"أنهيت تعليمي الثانوي منذ ثلاثة أعوام، ومنذ ذلك الحين لم أتمكن من العمل ولا أملك النقود لدخول الجامعة"، يقول الشاب الغاني البالغ من العمر 21 عاماً ورأسه مطأطأ وفي صوته نبرة من الحزن. ثم يضيف أمين - كما شاء أن يطلق على نفسه لحماية هويته- "ثم اتصل بي هذا الغريب على صفحة الفيسبوك ووعد بمليون دولار إن عملت لصالحه، فكيف لي أن أرفض عرضه؟". أنه واحد من مليون شاب أفريقي حاول تنظيم "الدولة الإسلامية" إغرائهم عن طريق المال. فمنذ فترة طويلة يحاول الإسلاميون المتطرفون إغراء الشباب ليس من الشرق الأوسط فحسب، بل من أفريقيا للانضمام إليهم كمقاتلين. "كنت قد لقيت مصرعي" الشباب في غانا هدف سهل جدا، إذ تبلغ نسبة العاطلين عن العمل ممن تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 عاماً حوالي 11.5 بالمائة. و يركز تنظيم "الدولة الإسلامية" بوجه خاص دعايته على شمال غانا، حيث تبلغ نسبة السكان المسلمين هناك 60 بالمائة، وهي منطقة فقيرة جداً. فهنا لاتوجد مصانع ولا موانئ ولا صيد سمك. كما أن الغضب منتشر بين الشباب بسبب عدم وجود فرص عمل وانتشار البطالة رغم إنهاء التعليم الثانوي والجامعي.
حملات دعاية "داعش" والقاعدة عن "طريق الأفلام المنتشرة على صفحة التواصل الاجتماعية لا تثير الشباب فقط، بل شريحة مختلفة من المجتمع"، حسبما يشرح كويسي اننغ، الخبير الأمني في مركز كوفي عنان الدولي للتدريب على حفاظ الأمن. ويضيف اننغ أن أغلب من يهتمون بمثل هذه الدعاية هم الطبقة التي تشعر أنها بقيت معزولة عن التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وهم ناس مثل أمين، من منطقة سياسلا في شمال غرب غانا، بلدة تبعد كيلومترات قليلة عن الحدود الفاصلة عن بوركينا فاسو. صدق أمين وعد الغريب له على فيسبوك "حضرت امتعتي للرحلة نحو بوركينا فاسو. الغريب أراد نقلي من هناك". ثم شاهد على التلفاز تقريرا يوضح تطرف الشباب الغانيين "لم أعلم ماذا جرى لي بعدها. لو لم أشاهد هذا التقرير. ربما كنت ميتاً الآن". خلف حملة التوعية تقف منظمة غير حكومية تدعى مركز غرب أفريقيا لمكافحة التطرف، ومركزها في العاصمة اكرا.
من هناك يخطط العاملون طرقهم لمكافحة التطرف الذي يستهدف الشباب الغاني. ولا يقتصر عمل هذه المنظمة على الراديو والتلفزيون وشبكة الانترنيت فقط، بل تقدم دورات مستمرة للشباب المسلم من المناطق الفقيرة. وتركز خلالها أساسا على توضيح الأهداف الحقيقية لما يعرف بال"الدولة الإسلامية". نجاح من خلال التوضيح عند هذه المنظمة وجد أمين المساعدة، وتمكنت المنظمة خلال العامين الماضيين من تحرير 22 شاباً من سطوة فكر "داعش". لكن العمل ليس سهلاً دائما ، كما يقول موتارو مومنو مختار مدير المنظمة ل DW "نعمل مع بعض الشباب لمحاولة الوصول إلى فهم مشترك. معاً نحاول فتح نقاش مشترك، خصوصاً لتوضيح أسباب التطرف". وتعمل المنظمة مع أئمة يوضحون "الأعمال الشنيعة للجماعات الإرهابية. وحتى في صلاة الجمعة يحاول الأئمة توضيح هذه الأمور. وهي خطوات تلعب دورا كبيرا.
ويحاول الإمام مع زملائه الآخرين الحوار مع الحكومة ودفعها لإنشاء برامج تنموية لمكافحة البطالة وخلق فرص عمل. "ما تفعله هذه المنظمة هو أمر فريد من نوعه"، يوضح الخبير الأمني كويسي اننغ. ويضيف الخبير "إنهم لا يوضحون للشباب كذب هذه الوعود حول الجنة والحياة في الأفضل، بل يمنحون الشباب الغاضب فرصة للتعبير عن نفسه وصوتاً. هذا أمر مثير للاهتمام بحق". موتارو مومنو مختار واثق جداً من أن المنظمة ستوسع من شبكة عملها. إذ ترغب منظمته أن تصل إلى البلدان المجاورة أيضاً، خصوصاً في نيجيريا، حيث تنشط منظمة بوكو حرام الإرهابية. والمنظمة ترغب بتحرير الشباب هناك من الفكر المتطرف الذي يفتك بالشباب هناك.