كل العقلاء يتمنون مجيء السابع من أكتوبر المقبل بسرعة، حتى نحافظ على بعض من كرامة الوطن، تلك التي تمرغها أيادي الغرفة السوداء في التراب كل يوم، من يحركها أشبه بالسلسلة الشهيرة "بينكي وبرين" يشركهما الغباء معا في محاولة السيطرة والتحكم. مسيرة الأمس أساءت للجميع، أساءت للوطن وأساءت للدستور واساءت قبل ذلك وبعده لشخص الملك، لأنها خرجت من رحم وزارة الداخلية التي لا يختلف اثنان في كونها من الوزارات السيادية التي لم تخرج من رحم القصر، وظلت تأتمر بأوامر تفوق مستوى رئيس الحكومة، وجزيرة معزولة في الوسط الحكومي. ولكون المسيرة أيضا رفعت أعلام الوطن وصور الملك محمد السادس، ورفعت شعارات تضرب أسس الدستور وركائزه، وعلى رأسها الثابت الأول للأمة بلفظ الدستور، وهو الدين الإسلامي، في محاولة مثيرة للسخرية لنسخ التجارب المشرقية في إحداث الشروخ في أوساط المجتمع. وكم هو مسيء للوطن أن يتم استغلال الفقر والحاجة لاستدراج الناس للاحتجاج، فالصور والفيديوهات التي تناقلتها مواقع التواصل الإجتماعي أكبر مسيء للوطن، وللمسار الديمقراطي بالمغرب، والذي كلف الكثير لتحسين تنقيطه في تقارير المؤسسات الدولية. هل أقنع وزير الداخلية أحدا بخروجه للتنصل من "المسيرة المجهولة"، هل أقنع حزب "الأصالة والمعاصرة" الناس بكونه لا يقف في دائرة التنسيق مع القياد والمقدمين والشيوخ للترويج والدعوة واستدراج الناس للمسيرة ؟ بالإضافة إلى الاجماع على أن وزارة الداخلية خرجت للتنصل من المسيرة بعد الفضيحة وبعد يقينها أنها طلقة مرتدة، هناك معطيات كثيرة تثبت وقوف "أم الوزارات" في زاوية الإعداد والتنسيق مع المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة. لقد سحبت السلطات بطائق رمادية من أصحاب سيارات النقل المزدوج، وضغطت عليهم من أجل نقل المواطنين من القرى والمداشر إلى مدينة الدارالبيضاء، ووعدتهم بإعادة البطائق بعد القيام بالمهمة، كما طرقت السلطات أبواب الجمعيات والمواطنين لإقناعهم بالمسيرة تحت عناوين متعددة، في خدعة كبيرة، قبل أن يجدوا أنفسهم أمام شعارات أخرى. لقد انقلب السحر على الساحر حتى صار الجميع يقفز من مكانه ويتنصل من "المسيرة المجهولة" وكأنه "كلب أجرب"، فخرج حزب الاصالة والمعاصرة دون أن توجه له الأصابع، وتنصلت الداخلية وتنصلت أسماء ظلت تدعو وتروج للمسيرة، ومع الأسف لا أحد ربح، لكن خسر المغرب من صورته الكثير.