أن يخصص العدو الصهيوني محتل الأراضي المباركة بفلسطين قرة العين، والمعتدي على غزة العزة، ناطقا رسميا خاصا للعرب غير الناطق الرسمي الأول، يتكلم لغة الضاد في تصريحاته الإعلامية وتدويناته على الشبكة العنكبوتية، فهذا معناه أن للاحتلال خطة ممنهجة للتأثير على رأي الأمة، ومنافسة رواية المقاومة والإعلام الحر المساند للحقيقة، ومحاولة ترويج أكاذيبه حتى على الضحية ومناصريها. وللأسف أننا أمة نؤمن بشكل مفرط بنظرية المؤامرة، ونضيع أوقاتا كثيرة في التحذير منها محقين أو واهمين، وتنطلي علينا الخدع المكشوفة ونسقط في شباك الأعداء بسلاسة وسهولة. أفخاي أدرعي، الناطق الرسمي باللغة العربية باسم جيش الكيان الصهيوني، قاتل الأطفال والنساء والشيوخ، مغتصب الأرض ومنتهك العرض، لا يكاد يتوقف عن التباهي والافتخار أن له ما يفوق نصف مليون متتبع على موقع فيسبوك، ولا يفوت أي فرصة يظهر فيها على شاشة قناة عربية ليروج أن الكيان الصهيوني له عدد غفير من المحبين والمتابعين والمشجعين من أبناء أمة محمد صلى الله عليه وسلم. والعجيب في الأمر، أن النسبة الساحقة من هؤلاء المتابعين ممن وضعوا "جيم" على صفحة هذا الخبيث السفاح، يشتغلون بجد وحماس في تنكيله وابلا من السب والشتم والإهانة، معتقدين أنهم يجاهدون في عدو الله ويكشفون حقيقته، وكأنهم لا يعلمون أن التعليق يزيد في شعبية الصفحات ووصولها لأكبر عدد من الأصدقاء، ويرفع سهمها في سوق الحيوية على الموقع الأزرق. ويغفل أصدقاؤنا الأحبة أو ينسون، ولا نتكلم هنا عن الذين اختاروا متابعة السفاح عنادا مع الإسلاميين أو عمالة للمحتلين، أن القراء عادة ما يقرؤون المنشور الأول وليس التعليقات، وأنهم بفعلتهم لا يخدمون سوى الغاية التي أنشأت لأجلها مثل هاته الصفحات. من جهة أخرى يعمل الخبيث أدرعي على محاولة استبلاد واستحمار الحمقى من أبناء جلدتنا الذين يتابعونه، كأن يبارك للمسلمين ليلة القدر المباركة في السابع والعشرين من رمضان، واضعا صورة كتب عليها "ليلة القدر خير من ألف شهر"، وكأنها وردت في القرآن الذي يحاول كاذبا مفتريا مدلسا أن يظهر احتراما له، دون قوله تعالى "إن الدين عند الله الإسلام، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"، وقوله جل وعلى "وقالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم، بل أنتم بشر ممن خلق". ويتساءل عاقل، كيف يمكن أن يحصد أدرعي اللئيم متابعين على الفيسبوك أكثر من كبار الإعلاميين الذين سخروا أنفسهم للدفاع عن قضية المسلمين الأولى، بل وكيف يجلب عددا أكبر حتى من المنابر نفسها، ثم أي سحر هذا جعل هذا الكم من الكارهين يسجلون له علامة "أعجبني / جيم / لايك" في مشهد سوريالي لانفصام الفعل عن الإحساس، حقا إنها حماقة المتابعة. هذا في وقت يشتغل أدرعي طوال الوقت في الكذب والكذب، حتى يكون هو أول المصدقين لكذبته، مؤديا وظيفته على أحسن وجه، في محاولة لإيهام الأمة الناطقة بلغة القرآن أن معركة الكيان الصهيوني مع تنظيم إسلامي اسمه حماس، دون غيرها من فصائل المقاومة، وأن الصهاينة مجرد مظلومين من هذا التنظيم "الإرهابي" الذي لقنهم الدروس وناب عن الأمة في الدفاع عن المسجد الأقصى والأرض المباركة، ووا أسفا على من واصل متابعة الكاذب حتى صدقه. الحرب الإعلامية معشر فيسبوكيي أمتنا أرقام وأعداد، فاسحبوا رحمكم الله متابعاتكم لكل سيء، واشغلوا حيطانكم في تنوير الرأي العام، وإحياء القضايا العادلة، ونشر التفاصيل العلمية والمعرفية المتعلقة بها، والتعليق بالمفيد على المفيد منها وإعادة نشره لتتسع دائرة الاستفادة والتأثير، ولنكن أرقاما إضافية لإعلام المقاومة وحصار العدو، لا أرقما اصطادتها شباك الاستحمار والاستبلاد لصالح الاحتلال، ولنسؤلن عن فيسبوكنا فيما شغلناه ووظفناه.