في العاشر من محرم في كل سنة يحتفل المسلمون بذكرى عاشوراء مع اختلاف في الحدث المحتفى به، فبالنسبة للمسلمين السنة بحدث خروج موسى وأتباعه من مصر فرارا من بطش فرعون وجنده وبالنسبة للشيعة بذكرى ثورة الحسين رضي الله عنه واستشهاده في معركة كربلاء ،ويمتد هذا الاحتفال لأيام عديدة وبطقوس متنوعة بعضها تشمئز منه النفوس .وفي الوقت الذي يحتفل الشيعة بهذه الذكرى باعتبارها ثورة ضد الظلم فإنهم لا يجدون أدنى حرج في اتخاذ موقف رافض لثورة الشعب السوري بل أعلنوا تأييدهم للنظام السوري سياسيا وعسكريا حيث توجهت فيالق حزب الله من لبنان و أبو الفضل العباس من العراق والقدس من إيران إلى سوريا لمآزرته ،وكان لهم الفضل في بقاء النظام لحد الآن. إن هذا الموقف الشيعي يستدعي القيام بمقارنة بين ثورة الحسين و ثورة الشعب السوري لمعرفة حدود الاشتراك بينهما ومن تم حقيقة الموقف الشيعي. هناك ثلاث مواقف في ثورة الحسين يمكن مقارنتها بثورة سوريا وهي : الموقف الأول: رفض الحسين بن علي الإقرار بالواقع الذي فرضه معاوية بن أبي سفيان المتمثل في تولية ابنه الحكم بعد وفاته ،أي انه رفض ولاية العهد التي تبناها معاوية ضدا عن رغبة عموم الصحابة المتشبثين بحق الشعب في اختيار الحاكم عن طريق الشورى .وهذا الرفض أعلنه الحسين في عهد معاوية عندما رفض التصديق على قراره ، وتشبث به بعد وفاة معاوية وتولي يزيد الحكم. نفس الموقف اتخده السوريون برفضهم الإقرار بالأمر الواقع وهيمنة حزب البعث على السلطة، وخاصة أنهم لم يشاركوا في اختياره إنما جاء على ظهر الدبابة، وبشار الأسد لم ينتخبه الشعب وإنما ورث الحكم عن أبيه في تناقض صارخ وفاضح لمبدأ الجمهورية. الموقف الثاني: الحسين بن علي لم يكتف بالرفض السلبي الذي لا ينتج عنه عمل وإنما أعلن ثورته ضد النظام القائم ،بعد أن راسله أهل العراق مبايعين له على الثورة، فتوجه إلى الكوفة رافضا كل توسلات الصحابة لعدم المخاطرة والبقاء في مكة لإيجاد حلول ملائمة . الشعب السوري بدوره قرر في الأخير الانتقال من حالة الرفض السلبي التي كان يعيشها طيلة فترة حكم حزب البعث وخاصة في عهد بشار الأسد إلى حالة الرفض الإيجابي ،فخرج إلى الشارع مطالبا إرجاع السلطة إليه ومنحه حق اختيار حكامه بكل حرية. الموقف الثالث: تعرضت ثورة الحسين لقمع شديد من طرف والي الكوفة عبيد الله بن زياد ، الذي كان يملك عدة خيارات سلمية للتعامل مع ثورة الحسين وبالتالي الخروج بحال يرضي جميع الأطراف، لكنه فضل استخدام القوة المفرطة والتي كانت نتيجتها الرئيسية استشهاد حفيد رسول الله ص وأغلب أفراد بيته في أرض كربلاء الحارقة. ثورة الشعب السوري تعرضت بدورها لقمع شديد رغم سلميتها في بداية الأمر ، مما أدى إلى مقتل وجرح الآلاف ،كما تبنى النظام سياسة الأرض المحروقة في مواجهة الثوار الذين لجأوا إلى السلاح للدفاع عن ثورتهم فتحولت سوريا إلى كثلة من الأنقاض والخراب لم يفعل مثله الجيش الإسرائيلي منذ احتلاله فلسطين ، وهذه الحرب المعلنة على الشعب السوري لم تكن فقط من النظام وإنما انخرط فيها شيعة إيرانوالعراقولبنان الذين ولغوا في دماء السوريين مثلما فعل عبيد الله بن زياد وجنده. بالتالي ومن خلال هذه المواقف الثلاث نستنتج أن هناك تشابه كبير بين ثورة الحسين رضي الله عنه وثورة الشعب السوري ، إنهما ثورتين ضد الظلم عموما، وثورة الشعب السوري امتداد طبيعي لثورة الحسين رضي الله عنه. وهذا ما يجعلنا نؤكد أن الشيعة يعيشون حالة تناقض شديد ، عندما يؤكدون أنهم أتباع الحسين والمقتدون بسيرته العطرة، ولكن في الواقع العملي نجدهم يقتدون بسيرة عبيد الله بن زياد ويزيد بن أبي سفيان . فهم بدل أن يساندوا ثورة الشعب السوري باعتبارها امتدادا لثورة الحسين وجدناهم يؤيدون النظام السوري والذي يشكل امتدادا لنظام يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. والسبب المفسر لهذا الموقف واضح وهو التعصب الطائفي المريض الذي يعمي الأبصار عن رؤية الحقيقة كما هي، فمادام النظام ينتمي إلى الطائفة الشيعية (وهنا لا يهم مدى التزامه بآراء ومبادئ هذه الفرقة ) فلابد من مآزرته ومساندته حتى و إن كانت سيرته في تناقض كامل مع سيرة الحسين بن علي رضي الله عنهما و آل بيته.