لم تستطع اليابان بعيدة الحرب العالمية الثانية أن تتصالح مع ماضيها الاستبدادي والاستعماري وواقعها الاجتماعي والسياسي الا بتخلي الامبراطور الياباني هيروهيتو عن ألوهيته في سبيل بناء دولة قائمة على العقلانية بدل الأساطير والقانون مكان المزاجية والذاتية وهذا ما يمكن اختصاره بالديموقراطية. وفي غياب نظام سياسي عادل لا يمكن اختزال الديمقراطية في بعض مظاهرها السطحية كالتعددية الحزبية ووجود بعض المؤسسات الدستورية الصورية ، وهذا ما يبرر أن المؤسسات المخزنية التقليدانية – التي تتسرب اليها قيم الديمقراطية بعد - لم تستطع تخمين ردود فعل الشارع المغربي لكونها تنطلق من معارف قبلية مغلوطة عن مواطن مهادن ومداهن للسلطة ويقبل كل قرارتها مهما كانت طبيعتها بشكل قدري لكونه يقتات من مخلفات قنواتها الإعلامية في سعيها لتشكل متلقي مستكين ومدجن ، من هذا المدخل يمكن فهم هذا التدخل السادي للأجهزة الامنية - وهي الدراع القمعي للمخزن - في حق المشاركين في الوقفة السلمية أمام البرلمان دفاعا عن الطفولة وضد الإفلات من العقاب ومن أجل قضاء نزيه ومستقل ، وهذه المطالب لا يمكن تحقيقها في ظل تمركز السلطة في يد الملك وحيث اصبحت اجهزة الدولة تنزاح اكثر نحو السلطوية واللجوء الدوري نحو المعالجات البوليسية لكل ازمة او موقف سياسي ، لكن السؤال الذي يلح علينا الآن هو هل فعلا الملك مسؤول عن اطلاق سراح المغتصب الاسباني ؟ وإذا كان الامر كذلك فما هي الحلول الممكنة ؟ باختصار يتحمل الملك الجزء الاكبر من المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية سواء بتوقيعه الشخصي على العفو او لسوء اختيار الموظفين المؤهلين للإشراف على هذه الالية الدستورية التي يتم استدعائها قصد تحقيق السلم الاجتماعي والسياسي بتحرير المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي وليس من اجل استفزاز مشاعر أصحاب الحقوق وكافة المواطنين الشرفاء ، والحل الوحيد المتبقى لاستدراك هذه الخطيئة في حق كل المغاربة وشرفهم هو اعتذار الملك للشعب المغربي وهذا ما قد يحسن من صورة المؤسسة الملكية ويجعلها قريبة من نبض وتطلعات المغاربة وسيظهر أن العفو كان خطا بشري وغير مقصود ، إضافة الى محاسبة كل من أشرف على هذه العملية المشينة بالإقالة أو المحاكمة العادلة ، وكذلك الإعلاء من سلطة القضاء واستقلاله بعد تطهيره من المرتشين والمفسدين الى جانب الدور الحيوي المطلوب من المجتمع المدني بمتابعة المجرم دنيال في المحاكم الاسبانية ثم جعل هذه القضية مرتكزا للدفاع عن الطفولة من كل أنواع الاعتداء الفيزيائي او الرمزي. وجميع هذه الخطوات تبقي اجراءات مؤقتة لجبر مشاعر المواطنين ، اما المأمول هو تعديل الدستور بما يحقق ملكية برلمانية حقيقية تقلص من نفوذ المؤسسة الملكية عن المجالين الاقتصادي والسياسي وجعل منصب رئيس الحكومة يتحمل المسؤولية الفعلية أمام المحاسبة الشعبية. http://www.facebook.com/said.achahou استاذ مادة الفلسفة ومشارك في الوقفة السلمية بالرباط وأب قبل ذلك