بحضور ثلة من الباحثين المغاربة والفاعلين في القطاع الصحي ، نظمت منظمة التجديد الطلابي اليوم السبت ندوة وطنية بمقر الهيئة الوطنية للاطباء بالرباط تحت عنوان أنسنة الممارسة الطبية المرتكزات والواقع . وفي هذا الاطار استعرض الدكتور محمد غوثي الأغضف الخبير في المجال السياسة الصحية بالمغرب ن جمل من المعايير المحددة لتقيم اي سياسية صحيتة وطنية، حيث ابرز وجود اربعة معايير اساسية لتقيم اي سياسة صحية معينة، وهي أولا التوفر على البنيات التحتية الاساسية ،وثانيا التوفر على التجهيزات والمعدات الطبية الاساسية ، ثم ثالثا التوفر على الاطر الصحية ، التي لايجب اختزالها في الطبيب لوحده يقول الغوتي مضيفا بل يجب ان تشمل العملية كل المتدخلين في العملية الصحية ،بمن فيهم الممرضين والتقنيين و الامن الخاص والإسعافات..، فهي منظومة متداخلة ومتنوعة. اما العنصر الرابع يقول الدكتور الغوتي فهو المرتبط بجودة الخدمات الطبية المقدمة من لدن الاطقم الصحية ن مضيفا ان هذه المعايير الاربعة يجب ان تشتغل بتجانس فيما بينها لنتحدث عن وجود انسنة مهنة الطب . في المقابل، انتقد الدكتور الغوتي الممارسة الطبية الحالية المرتكزة على التشيئ عوض الانسنة نحيث قال " ما نلاحظه هو ان الممارسة الطبية بالمغرب تتجه بشكل ملحوظ نحو التشييء بفعل التطور المتسارع للمجال التكنلوجي والعلمي ،اي الى المنتوج عوض الانسان ." واضاف الخبير المغربي ان الطبيب "اصبح بفعل الاكراهات المادية والتطورات التكنلوجية متعلقا بالمرض اكثر من ارتباطه بالمريض ، اي الاهتمام بالمرض كشيء مستقل عن الانسان ". وأكد ان صاحب مهنة الصيدلي اصبح يهتم فيها بالدواء اكثر من اهتمامه بالانسان ، فهناك انزلاقات أخلاقية في مجال مهنة الطب عن وضيفتها الاساسية والسامة يضيف الخبير المغربي . كما استعرض الغوتي المراحل التاريخية التي مرت منها السياسة الصحية بالمغرب. فقبل الاستعمار ارتبطت الممارسة الصحية في المغرب بالقيم السائدة التي تنهل من الهوية الاسلامية ، والتي تركز على قيمة الرحمة ، لكن مع دخول المستعمر للمغرب قول الغوتي ، ستكون هناك قطيعة مع هته القيم السائدة ، مضيفا ان الطبيب سبق الجندي المحارب في عملية التوغل الاستعماري بالمغرب ، بحيث ان الطب كان ادات من ادوات للتوغل السلمي داخل المجتمع. وأشار إلى أن المستعمر عمد الى محاربة الامراض الفتاكة كالطاعون ليس حبا في سواد عيون المغاربة ، بل يندرج الامر في اطار هدف مركزي هو حماية المستعمرين الذين استوطنوا في المغرب وتحفيزهم على الاستقرار . الدكتور الغوتي انتقل في استعراضه للتطور التاريخي الى فترة الاستقلال حيث اعتبر ان اول محاولة لوضع سياسة صحية مغربية تقطع مع النموذج الاستعماري الفرنسي ، كانت في سنة 1959 في عهد الملك الراحل محمد الخامس ، مضيفا ان هذه الفترة ستمتد الى حقبة الثمانينات حيت سيخضع المغرب لاملائات صندوق النقد الدولي ، وسيعمد الى تطبيق برنامج التقويم الهيكلي . ومنذ الثمانينات، يقول الغوتي، الى الآن ، ورغم التغيرات التي تطرأ على الاستراتيجيات الموضوع من طرف وزارة الصحة ورغم تغير الوزراء ، فان عمق المضمون ما زال خاضعا لبرنامج التقويم الهيكلي ولاملاءات صندوق النقد الدولي ، موضحا كمثال على ذلك مبادرة وزارة الصحة الحالية في فتح تحرير المجال الصحي للقطاع الخاص. الخبيرالمغربي في مجال السياسات الصحية ختم مداخلته بالقول "الانسنة لا يمكن ان تكون في بلد بدون علم ، والعلم لا يمكن ان يكون بدون أخلاق ، والاخلاق لا يمكن اتكون بدون سلوك..". من جانبه، اكد الدكثور سعد الدين العثماني خلال هذه المحاضرة على ان مفهوم "الأنسنة" مرتبط اساسا بالاخلاقيات الطبية ، فهو تخصص كاي تخصص مهني آخر وليس ترفا للنقاش فقط يقول العثماني ، مضيفا لا يوجد اليوم اي مستشفى متقدم على المستوى العالمي لا يمكن ان تجد فيه لجنة أخلاقيات الممارسة ، ولجنة أخلاقيات البحث العلمي . وأكد أيضا ان عنصر الاخلاق هو المشترك الانساني الذي يوحدنا نحن البشر، نختلف في العقيدة لكننا نتوحد في الاخلاق الانسانية يضيف العثماني ، معتبرا ان الطبيب يجب ان يتعامل مع الانسان كروح ، فالمريض ليس بشيء وانما روح تتفاعل . رئيس منظمة التجديد الطلابي رشيد العدوني، من جانبه، اعتبر ان المنظمة من خلال هته المبادرة تريد الدفع بالشباب والتحول بهم من سلوك الانتظارية ، الى فعل التشاركية والاقتراح والبناء والقطع مع ثقافة الفرجة والامعنى ، والى تحمل المسؤولية في بناء هذا الوطن والتقدم به الى الامام في سلم التطور . وأضافان هدفنا كجيل واعي هو تحمل مسؤوليتنا الكاملة حاضرا ومستقبلا ، ومن باب المسؤولية اخترنا موضوع أنسنة مهنة الطب الواقع والتطلعات .