ليس ثمة في شوارع الدوحة ما يعكس شعورا بالقلق لدى 2.5 مليون مواطن ومقيم، بعد انتهاء مهلة العشرة أيام التي حددتها دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لاستجابة قطر لمطالبها. وعلى الرغم من لهجة «التهديد» و»التصعيد» التي تبناها المحاصرون فإن الحياة تمضي بوتيرتها الطبيعية في المجمعات وأماكن عمل المواطنين القطريين والمقيمين، في انتظار ما ستخرج به الدول المقاطعة من قرارات تصعيدية ولسان حالهم يقول: استوعبنا الصدمة، وماذا يمكنهم فعله أكثر من الحصار الإنساني وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية. وإلى حين إعلان الدول المقاطعة عن أي قرارات جديدة بات واضحا أن المستجدات لن تخرج عن دائرة محاولة التضييق على الودائع القطرية في البنوك الخليجية، وسحب ودائع الدول المقاطعة من الدوحة. وبدأ المحاصرون باكراً التلويح بتهديداتهم والرهان على تحطيم الاقتصاد القطري عبر بث إشاعات وتقارير إعلامية تزعم تدهور العملة القطرية ووقف التعامل بها في بنوك دولية، إلى جانب تراجع الاستثمارات الأجنبية، في محاولة لترهيب رأس المال الأجنبي، وإثارة الذعر بين المقيمين في قطر، وثني رجال الأعمال وكبار الشركات العالمية عن استثمار أموالها في المشاريع الضخمة التي أطلقتها الدوحة. وواجهت قطر خلال الساعات الأخيرة من انتهاء المهلة حرباً نفسية شرسة لمحاولة زعزعة ثقة المستثمرين بالاقتصاد القطري، عبر نشر وسائل إعلام تابعة لدول الحصار تقارير تزعم انهيار قيمة الريال القطري، إثر قرار بنوك دولية وقف التعامل بالعملة المحلية، وترويج أخبار عن متاعب تواجهها الدوحة للإيفاء بمشاريعها الكبرى، بما في ذلك مشاريع مونديال 2022. وفي مواجهة تهديدات دول الحصار أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤتمر صحافي في العاصمة الإيطالية روما، أن دولة قطر لن تقبل بأي شيء ينتهك سيادتها أو يفرض عليها، وأن من حق أي بلد تقديم شكاوى أو ادعاأت شريطة ألا تؤثر في الطرف الآخر، وأن تستند إلى الأدلة والأطر الصحيحة لذلك، مؤكدا في الوقت نفسه أن قطر «ليست لديها مخاوف ومستعدة لمواجهة أي تداعيات بعد انتهاء مهلة دول الحصار». ونوّه إلى أن «العالم محكوم بقانون دولي لا يسمح لبلدان أن تستأسد على بلد آخر بهذه الطريقة، فلكل بلد سيادته… هم يقولون إن المطالب تعتبر لاغية بعد انتهاء المهلة، وهذا يبين مدى هشاشة مطالبهم وادعاأتهم»، لافتا إلى أن «إجراأت دول الحصار ضد قطر تمثل عقوبات جماعية تنتهك القانون الدولي، وقائمة المطالب التي أعلنوها قدمت لكي ترفض بهدف فرض آلية رقابة على قطر». كما انبرى العديد من المسؤولين في القطاع البنكي والمصرفي لتفنيد تلك الإشاعات وتأكيد استقرار الأوضاع المالية والمصرفية. وقال الرئيس التنفيذي لبنك قطر الدولي الإسلامي، في حوار لقناة «الجزيرة»، إن سعر صرف الريال القطري لم يتغير، ولن يتغير، وإن ما يشاع مجرد تضخيم إعلامي لأغراض سياسية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد القطري قوي، والبنوك لديها السيولة والاحتياطيات اللازمة لتلبية رغبات عملائها. وشدد على أنه لا مخاوف على ودائع المستثمرين أو عملاء البنوك، وأن أي عميل يمكنه تحويل أي عملة صعبة بأي كمية، والبنوك لديها السيولة والاحتياطات اللازمة من العملات الأجنبية لتلبية كل رغبات العملاء. كما أكدت وزارة الاقتصاد والتجارة توافر جميع أنواع الخضراوات والفواكه بشكل طبيعي، وفي جميع منافذ البيع، مع توافر كميات كبيرة من الشحنات التي وصلت السوق المركزي من المزارع القطرية، وكذلك وصول العديد من المحاصيل الزراعية من عدة دول شقيقة وصديقة مثل سلطنة عمان، وتركيا وإيران، ولبنان وغيرها. وبانتظار القرارات «العقابية» الجديدة لدول الحصار، يبدو جلياً نجاح الدبلوماسية القطرية في حشد تأييد واسع، تجاوز المواطنين والمقيمين في قطر، إلى دول عديدة، أجمعت على عدم شرعية وعدم قانونية الحصار، ملحة على ضرورة الجلوس للحوار لأن المطالب التي رفعها المقاطعون «استفزازية جدا»، على رأي وزير الخارجية الألماني. وأجمعت عناوين الصحف القطرية، وتعليقات القطريين والمقيمين على تثمين الموقف القطري الرسمي الرافض لقائمة مطالب دول الحصار. وقبيل ساعات من انتهاء المهلة المحددة للاستجابة لقائمة المطالب الثلاثة عشر اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة «تويتر» بتعليقات لقطريين ومقيمين أكدوا ثباتهم مع الموقف الرسمي القطري، واستعدادهم لمقاومة كل الإجراأت العقابية التي قد تقدم عليها دول الحصار. وانتشر عبر موقع «تويتر» وسم (#مرابطون وضد الإشاعات متحدون)، و(#أجمل مافيالحصار)، حيث انبرى قطريون ومقيمون للتحذير من انتشار الشائعات التي تناقلتها وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي بهدف تخويفهم، ونشر أكاذيب من شأنها إثارة الرعب في نفوسهم. وبالمقابل، أكد المغردون دعمهم للقيادة القطرية، واستعدادهم لمواجهة أي قرارات عقابية قد تعلنها دول الحصار ضد قطر، مجددين البيعة للأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وغرّدت الإعلامية القطرية في قناة الجزيرة أسماء الحمادي قائلة: «تعتقدون أن الوضع سلبي والحقيقة أننا نعيش تكاتفاً إيجابيا». وقال طلال المالكي: «مع اقتراب المهلة ستكون هناك هجمات لجان إلكترونية وهمية مهمتها نشر الإشاعات بهدف زرع الفتنة». وغرّد عبد الله السليطي قائلاً: «من اليوم سواء انتهى الحصار أو لا، نحن الشعب القطري، مواطنين ووافدين، كلنا درعك يا قطر». نقلا عن القدس العربي