منذ وصول حزب العدالة والتنمية لرئاسة الحكومة بعد انتخابات 2011 بقيادة عبد الإله بن كيران، وحركة التوحيد والإصلاح الحليف الاستراتيجي للحزب تتحاشى الدخول في الكثير من الأحداث والوقائع التي تشهدها الساحة الوطنية، حتى وإن كان الموضوع يمسها بشكل مباشر، خاصة في الصراع السياسي الحزبي بين البيجيدي وباقي الأحزاب المناوئة له. حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال صرح في الكثير من المناسبات واللقاءات الحزبية أمام الصحافة والإعلام، بأن حكومة العدالة والتنمية يسيرها من خلف الستار، محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، التي بدورها تمثل فرعا للإخوان المسلمين حسب شباط. غير أن هذه الاتهامات وغيرها، كانت قيادة التوحيد والإصلاح لا تعيرها الكثير من الاهتمام، بل وتتجاهلها في الكثير من الأحيان، وكأنها تقول بأن الزعيم الجديد لحزب علال الفاسي، مجرد ظاهرة صوتية لا يستحق أن يلتفت إلى كلامه، شأنهم في ذلك شأن رئيس الحكومة الذي واجه شباط بالصمت لمدة طويلة. وبعد شباط، وما كان يردده قياديو حزب الأصالة والمعاصرة من اتهامات مشابهة للحركة بتدخلها في حزب العدالة والتنمية وفرض أجندتها على العمل الحكومي، والتي لم تنجح هي الأخرى في إثارة قادة الإصلاح، في خطة يسميها الإسلاميون ب"الاستدراج"، الذي حذر منه رئيسهم محمد الحمداوي في الكثير من المناسبات، مع الدعوة للتركيز على العمل الدعوي والمدني في الأماكن المعهودة. خيار يبدو أنه أعطى أكله في الكثير من المناسبات، حيث منح هذا الانسحاب الواعي الحزب هامشا أكبر لبناء الثقة مع أحزاب التحالف الحكومي دون أن يشوش عليه ويزيد في تعقيد مهمته انطلاقا من التحديات والصعوبات التي يواجهها في تنزيل ما وعد به من إصلاحات، والتي تواجه معارضة شديدة من طرف لوبيات الفساد التي تستفيد من الوضع القائم. الكاتب الأول للاتحاد الإشتراكي، إدريس لشكر، يصنع الحدث ويخرج قادة التيار الإسلامي عن صمته، بعدما دعا إلى مراجعة أحكام الإرث وتجريم تعدد الزوجات، في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر السابع للنساء الاتحاديات، ليلة الجمعة الماضية بالرباط. الرد لم يتأخر كثيرا، جريدة "التجديد" لسان حركة التوحيد والإصلاح، نشرت على الصفحة الأولى من عددها الصادر اليوم الإثنين، ردا لرئيسها محمد الحمداوي، اعتبر فيه دعوة لشكر "بئيسة ويائسة بالنسبة للشعب المغربي الذي حسم في ثوابته واختياراته الكبرى بمختلف المحطات وعلى مر السنين". موقف زعيم الاتحاد الاشتراكي الذي يصنف من بين الأحزاب المدافعة عن الحداثة، لا شك أنه سيثير الكثير من الردود المنتقدة له، خصوصا وأن دعوته تتعارض بشكل صريح مع النص القرآني، والتي لن يكون الإسلاميون المشاركون في اللعبة السياسية وحدهم من يعارضها، الأمر الذي من شأنه أن يفتح مواجهة جديدة بين التيار الإسلامي والتيار الحداثي العلماني، ستكشف الأيام القادمة الشكل والحدة التي ستأخذها.