بقدرِ الكدِّ تكتسبُ المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي ومن رام العلا من غير كد أضاع العمر في طلب المحال لعل هذا البيت الشعري وإن مر على نظمه السنين إلا أن روحه تأبى إلا أن تبقى شامخة شموخ النجوم في كبد السماء، أحببت أن ابتدأ مقالتي بهذا البيت الشعري لأنني وجدت فيها الغاية والسبيل لأوجه كلامي إلى بعض بني البشر راموا الشهرة في عير محلها واستبقوا أوانها وإن هم ليسوا بأهلها، في كل مرة يطل علينا قزم من الأقزام يحاول ما وسعه الجهد أن يفرضوا أسماءهم ويصنعوا لأنفسم مواقع وهم ليسوا بأهلها، متوسلين في ذلكم بالتجرؤ على قيم المغاربة وتاريخهم مستهدفين لا محالة حاضرهم ومستقبلهم. ما كنت لأخط هاته المقالة لولا ما أحسست به من قلق وغيض وحنق يقض المضجع، واعتبرتها(أي المقالة) جهادا وصدا لمنكر بدأ يستشري، كلما أراد أحد هؤلاء أن يملئ صفحات الجرائد والصحف إلا وسار على درب سابقيه وبحث في قيم المغاربة من توصله لغايته، ناسيا أن أوسع صحيفة وأدومها هي صفحات التاريخ التي لا تنسى، وأن الشهرة مهما سعوا إليها عن طريق التجرؤ على قيم المغاربة لن يصلوا وأن مسعاهم إلى خوار وزوال، فبين فنانة تتجرأ على القرآن وسياسي غايته ليس تجديد الدين وإنما تحجيم الدين، تارة باسم الحداثة وتارة أخرى باسم التقدمية، وفي كل مرة لا يعوزهم السبب. وحسبي هنا أن استشهد بمقولة ميرتشيا الياده في كتابه:" البحث عن التاريخ و المعنى في الدين" حينما يقول أن بعض التقدميين عليهم أن يفهموا أن الدين ليس طورا ما أطوار الحياة البشرية وإنما هو جزء لا يتجزأ من حياتهم، ولا يسع المقال والمقال وإلا لسردت كثيرا من الكلام، أختم مقالي وأقول أن من أراد الشهرة وأراد تصدر الجرائد والصحف عليه أن يبحث في طريق غير طريق التهافت على الدين وأن سفينة الدين أبت إلا أن تغرق كل ناعق يريد الشهرة باسم الدين إن في هذا الطرف أو ذاك، وحسبي أن أقول لهؤلاء راجعوا صفحات التاريخ وستجدون من أمثالكم كيف صاروا إلى زوال ولم يذكرهم التاريخ إلا بسوء تطاولوا واشتهروا لكن لحين، فالشهرة الحقيقة هي التي تكون بالكد والاجتهاد وتقديم المنجزات للبشرية أما أمثالكم فلا محالة ستلفظون ولن يبقى لكم أثر لا في صفحات التاريخ ولا حتى في ذاكرة الناعقين من أمثالكم لأنكم لو كنت تملكون الذاكرة لتعلمت من دروس التاريخ.