هاجم سلمان بونعمان، الكاتب والباحث في العلوم السياسية والفكر الإسلامي، العقلية العربية الاختزالية ومنهجها التسطيحي في قراءة التجارب النهضوية، وتقزيمها في جانب واحد دون غيره، واستشهد على ذلك من التاريخ العربي الحديث والمعاصر، من خلال تجارب محمد علي باشا وجمال عبد الناصر وصدام حسين، الذين لم تمكنهم عقلياتهم "العسكرتارية" من استيعاب أن النموذج النهضوي نموذج حضاري شامل، فكان مصير محاولاتهم النهضوية الفشل عندما ركزت على الجانب العسكري وتناست باقي الجوانب، يورد المتحدث. وقال بونعمان، إن العقلية العربية لم تتخلص بعد من هذا الداء، فالعقل العربي في تعاطيه مع تجارب جنوب شرق آسيا يقزم النموذج في الجانب التقني والآلي، ويغيب السياسي والثقافي. وأضا مؤلف كتاب "أسئلة دولة الربيع العربي"، أن جيل العولمة في العالم العربي صنع معجزة من منطلق سنني، وقال أن التغييرات التي يشهدها العالم العربي الآن جد معقدة ويمكن أن تأتي بأي نتائج، ومفتوحة على جميع الاحتمالات، وشدد على أن الربيع لن ينجح من دون ثورة ثقافية روحية قيمية في العالم العربي، مع الانتباه إلى جوهرية قضايا التعليم والمعرفة في سؤال التنمية، تنمية لن يصنعها الفساد، فلا تقدم مع الظلم والفساد، ودولة التبعية لا تصنع نهضة. وفي ذات المحاضرة التي ألقاها الحائز على جائزة أصغر مفكر في العالم العربي ،ضمن فعاليات أكاديمية أطر الغد، التي تقيمها منظمة التجديد الطلابي، حول "قوة العلم والمعرفة والاقتصاد رحلة إلى نهضات"، حذر بونعمان من عقدة الانبهار تجاه النماذج النهضوية لدول الشرق الآسيوي، التي تضع حواجز أمام إدراك كنه هاته التجارب النهضوية وعزل إيجابياتها عن سلبياتها، وهو أمر تكرره العقلية العربية بعد عقدة انبهارها بالغرب، التي أورثتها التبعية والاستيلاب، عكس تجربة اليابان التي استلهمت روح الحداثة من الغرب دون الانبهار به، وعمدت إلى التحديث لا التغريب، وكان وراء ذلك الفكر الإصلاحي لمفكريها وفلاسفتها، وهو ما لم تحذ حذوها فيه دول العالم الإسلامي، رغم انفتاحهما المتزامن على الحداثة الغربية. وأكد بونعمان أن فهم النموذج الياباني يستلزم العودة إلى تاريخه قراءة، وحسب تحليله يعتبر نموذجا تراكميا عي صنع النهضة، ابتداء من القرون 16و 17 و18 خلال عهد الطوكوجاوا، حيث خاضوا معارك ضارية مع الأمية، وانكبابهم خلال مرحلة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية التي فرضوها على أنفسهم تحصنا من التنصير، على نشر الأدب والفلسفة والعلوم من خلال الانفتاح الدقيق والمشروط على الجوانب العلمية للدول الأكثر تقدما، قبل أن يدشن الامبراطور الميجي خلال القرن العشرين مرحلة جدية من الإصلاح والبناء، من خلال توجيه الجهد للإصلاحات السياسية العميقة، وتعميق ثقافة تقديس العمل، والابتعاد عن النزعة الإمبراطورية الامبريالية التي دفعت اليابان ثمنها، ومع ذلك استطاعت النهوض من جديد والانطلاق نحو تجربة نهضوية رائدة بعد مرحلة 1945.