أخيرا انهزمت الدولة العبرية ورضخت لشروط المقاومة الفلسطينية بعد عنف همجي لا إنساني دام واحد وخمسون يوما شنته قوى نتنياهوا على الأطفال والنساء والشيوخ والبنى التحتية في غزة. تحت مسطرة أهداف رسمتها حكومة نتنياهوا، لكن االمقاومة باستماتتها ونهجها دفعت بإسرائيل نحو الفشل و الاستسلام وجعلتها غير قادرة على تحمل مخرجات هذه الحرب رغم العتاد العسكري الذي تملكه. وعلى منوال ما قاله نابليون "إن من يسيطر في المعركة على تقاطع الطرق يصبح سيد الأرض" على اعتبار أن فلسطين تطل على البحر المتوسط والأحمر وقناة السويس والتي تقسم العالم إلى قسمين وتقع على نقطة الالتقاء بين آسيا وإفريقيا سارع الكيان المزروع بلاجدور والممول من الخارج من طرف يهود الغرب والدول الامبريالية، إلى لهب هذه الأرض تحت شعار "اسرائيل من النيل إلى الفرات". باعتبار المشروع الصهيوني في الأصل مشروع استيطاني مبني على نقل كتلة بشرية لتحل محل الفلسطينيين، مستعملة في ذلك العنف والقوة العسكرية. إن ما تنهجه اسرائيل يدخل في اطارالمشروع الذي ذكرناه، زد على ذلك الخوف المتجدر في النفس الصهيونية، وهكذا تعمل اسرائيل مند عقود على ضرب الفلسطينيين باستمرار لزرع روح اليأس فيهم لكن الشعب الفلسطيني صاحب قضية مستعد أن يموت من أجلها والمقاومة لن تنكسر مادام الظلم ساري المفعول وشعار رجال المقاومة "النصر أو الشهادة" إذ لا وجود للهزيمة في قاموسهم. من هذا المنطلق استسلمت اسرائيل أمام ثبات المقاومة في غزة والشعب الفلسطيني ككل، فالكل في هذه الأرض منتصر"الشهيد، الجريح..." هذا هو الثبات المنبثق من روح الإيمان بالله وبالقضية ولا بديل عن أرض الأجداد –فلسطين- فالفلسطينيين لن ييأسوا أبدا ولن يتوانوا دقيقة واحد في الدفاع عن مقدساتهم حتى وإن اجتمع الصهاينة على ضرب وكسرة شوكتهم. كل هذه الاعتبارات جعلت الدولة العبرية تتكبد هزيمة على مختلف الأصعدة لن تنسها أبدا، معلنة استسلامها أمام الرجال، فعلى الصعيد النفسي دب الرعب والرهب إلى قلوب الغزاة الصهاينة والمستوطنين، زد على ذلك تحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر الذي رسخ في الذاكرة العالمية والعربية بالخصوص. إضافة إلى الجانب الأخلاقي الذي سجلت فيه اسرائيل هزيمة ليس لها مثيل نتيجة قتلها المتعمد للأطفال والنساء والشيوخ وعدم احترامه لحقوق الإنسان والإنسانية، في ظل وجود وسائل اعلام متطورة تفضح جرائم إسرائيل. وعلى الصعيد السياسي تكبد العبريون عداء سياسي من طرف الدول التي تعرف معنى الإنسانية ناهيك عن الخسارة الاقتصادية نتيجة حملة مقاطعة البضائع الصهيونية التي تنهجها معظم دول العالم العربي والإسلامي وساكنة الضفة الغربية في فلسطين. ويبقى المستقبل لفلسطين وعلى اسرائيل قبول الواقع والتاريخ وإنهاء منطق أن اليهودية هي مركز الواقع ومرجعيته الوحيدة.