تترقب شركات في المغرب التصويت على مشروع الموازنة العامة، من أجل بث الروح في السيولة المالية للشركات، التي شحت بسبب تعثر تشكيل حكومة جديدة لأكثر من ستة أشهر ويأتي ترقب الشركات في القطاع الخاص، المصادقة على مشروع الموازنة من قبل البرلمان، بسبب كون العديد منها يرتبط وجودها بالاستثمارات الحكومية، سواء تلك التي تنجزها الوزارات أو الشركات التابعة للدولة . وسارعت حكومة سعد الدين العثماني، بمجرد تنصيبها، إلى إعادة حث البرلمان على تسريع النظر في مشروع موازنة العام الحالي، من أجل المصادقة عليه، وتصل الاستثمارات التي يتوقعها مشروع موازنة الدولة في العام الحالي إلى 19 مليار دولار، من بينها 6.4 مليارات دولار تنجزها الوزارات.
وكانت حكومة عبد الإله بنكيران قررت الشروع، اعتبارا من مطلع يناير الماضي، في استخلاص الإيرادات والإنفاق من أجل سير المرافق الحكومية، بعد تأخر المصادقة على مشروع الموازنة في نهاية 2016، جراء تعثر تشكيل الحكومة . ويذهب الاقتصادي المغربي محمد الرهج، في تصريح ل "العربي الجديد"، إلى أنه رغم المراسيم التي أصدرتها الحكومات السابقة من أجل تسيير النفقات لحين التصويت على الموازنة، إلا أن حالة من الانتظار سادت بفعل . عدم تجرّؤ الوزراء على اتخاذ القرار في هذا المجال . ويوضح أن الوزراء السابقين كانوا يفضلون عدم اتخاذ قرارات يمكن أن يتحمل مسؤوليتها الوزراء الذين سيأتون بعدهم، حيث قد يفسر سلوكهم ذاك باعتبارات أخلاقية. ويعتبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن التأخير في تبنّي مشروع الموازنة جمّد الاستثمارات العمومية، وتسبب في إفلاس شركات، وكبح حركة الشركات الصغرى والمتوسطة. وشدد الرهج في تعقيبه على برنامج الحكومة على ضرورة تسوية مشاكل التأخير في سداد المستحقات التي توجد في ذمة الشركات التابعة للدولة، مؤكدا ضرورة وضع برنامج زمني لذلك.
وشهد العام الماضي إفلاس حوالي 7500 شركة، بزيادة بنسبة 25% مقارنة بالعام الذي قبله، ما يؤشر، حسب شركة كوفاس، على أن الشركات المغربية تعاني من أزمة سيولة مالية.وأوضحت شركة كوفاس للتأمين على التجارة الخارجية، في تقرير لها، أن هذه الأزمة غير مسبوقة في المغرب منذ العديد من الأعوام. وتجلى أن تلك الأزمة تسارعت بفعل التأخر في السداد من قبل المؤسسات التابعة للدولة لفائدة الشركات الخاصة، وأذكاها التأخر في تشكيل الحكومة، الذي دام بين أكتوبر 2016 ويناير 2017.
وتعاني جميع القطاعات من صعوبات في السداد في المغرب، وتشمل جميع الشركات الصغيرة، وحتى الكبيرة منها، التي أضحت تتأخر في سداد ما في ذمتها، وهي التي كان يعتقد أنها محصنة ضد تلك الصعوبات، كما تلاحظ كوفاس. ويرى خبراء كوفاس، أن مشكلة التأخر في سداد المستحقات، تتخذ طابعا بنيويا، رغم الانتعاش المتوقع للاقتصاد المغربي في العام الحالي. ويعاني من تأثيرات التأخر في السداد عملاء قطاع البناء والأشغال العامة، مثل منتجي الإسمنت وموزعي الكابلات والمنتجات نصف المصنعة، وكذلك تجار الجملة، خاصة في قطاع المنتجات الإلكترونية والمنزلية. وكشف المركزي المغربي في بيانات حديثة، عن توجهه نحو الإحاطة بمشاكل آجال السداد، عبر دراسة تهم 60 ألف شركة. ويتطلع المركزي إلى التعرف على مشاكل سداد المستحقات بين الشركات الخاصة والشركات التابعة للدولة، وبين الشركات الخاصة نفسها. ويشير رجال الأعمال على الحكومة بإعفاء الشركات المتوسطة والصغرى من الضريبة على الشركات خلال الثلاثة أعوام التي تلي تأسيسها، مقابل سعي كل شركة لخلق فرص عمل، فضلاً عن دعواتهم، في الفترة الأخيرة، إلى الالتزام بآجال سداد مستحقات الشركات المتعاملة مع الدولة، والتخفيف من المراجعات الضريبية التي يرون أنها تركز على شركات بعينها. نقلا عن العربي الجديد