تنتعش صناعة النبيذ حاليا في المغرب الذي يعد أكبر منتج للنبيذ في العالم العربي. وتخصص 37 ألف فدان حاليا لزراعة العنب أو الكروم المخصص لإنتاج النبيذ في بلد يوفر فيه الطقس المعتدل والمناطق المرتفعة ظروفا مثالية لنمو الأنواع الجيدة من العنب. وقال عبد العزيز الكوان، مسؤول ضيعة كروم بمنطقة بوفكران في ضاحية مكناس، "تطورت هذه الصناعة في المنطقة وأصبح إنتاجها يضاهي إنتاجها في بعض المناطق في أوروبا"، مضيفا "نحن نجلب أنواعا من العنب من خارج الوطن التي تبين أنها صالحة لهذه المنطقة وتعطي مردودية كبيرة وجودة عالية بالنسبة لصناعة العنب من بعد وهذا جعل المنطقة تزدهر فيها هذه الزراعة". وثلاثة أرباع إنتاج المغرب يغلب عليه النبيذ الأحمر و20 في المئة الوردي (روزيه) والبقية من النبيذ الأبيض. وتقع غالبية مزارع الكروم أو العنب في المغرب بمنطقة مكناس على بعد نحو 140 كيلومترا شرقي الرباط، وهي ذات المنطقة التي كان يزرع فيها الفينيقيون والرومان العنب قديما. وبلغ إنتاج المغرب من النبيذ ذروته إبان حقبة الاستعمار الفرنسي حين زرعت أنواع عديدة من العنب لتلبية الطلب الفرنسيين المقيمين في البلاد. والآن تعتبر شركة "ليه سيلييه دي مكناس" (أقبية مكناس) من أشهر شركات إنتاج الخمور في المغرب حيث تنتج زهاء 70 في المئة من النبيذ المغربي. وتنتج تلك الشركة أنواعا عديدة من النبيذ منها نبيذ "كابرنيه سوفينيون" و"ميرلون" و"سيراه" و"ميرلو" و"شاردونييه"، وتقول أنها تستخدم أحدث التكنولوجيا لإنتاج النبيذ لإرضاء قطاع عريض من الأذواق المختلفة. وقال مدير الإنتاج في الشركة، زهير بن عمر، "نتوفر على أراضي لها خاصيات متعددة"، مضيفا "بالنسبة لنا التكنولوجيا ليست وسيلة للحصول على منتوج عادي أو منتوج عصري لأننا نسخر هذه التكنولوجيا لإبراز الخاصيات التي تتميز بها أراضينا"، وتابع "ولهذا فإننا نحرص على تطوير كرومنا لأن لدينا إمكانات عالية لإنتاج خمور تساير كل الأذواق والبلدان والثقافات لكن في نفس الوقت دون أن نتنكر لثقافتنا الخاصة بنا". وفي نهاية القرن التاسع عشر دمرت آفات زراعية الكثير من مزارع الكروم في أوروبا. لكن حين وصل مزارعو الكروم الفرنسيون إلى المغرب اكتشفوا تنوعا فريدا في التربة ومناخا معتدلا وهي ظروف مثالية لنمو العنب. ويبيع المغرب حاليا ما يزيد على 40 مليون زجاجة خمر سنويا في السوقين العالمي والمحلي، وتتطلع صناعة الخمور في المغرب الآن للتوسع ويتمنى كثير من المنتجين في أن تنضم بلادهم إلى شيلي وكاليفورنيا وجنوب إفريقيا كأحد أكبر منتجي النبيذ في القرن الحادي والعشرين. وقال مدير التسويق الاستراتيجي بالشركة، عمر مونقشي، الذي عاد في الآونة الأخيرة من رحلة عمل بالولاياتالمتحدة "في الولاياتالمتحدة هناك اهتمام كبير من طرف المستهلكين بمنتوجنا"، مضيفا "لديهم رغبة كبيرة لاستكشاف منتوجات مختلفة"، وتباع "اليوم، هناك أسواق جديدة كالصين أو اليابان التي تهتم بمنتوجاتنا بالإضافة إلى الأسواق التقليدية كفرنسا وبلجيكا وهولندا"، وقال أيضا "نحن من جهتنا نهتم كثيرا بهذه الأسواق الجديدة وأعتقد أننا نتوفر على إمكانيات هائلة لتلبية كل الطلبيات في المستقبل". ويعمل زهاء 10 آلاف مغربي بشكل دائم في صناعة الخمور بينما تعمل أعداد كبيرة بشكل موسمي أثناء موسم حصاد العنب.