كلما تفاقمت الأزمة المصرية،نتيجة لعبة شد الحبل من هذا الطرف أو ذاك،كلما بدأت نذر حرب أهلية تطل برأسها في بلاد المحروسة، فها هو رأس الطغمة الانقلابية الجنرال" السيسي" ، يدعو المصريين إلى الخروج إلى الشارع لمنحه شرعية قتل المدنيين المصريين المسالمين. السيسي يدعو الشعب المصري للنزول إلى الشارع في الجمعة الثالثة من رمضان، بحجة منحه تفويضا لتوجيه فوهات المدافع إلى صدور القتلة الإرهابيين،وهم في نظره ،ليسوا سوى المصريين المعتصمين سلميا في ميدان رابعة العدوية وميادين أخرى في شتى أنحاء البلاد، الذين يطالبون بعودة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إلى منصبه، وبعودة الشرعية والمجالس المنتخبة الأخرى إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب العسكري ،الذي نفذه قائد هيئة الأركان ووزير الدفاع المصري الجنرال عبد الفتاح السيسي، وذلك بمباركة من لدن شيخ الأزهر ومن طرف غبطة بابا الأقباط تواضروس الثاني ،ومن جانب من أصبح يشكل نائبا "للرئيس المصري الجديد" للعلاقات الخارجية محمد البرادعي. دعوة الانقلابي العسكري المصري السيسي هذه، تعتبر بمثابة إعلان للحرب الأهلية في بلاد الكنانة، فاعتبارا من هذه الليلة قد يسمع العالم عن أنباء عن تفجيرات هنا وهناك ضد أهداف حساسة ومنتقاة في مصر، وذلك بإيعاز من السيسي نفسه،لأنه وجد نفسه وحيدا معزولا في مصر، بعد أن اعتكف شيخ الأزهر في منزله ، وبعد أن عاد البابا القبطي إلى خلوته في كنيسته، عقب مشاركتهما في تنفيذ جريمة الانقلاب العسكري ضد رئيس شرعي منتخب من طرف عشرات الملايين من أبناء الشعب المصري وحرائره بشكل ديمقراطي، وبعد أو رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حتى مجرد الاستماع أو الحديث إلى البرادعي. السيسي وجد نفسه وحيدا مذموما على حافة مزبلة التاريخ، وذلك بعد أن تخلى عنه القريب والبعيد، وبعد أن تخلت عنه الدول العربية التي شجعته على الانقلاب ضد قائده الأعلى المنتخب. فلعله جدير بالذكر التنويه بكلمات الدكتور فيصل القاسم في حلقة هذا الأسبوع من برنامج الاتجاه المعاكس، والمتمثلة في قوله "إن مزبلة التاريخ لم تعد تستقبل أحدا من الطغاة، وذلك بدعوى أنها قد امتلأت بالكثير منهم، ومن أتباعهم وأعوانهم". خلاصة القول، هل يا ترى يمكننا أن نعقد بعض أوجه الشبه بين دعوة السيسي في مصر إلى الحصول على تفويض للفتك بالمصريين العزّل المعتصمين سلميا في ميدان رابعة العدوية، وبين الفعلة الشنعاء للعميد السوري عاطف نجيب، إبن خالة الطاغية بشار الأسد، في سوريا، والذي اقتلع أظافر الأطفال السوريين لمجرد أن أصابعهم الندّية كتبت على بعض جدران مدارسهم "إجاك الدور يا دكتور"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"؟! الكل يعرف أن بلاد الشام اشتعلت ولا تزال تشتعل ،انطلاقا من سوء تصرف من ابن خالة الطاغية بشار الأسد في درعا ببلاد الشام، فماذا سيحدث يا ترى في بلاد الكنانة في هذه الجمعة التي ينادي فيها السيسي المصريين إلى النزول إلى الشارع؟ وهل بدأت مصر بالانزلاق إلى مستنقع الحرب الأهلية؟
نأمل أن يخيب المصريون أمل السيسي ومن معه من سماسرة السياسة، ويخرج ليس استجابة لدعوة السيسي ومن معه ، ولكن صدحا بكلمة الرفض المدوية في وجهه ،أو على الأقل الكف عن الخروج ذلك اليوم، لعل السيسي يكف عن حشر أنفه في السياسة ، والالتفات إلى المهمة التي من أجله دخل سلك العسكرية أصلا ، وهي حماية مصر من العدو الخارجي محاربتة، وليس محاربة أبنائها من الأحرار والشرفاء.