 في حاجة الى كثير من التحليل وقليل من التاويل عكس ما نجد اليوم حيث يهيمن على الحقل الإعلامي والسياسي والاكاديمي الكثير من التأويل مقابل القليل من التحليل . وعليه ،وامام هذا المأزق تبقى كل الاحتمالات مفتوحة وان كان من الممكن للمغرب ان يقلب الاوراق على مستوى ديبلوماسية الربع ساعة الاخير بالأممالمتحدة عبر إدخال تعديلات على المشروع الامريكي او تمديد صلاحيات المينورسو حسب المادة 6 من ميثاق الامم الامتحدة أي دون توسيع صلاحياتها لمراقبة حقوق الانسان او منح المجلس الوطني لحقوق الانسان المغربي هذه المهمة .لكن مهما كان الحل المرقب على المغرب اعادة النظر جوهريا في كيفية تدبير ملف الصحراء وان يبتعد عن ارتكاب مزيد من الأخطاء التي يمكن ان تكون باهضة التكلفة . ملف الصحراء ملف معقد وضخم وعلى الدولة ان تختار مسؤولين كبار في مستوى هذا الملف وان تراهن على البعد الديمقراطي التنموي بالصحراء المبني على الحكامة والمساءلة واحترام حقوق الانسان،على المغرب ان يتعلم كيف يدافع عن ملف الصحراء في ظل المتغيرات والتحولات المتسارعة بعيدا عن وتصوراته ولغته المستهلكة حول شرعيته ومشروعيته على صحراءه .ان المأزق الخطير الذي وصلت اليه قصية الصحراء في حاجة الى مؤسسات ونخب متفاعلة مع الاحداث والمستجدات سواء من حيث العلاقة مع الخارج لتامين مستقبل المغرب الذي لا يخرج ما أزمة حتى يسقط في اخرى ولا يتجنب صدمة حتى يصاب بأخرى . [email protected]