هناك لغط كبير وعدم إدراك جسيم في موضوع متابعة الدراسة بالنسبة لموظفي الدولة وهو على مستويات أولا بالنسبة لموظفي التعليم هناك حق يراد به باطل ، أما الحق فهو تضييع التلاميذ في حقهم في الدراسة على اعتبار الوقت الذي يصرفه الأستاذ في حضور حصص الدراسة بالجامعة تكون على حساب تحضيره وإعداده لإلقاء جيد لتلامذته ، كذلك الغياب المتكرر عن قسمه لحضور تلك الحصص، لكن الباطل هو المطالبة بحضور الموظفيين لجميع حصص التعليم الجامعي ومن تغيب ثلاث حصص في سلك الماستر مثلا ، يفصل بشكل تلقائي ، كما أن وزراء التعليم العالي لا يريدون للموظف أن يستكمل تعليمه العالي، وهم من وضع العراقيل من أجل ذلك ويكررون مقولة الجامعة للطلبة وليس للموظفين. من جهة أخرى هناك من استخدم حقه الدستوري في ولوج التعليم العالي وضيع حق التلاميذ فقط ليحقق ترقيه الاجتماعي في أنانية مفرطة. ثانيا بالنسبة لبعض الوظائف حيث يستطيع الموظف التوفيق بين عمله والدراسة الجامعية ليس هناك مجال لسوق تلك المبررات المرتبطة بمصالح المواطنيين. ثالثا هناك معطى لا يمكن تجاهله هو أن الموظف يتمتع باستقرار مالي واجتماعي يساعده أكثر من غيره على تحقيق تفوق دراسي بالجامعة سواء بسلك الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه. ولتحرير هذا الموضوع من الاشتباك الحاصل فيه لابد من نقاش موضوعي بعيدا عن المزايدات، التعليم حق مكفول دستوريا والإجراءات التنظيمية ينظمها القانون بكل أشكاله (مراسيم مناشير مذكرات .... ) وهناك إكراهات الزمن الدراسي والاكتظاظ ونسبة التأطير التربوي والإداري، إذا فالقضية معقدة وليست سهلة بتلك الدرجة التي يتصورها البعض، ففي غياب التكوين المستمر الذي هو حق للموظف وليس امتياز يتجه الموظف الطامح في تلبية فضوله العلمي والمعرفي للجامعة كفضاء يفترض فيه تلبية ذلك الفضول، وتنمية القدرات والكفاءات التي من شأنها أن تعود بالنفع عليه وعلى إدارته، وعلى وطنه كرصيد معرفي ينضاف للموجود ويسهم في تطوير أدائه. وفي المقابل هناك إمكانية توزيع الزمن الدراسي بحيث يستفيد الموظف من الدراسة خارج أوقات عمله مع التأكيد على ضرورة تجاوز عقبات منها رفع عدد ساعات التأطير بالنسبة للأستاذ الباحث وفرض رسوم على الموظفين الراغبين في الدراسة الجامعية مثلا حتى تتمكن الجامعات من تسديد مقابل الساعات الإضافية للأساتذة الباحثين، والمساهمة من قبل الأساتذة الجامعيين بنصيبهم في نشر المعرفة والعلم بانخراطهم الإرادي وقبولهم التضحية بأوقات إضافية لتكوين موظفي الدولة. وعلى الدولة في المقابل تحمل مسؤولياتها والابتعاد عن الحلول السهلة والمتاحة إذا تعلق الأمر بحماية حقوق دستورية وطبيعية للمواطنين، والتوقف عن وضع شروط لولوج التعليم العالي كسنة الحصول على الباكلوريا حتى أصبح التعليم العالي الجامعي امتيازا وليس حقا ، والماستر والدكتوراه في عدد من المواقع الجامعية أصلا تجاريا تتحكم فيه مصالح وحسابات حزبية. فهل من الإنصاف إقصاء من إذا استكمل دراسته الجامعية والعليا ازداد عطاءه المهني؟ هل من العدل حرمان الموظفين من حق دستوري؟ هل من التنمية خلق العراقيل وقطع الطريق أمام أبناء الوطن في تعليم مدى الحياة؟ هل رفع المستوى العلمي لموظفينا يشكل تهديدا لأمن البلد؟ الحل بأيدي السياسيين الذين يتحملون مسؤوليات حكومية بوضع الأسس لتعليم عالي مدى الحياة وعن بعد في ظل غياب التكوين المستمر في الوظيفة العمومية.