صارت رقما صعبا في في عالم المعلومة بمصر.. حاضرة في كل مكان وزمان.. إذا شحت الأخبار من على شاشات الفضائيات أو أثير الإذاعات أو صفحات الجرائد فما لك إلا صفحة شبكة "رصد المصرية"على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، لتطلع على آخر المستجدات في الساحة المصرية.. توثق الحدث بمنشوراتها البسيطة.. وأيضا بالصوت والصورة إن أمكن.. عمل دؤوب على صعيد مصر كلها، بشبكة مراسلين ذوي علاقات بدوائر القرار والمجتمع. الحافز.. محاربة الفساد والاستبداد بداية الشبكة تزامنت مع انطلاق انتخابات مجلس الشعب المصري سنة 2010، بعد أن أزكمت روائح التزوير والفساد الانتخابي الشرفاء في أرض الكنانة، حيث تفتقت أذهان مجموعة من الشباب ذوي النزعة التحررية من سطوة الفساد في عصر نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وأسسوا ما أطلقوا عليه "وحدة الرصد الميداني" لمكاتب الاقتراع بكافة دوائر الجمهورية، وأسسوا بموازة ذلك لمفهوم جديد، هو "المواطن الصحفي". الخطوة عرفت نجاحا مبهرا، بعد أن تهافتت مؤسسات إعلامية مصرية ودولية على اعتماد النتائج التي كانت تبثها "وحدة الرصد الميداني"، في ظل تعتيم إعلامي من طرف نظام مبارك، بموازة الخروقات التي رصدتها الوحدة في جل الدوائر، وما صاحبها من مقاطع فيديو للتزوير الانتخابي، لتخطو الشبكة بذلك أولى خطوات التألق في حقل المعلومة المليء بالشوك، في ظل نظام مستبد عدوه الأول هو المعلومة. 25 يناير.. صناعة المجد مثلت ثورة 25 يناير ميلادا جديدا لمصر. وبالمثل كان لثورة 25 يناير، الفضل في تحول "رصد" إلى واحد من أكبر مصادر الخبر في مصر وأكثرها مصداقية.. ولكن مخاض ولادة الشبكة بوجهها الحالي انطلق مع حدث مقتل الشاب المصري "خالد سعيد" في أحد أقسام الشرطة بالإسكندرية، وما طال "أيقونة" ثورة 25 يناير من تشويه من طرف نظام المخلوع، لم ينبر لقول حقيقة ما جرى إلا صفحة "كلنا خالد سعيد" على الفايسبوك" ووحدة الرصد الميداني التي تبنت الحدث، وحاولت استقصاء الحقيقة، حيث انضم إلى الصفحة ثلاث مائة ألف معجب في يومين. بموازة التغطية المتواصلة لثورة الياسيمن بتونس، التي أطاحت ببن علي، وأيضا انفجار كنيسة القديسين والغموض الذي لف الحادث. يوما واحدا قبل تفجير ثورة يناير، تقرر إطلاق اسم "شبكة رصد" على فكرة كان الهدف منها رصد الفساد الانتخابي ومظاهره، وتتخذ شعارا لها "إعلام يصنعه الجمهور"، حيث بلغ عدد مراسليها حوالي 300، ينتشرون في معظم محافظات الجمهورية، بهدف رصد تفاعلات الشارع المصري مع الدعوات إلى استنساخ ثورة أحرار تونس، والانعتاق من الفساد والاستبداد الجاثم على صدور 90 مليون مصري. وبالفعل كانت الشبكة على قدر الحدث، وقدمت واحدة من أجمل قصص العمل الصحفي والتفاني في نقل الخبر في حينه، وبمهنية شهد لها خبراء الإعلام، ولا أدل على ذلك من استعانة قناة "الجزيرة" بطواقم الشبكة من أجل رصد الأحداث المتلاحقة في أرجاء البلاد، من احتجاجات وفتح للسجون واعتقالات... بعدما حاول نظام المخلوع كتم صوت "الجزيرة"، ليصل عدد متابعي الشبكة على فايسبوك إلى 2.3 مليون متابع. بعد أن بلغ عدد مشاهدات الشبكة على الفايسبوك أكثر 10 مليارات مشاهدة، دفع هذا الزخم القائمين على الشبكة إلى التفكير في إنشاء موقع إلكتروني مواز لصفحة الشبكة على الفايسبوك، ووضع إطار قانوني لعمل طواقمها في ظروف مهنية. إلا أن ذلك لم يشفع لهم، حيث أن ملاحقات الشرطة كانت تطالهم حيثما تواجدوا. ناهيك عن التهديدات التي يتعرض لها القائمون على الشبكة، واختراق بريد الشبكة. رصد والانقلاب العسكري. بعد أن تمكن انقلابيو مصر من رص الصفوف قبل الانقضاض على الشرعية، والإطاحة بالرئيس المنتخب، محمد مرسي، واستعانوا بأبواق نظام مبارك في الإعلام، وأحكموا القبضة عليه، ظلت شبكة رصد متشبثة بمبدئها الذي أسست من أجله، ألا وهو فضح الفساد والاستبداد كيفما تجلى. وفي الوقت الذي أجمعت جميع وسائل الإعلام في المصرية - إلا ما أقفل منها عقب تلاوة بيان الانقلاب- على التآمر على الرئيس الشرعي، وتشويه النظام القائم، في حملة مسعورة، انطلقت منذ إعلان فوز مرسي برئاسيات مصر في 2012، رصدت لها ملايير الخليج وجُند لها رجال نظام مبارك من فلول الحزب الوطني المنحل وعدد من مرشحي الرئاسة الخاسرين، لتضليل الشارع المصري بأزمات مفتلعة، وتزييف أرقام المشاركين في فعاليات 30 يونيو، وتضخيم أرقام المشاركين فيها أضعاف الأرقام الحقيقة، انحازت "رصد" لمبدئها، وقامت بتغطية فعاليات المعارضين والمؤيدين بكل حيادية، بالرغم من التضييق الذي تعرضت له في تغطية أنشطة معارضي مرسي. وفي ظل التعتيم الإعلامي الذي حاول العسكر فرضه على ما يجري في مصر عقب الانقلاب، ازدادت مهمة مراسلي "رصد" خطورة، مع ارتفاع وتيرة القمع الذي جوبهت به جميع وسائل الإعلام التي لا تنسجم مع روايات العسكر، وواكبت ما يحصل في ميادين المطالبة برجوع الشرعية رفقة ثلة من القنوات العربية - غير المصرية- التي تنقل ما يحدث في رابعة العدوية وأمثاله من الميادين. وكانت أبرزت مواجهة بين الانقلابيين ورصد في مجزرة الساجدين، أمام مقر الحرس الجمهوري بالعاصمة المصرية القاهرة، عندما سقط حوالي 120 من أنصار الشرعية قتلى، وأكثر من 600 مصاب. وتعلل الانقلابيون بمحاولة المعتصمين اقتحام المقر، لتفضح "رصد" كذب رواية العسكر، وتؤكد أن الجيش قام بمهاجمة المعتصمين وهم سجود. وتكشف زيف مقاطع الفيديو التي عرضها التلفزيون المصري في محاولة لتلفيق التهم لمؤيدي الشرعية، موضحة أن تلك المقاطع تعود إلى مواجهات بين المعتصمين وقوات الأمن أمام مقر وزارة الدفاع السنة الماضية، موثقة ذلك بعدد من المقاطع التي تثبت أن الحرس الجمهوري هاجم المعتصمين أثناء أدائهم لصلاة التهجد. رفعت شبكة "رصد" التحدي في وجه التلفزيون الرسمي المصري، وأرسلت إليه أكثر من 15 مقطع فيديو يوثق مجزرة الساجدين، وتحدته بشكل رسمي أن يعرض هذه المقاطع أو يثبت أنها غير صحيحة، أو يأتي بمقاطع أخرى للمجزرة تثبت رواية العسكر، لكن صمت القبور خيم على إدارة "ماسبيرو" ولم يجد جوابا. قامت السلطات الانقلابية بإغلاق خدمة "رصد موبايل" على شبكتين للهاتف المحمول بمصر، بعد ذكرها لكلمة انقلاب في إحدى خدماتها الإخبارية لمشتركي الخدمة، لكن صوت الشبكة الحرة لا يزال مرتفعا في سماء الإعلام المصري، على الرغم من اعتقال عدد من مصوريها وصحافييها منذ الانقلاب العسكري.