من المؤكد أن الإدارة الأمريكية ضالعة في الانقلاب العسكري الذي حدث أخيرا بمصر ، ولا يمكن القبول إطلاقا بكونها بريئة من الانقلاب على الشرعية الدستورية براءة الذئب من دم يوسف . لكنها كانت تترقب الوضع وتصدر تصريحات صحفية ماكرة ، بعدما دفعت "السيسي " إلى عض اليد التي رفعت من مكانته وقدره ورقته إلى فريق اول ليصبح القائد العام للقوات المسلحة المصرية ، لذلك فلا يرجى خير من هذا الرجل خصوصا وانه لايفقه في السياسة قيد أنملة، وأصبحت يداه مخضبة بدماء الشهداء الذين سقطوا أمام نادي الحرس الجمهوري والنصب التذكاري... وربما أغرته التبجيلات وأغوته الإغراءات وتسلل إلى قلبه مرض "جنون العظمة" ، وبدأت تساوره أوهام الزعامة الملهمة.. لم نسمع في التاريخ ولا في "الجغرافيا" أن قائدا عسكريا يطلب من شريحة من الشعب النزول إلى الميادين لكي يمنحوه تفويضا وامرا لمحاربة ما أسماه ب"الإرهاب والعنف المحتمل", وبالطبع هو يريد تفويضا لسحق الشريحة الواسعة من الشعب المعتصمة بميدان رابعة العدوية والنهضة وميادين واخرى..وبشكل أوضح يريد محو التيار الإسلامي من الخريطة السياسية المصرية، من أجل إرضاء الإدارة الامريكية والكيان الصهيوني ،ومن أجل ذلك قام الفريق "السيسي " بهدم جميع الأنفاق وأغلق معبر رفح من اجل تجويع شعب غزة وضرب المقاومة الفلسطينية ، وترجيح كفة المطبعين مع إسرائيل من حركة فتح والسلطة الفلسطينية. وما فضيحة اختراق إسرائيل للمجال الجوي لمصر وإطلاق صواريخ لقتل 4أشخاص من الجهاديين المصريين ، إلا دليل على أن "السيسي " أصبح يلعب على المكشوف ، ويعطي إشارات قوية للإدارة الأمريكية المتصهينة بأنه الرجل القوي بمصر الذي يمكن الاعتماد عليه وسيكون أستاذا لحسني مبارك في خدمة الأجندة الصهيونية . الفريق"السيسي" كعسكري المفروض فيه التدخل فقط في حدود وظيفته العسكرية المتعلقة بحماية الحدود وحماية الأمن القومي ، لذلك فعندما خرج عن هذا النطاق بانقلابه المشؤوم استغل القوة التي بيده وتنكر للخيار الديمقراطي الشعبي ، وانكشفت اوراقه وافتضح أمره، وأراد أن يوهم المنتظم الدولي انه قام بانقلابه نزولا عند رغبة "الشارع المصري" وأن العسكر تدخل حماية للمسار الديمقراطي . فانظروا إلى هذه الشخصية الغريبة فعلا.. طلب تفويضا بقتل الشعب ، وطلب تدخل أمريكا للضغط على جماعة الإخوان المسلمين وعاتب أوباما على عدم الاتصال به ، وعندما زار عضوان من مجلس الشيوخ الأمريكي مصر واعترفا بأن ماقام به الجيش يعد انقلابا عسكريا لايحتاج إلى نقاش "فالذين انتخبهم الشعب يوجدون في السجن، والفاشلون في الانتخابات يحكمون" أضاف "ماكين" المسؤول الأمريكي الكبير قائلا:" إذا كان هناك ما يمشي مثل البطة ويصدر صوتا كالبطة فهو بطة إذن" في إشارة إلى رفضه البحث عن تسمية الانقلاب بتسمية أخرى، الأمر الذي أثار غضب الفريق السيسي وفرقته ، ووصف مستشاره الإعلامي أو "صحاف مصر " تصريحات المسؤولين الأمريكين بالخرقاء وانها تدخل في الشأن الداخلي لمصر ..، ولقد كانت فعلا لكمة قوية ل"السيسي" وجماعته من النخبة الإقصائية الاستئصالية ، تنضاف إلى لكمة أخرى تلقاها من المستشار السعودي الذي طالب بإعادة د مرسي الرئيس الشرعي لمصر. لذلك يمكن القول إن الإنقلابيين يترنحون الآن ، رغم محاولتهم الظهور بمظهر التماسك والقوة والنصر، غير انهم يبطنون الانكسار والهزيمة أمام السيل البشري الكبير الذي يتزايد يوما بعد يوم رفضا للانقلاب على الشرعية ولعودة النظام البوليسي السابق بمسحة وإخراج جديدين. ما يدعو إلى الاستغراب في خضم الأحداث المتوالية في مصرهو تحول عدد من النخبة المصرية التي كنا لا نشك في مصداقيتها وموضوعيتها إلى أبواق شرسة للدفاع عن الانقلاب وعن أكذوبة "30 مليون مصري" التي خرجت يوم 30 يونيو 2013، والمشكلة أننا نتابعهم بالجزيرة يلوكون نفس الخطاب التضليلي، كانه ابتلعوا أسطوانة واحدة . ولا أخفيكم شعوري بكونهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم يدافعون عن الباطل ، لكن اللوتة الإيديولجية وكرههم للتيار الإسلامي ...أعماهم عن الدفاع عن الحق والحقيقة، هذه الاخيرة التي رأينا ها ساطعة على وجوه مثقفين وإعلاميين آثروا قول الحق وانحازوا إلى النبض الحقيقي للشارع المصري من قبيل الكاتب الكبير وائل قنديل ، د محمد الجوادي ، د جمال نصار، دحاتم عزام، د نيفين وملاك ، د البشير عبد الفتاح ، د سليم عزوز...هؤلاء هم فرسان الحق والحقيقية الذين يستميتون في الدفاع عن الخيار الديمقراطي وعن الشرعية الدستورية وفق منطلقاتهم الفكرية النقية المتشبعة بالقواعد الديمقراطية، والذين امتعونا عبر قناة الجزيرة بكلام دامغ وقوي , وتركوا سفراء الإنقلاب تائهين في دوامة مفرغة..لا قوة في كلامهم ولا حجة في دفاعهم ...أكثروا في التضليل فتملكهم الضلال.. سيذكر التاريخ لهؤلاء الشرفاء من المفكرين والمثقفين والإعلاميين ..الذين رغم اختلاف العديد منهم مع التيار الإسلامي ، ابلوا البلاء الحسن في دفاعهم عن الثورة الحقيقية ليس الثورة المهربة من قبل السيسي وفلول النظام السابق واصحاب الفكر الشمولي...ويذكر لهم دفاعهم عن الديمقراطية كخيار أوحد للحفاظ على إرادة الشعب وكرامته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.