أوضح المحلل السياسي المعطي منجب أن خطاب محمد السادس للأمة في 20 غشت سيدخل التاريخ بوصفه الأكثر إثارة للجدل من الخطابات التي ألقاها الملك منذ اعتلائه العرش عام 1999. وأشار المؤرخ المغربي أن الملك أشاد بمشروع وزير التربية الوطنية السابق الذي ليس سوى الرئيس السابق لحزب الأصالة والمعاصرة. هذه الانتقادات رأى فيها منجب أنها ليست فقط خروجا عن دور الملك الدستوري كحكَم ولكن يمكن للمواطن المتتبع لما يجري في البلاد أن يدرك أن هذه الانتقادات لا أساس لها لأن الحكومة واصلت تقريبا نفس السياسة في التعليم. نص الحوار ما هي قراءتك كمحلل للخطاب الملكي ل 20 غشت 2013 ؟ خطاب محمد السادس للأمة في 20 غشت سيدخل التاريخ بوصفه الأكثر إثارة للجدل من الخطابات التي ألقاها الملك منذ اعتلائه العرش عام 1999، أنا أجيب على سؤالك كمحلل وليس كمواطن ملتزم بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان أي سأحاول أن أكون موضوعيا ما أمكن. إن أي مراقب موضوعي سيلاحظ أن الرأي العام المغربي يمكنه وضع تصريحات الملك وانتقاداته لسياسة الحكومة، وخصوصا في التعليم والتربية الوطنية يمكن وضعها في فم زعيم لحزب الأصالة والمعاصرة، فالملك أشاد بمشروع وزير التربية السابق الذي ليس سوى الرئيس السابق لحزب الأصالة والمعاصرة. هذه الانتقادات ليست فقط خروج عن دور الملك الدستوري كحكَم ولكن يمكن للمواطن المتتبع لما يجري في البلاد أن يدرك أن هذه الانتقادات لا أساس لها لأن الحكومة واصلت تقريبا نفس السياسة في التعليم. وعلى أي حال فالملك كرئيس لمجلس الوزراء كان يمكنه أن يعارض أي مبادرة من وزارة التربية والتعليم خلال العشرين شهرا من وجود حكومة بنكيران. التفسير الآخر الذي قد يكون الجمهور أعطاه للخطاب هو أن رئيس الدولة يؤيد قرار شباط الانسحاب من الحكومة فقد تركز نقده على أعمال الوزير محمد الوفا وهو الوزير الاستقلالي الوحيد الذي رفض الاستقالة في أعقاب قرار شباط. مثل هذا التفسير هو أكثر ضررا لصورة الملك، فالملك لم يكتفي بمهاجمة سياسة الحكومة الحالية بعنف بل مشيدا في الوقت نفسه بالحكومة السابقة ومتدخلا في الشؤون الداخلية للأحزاب. هذه زلة، والتي تأتي بعد زلة أخرى هي العفو عن دانيال جالفان . هاته الأخطاء تبعد الملكية عن النخبة المغربية الأكثر نشاطا على المستوى المدني والسياسي وأنا لا أتحدث هنا عن المقاولين السياسيين بل عن أولئك الذين يناضلون من أجل ملكية برلمانية ودولة تحترم القانون و حقوق الإنسان سواء كانوا يساريين، ليبيراليين أو إسلاميين معتدلين. مثل هذه المواقف تضع الملك في الخط الأمامي أي على جبهة النار ودون وقاية، وهو أمر خطير للنظام والاستقرار على المدى الطويل في البلاد. ومن الضروري أن نعلم أنه في حالة مواجهة سياسية مفتوحة الأجهزة الأمنية وبعض الزاويا فقط ستدافع عن الملكية المطلقة، لأن الأحزاب المخزنية لا مصداقية لها فلا يمكنها تعبئة الشارع، ورأينا ذلك خلال مظاهرات 20 فبراير، النظام اضطر إلى اللجوء إلى الزاوية البودشيشية .ثم أن هذه النخبة التي تؤيد أي قرار من الملك تتكون أساسا من الانتهازيين الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم. وهل من تداعيات للخطاب الملكي على العمل الحكومي بصفة عامة؟ بالنسبة للأزمة الحكومية، نعلم أنه منذ نهاية 2011 المغرب يحكمه تحالف ثنائي بين القصر والاسلاميين الممثلين في حزب العدالة والتنمية، والقصر لم يتدخل لحل الأزمة الحكومية منذ شهور، وهو ما يعرقل الأداء الحكومي ويمكن تفسيره كوسيلة لمنع الحكومة من الشروع في إجراء إصلاحات عاجلة وعدت بها الناخبين، كما يضعف صورة النظام الملكي في صفوف المواطنين. بعيدا عن الشأن المغربي، لماذا في نظرك قوى مغربية أيدت الانقلاب العسكري على رئيس ديمقراطي في مصر؟ فيما يتعلق بمصر، أرى أن جزءا من النخبة السياسية المغربية يدعم النظام الجديد فقط لأنه فكريا ضد الإخوان المسلمين. والاخوان أعطوا حياتهم ثمنا للشرعية الديمقراطية منذ 30 يونيو. وكان على القوى الليبرالية أن تذهب معها نحو إستعادة الشرعية عوض الاستقواء بالعسكر الذين هم ضد كل ديمقراطية سواء كانت لصالح اليساريين أو الليبراليين أوالإسلاميين لأن كل سلطة منتخبة من السكان أو جزء كبير من السكان لا يمكن إلا أن تحقق مصالح اولئك الذين انتخبوها. ومع ذلك، فان المؤسسة العسكرية المصرية هي قوية سياسيا داخل المجتمع لأن العسكر وغيرهم من قوات الأمن ومع أفراد أسرهم يشكلون عدة ملايين من المصريين، أي جزء كبير من الثلاثة ملايين من المتظاهرين في 30 يونيو. هذا الانقلاب العسكري حضي بقبول اسرائيلي وغربي لإنه قيل أن الهدف منه هو مكافحة الارهاب. سلوك الاخوان المسلمين في السلطة كان بوجه عام أسوء سلوك, عزلوا أنفسهم عن جميع حلفائهم الموضوعيين في ارساء الديمقراطية ... ولكن خصومهم قاموا بالأسوأ بالتحالف مع العسكر بزعامة عبد الفتاح السيسي. والمتظاهرون في 30 يونيو أرادوا التصويت بأقدامهم عوض الصناديق ضد الرئيس المنتخب، وهم بذلك قاموا بسحق الديمقراطية الوليدة. باختصار أود أن أقول أن ديمقراطية ناقصة خير من ديكتاتورية مكتملة.