عندما تطاولت ألسن المنتقدين على جلباب "خَالْتِي" نبيلة، التي هي بالمناسبة زوجة رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، الرجل الثاني في المغرب بعد الملك محمد السادس، رفعت قلمي الذي هجرته لمدة من الزمن لأدافع ليس عن "خَالْتِي" نبيلة وجلبابها فقط، بل أيضا عن أمي وأختي وخالتي وعمتي، وجدتي ونساء حارتي، وكثير من نساء المغرب اللواتي أبين التخلي عن الجلباب التقليدي المغربي، كما الحايك "البلدي"، لأنه جزء متين من أصالتهن وحيائهن، واعتقادهن بالإسلام. لقد لاحظت من خلال تتبعي للانتقادات الموجهة لخالتي نبيلة وجلبابها، والتي كانت، بالمناسبة، قليلة جدا بالمقارنة مع حجم المرحبين والمدافعين عن اختيار زوجة بن كيران للجلباب، لاحظت أن كثيرا من الأقلام، التي لا أعرف لصالح من تكتب، ارتمت بشكل كبير في أحضان القشور وتركت الجوهر، واهتمت بتفاصيل لون الجلباب وطرازه، وبقي أن تأتينا باسم خياطة الدرب التي خاطته، وتركت إنجازات الزيارة الكبيرة بشهادة الكثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين، لعل أبرزها 14 مليار دولار من الاستثمارات المستقبلية للولايات المتحدةالأمريكية بالمغرب. لكن أكثر ما أثارني في التعليقات "الساخرة" من جلباب زوجة بن كيران هو ذلك المنسوب لمصممة الأزياء زهرة اليعقوبي، والتي شبهت فيه جلباب خالتي نبيلة ب"الخنشة ديال الطحين"، ليصطف أمام عيني كل هؤلاء المغربيات اللواتي اخترن عن قناعة الاحتفاظ بجلبابهن في زمن الموضة التي تزحف على ملابس المرأة كما يزحف التصحر على الربيع، ويعري الأجساد يوما عن يوم، وهن يلبسن "خناشي الطحين"، إذا ما سلمنا جدلا أن كلام مصممة الأزياء صحيح، وبالطبع هو أبعد عن الصحة من المساء عن الأرض. مصممة الأزياء ذاتها أرسلت نصائحها "المتأخرة" لزوجة رئيس الحكومة بأن القفطان أفضل، وكأن القفطان هو وحده التقليدي، رغم أنه لم يعد كذلك حين أصبح "يُفتح" اكثر من اللازم، ويُقزم ويُضيق أكثر من اللازم، حتى لم نعد نفرق بين القفطان المغربي التقليدي وباقي ملابس السهرات الغربية الكاشفة. وخلاصة القول أن السيدة بنكيران اختارت أن تلبس ما يتناسب مع قناعتها كامرأة مغربية محافظة على أصالتها، وهي حرة في ذلك، كما تختار بعض النساء، بحرية أيضا، تجاوز لباسهن الأصيل إلى اللباس "العصري"، وخالتي نبيلة اختارت في رأيي أن تكون نحلة في ذوقها لا ذبابة!