بسلا·· كان المشهد جاسوسيا بالدرجة الأولى لدي، إذ كنت مراعيا في متابعة لقاء جمعية سلا ومولودية وجدة لما يفعله بالضبط الناخب الوطني روجي لومير، وأين تتجه عيناه؟ ومن سيختاره من لب وزبد المباراة؟ ومع من يتحدث أساسا؟ طبعا كان الرجل أي لومير جالسا مع السي عمارة مدرب سلا سابقا يتحادثان في العديد من المواضيع المرتبطة بالكرة، ولكن ما كان يهمني من لومير، هو جلسته الرزينة وعينه المركزة على المباراة وصبره على رتابة ووضاعة المباراة إلا أهدافها الجميلة من عمق أخطاء واستقالة وجدة أداء ورجولة على الأرض·· لم يكن لومير يرى في المباراة ما يأمله كناخب لأنها قدمت واحدة من المتابعات الفنية للرجل من عمق مسؤولية ما يقوم به كمدرب وكمشرف عام على المنتخبات، وكعين إضافية لمورلان وفتحي جمال وغيرهم لطرح أسماء جديدة بميزان السن واللياقة والقامة والجاهزية لدى المنتخبات، ولم يخرج لومير بقناعة الفرجة الكروية لفريقين يمثلا البطولة المغربية كمنتوج متوسط وأقل أداء من وزن وثقل الفريقين كعملة وتاريخ، كما لم يقتنع بالجاذبية المهارية والتكتيكية كمعطى أساسي في الإختيار حتى ولو سأل عن أي لاعب بالأبيض السلاوي وبالأخضر الوجدي، ولم يغادر المباراة في أي زمن ممل، بل واكبها من أولها إلى آخرها كجزء من المهمة عله يخرج بانفراد هام وربح عنصر واحد في أفق المنتخب المغربي وبخاصة في الخطوط الدفاعية للفريقين، وإن كنت أومن أن عهد الطاهري في وجدة مات بموت المواهب الرجولية، وعهد موح في سلا مات أيضا بموت صناعة الفنانين· طبعا لم يكن لومير يتفرج على المباراة فقط أدائها ورجالها على الرقعة، بل على صياحات أخرى لا يعرف مداها الحقيقي إلا من خلال ردة فعل اتجاه نتيجة اللقاء المقلوبة في الكواليس السلاوية على أنها مباراة >مشرية<، لكن سلا غيبت هذا المعطى وفازت على الكواليس لتتحكم في القرار على أنها سيدة الحقيقة بمثل ردة فعل المدرب يوسف المريني بعد توقيع لاعبيه أهداف المباراة، وبخاصة الهدف الأول الذي سرق منه أمتار الأرض ليقتحم الملعب من دون أن يشعر لمصافحة ومعانقة لاعبيه· قلت أن لومير وهذا ما كان يهمني، لم يخرج بقناعة الفرجة حتى ولو لم يقلها، لأن في مباراة سلا أصلا أمام وجدة فيها توابل >مسوسة< وفيها حوافز كلامية، وفيها أداء فاتر لجيل جديد يحمل أسماء الفريقين بثقل ضعيف من المهارة والإبداع والإنفراد الإيقاعي في توازناته داخل المباراة، كما لم يخرج لومير بقناعة ربح رجل المرحلة في الدفاع لدى سلاووجدة، لكن الخطين معا يحملان أسماء جد عادية، ما يعني أن لومير سيظل منشغلا بضعف خطه الدفاعي بالمنتخب الوطني في كامل توظيفاته إن لم يجد الرجال المناسبين في الدوري المغربي جملة وتفصيلا· ولن يجده إلا إذا جالس كافة أطر الأندية وحثها على العمل لتخليق المنتوج بالعين الفنية والتكوين والتأطير اللازم· شخصيا لم يثرني ذاك الإبهار الفني لسلا التي أعرفها في التاريخ مقارنة مع اليوم، ولا قياس مع وجود الفارق ما دام الزمن الجميل يحضرني اليوم بحضور لومير لو كان ذاك الوقت مدربا للفريق الوطني، أو أن الزمن الجميل حاضر اليوم بموح ومبارك ولعلو ومحروس والطاهري وبلحيوان والإدريسي والسميري وغيرهم من التابعين ليختار لومير ما يشاء من سلاووجدة ومكناس والقنيطرة والجيش والرجاء والوداد والجديدة ومراكش والمحمدية والقائمة طويلة·· لو كان ذاك الزمن الجميل حاضرا اليوم، لكان لومير تائها في عالم النجوم، ولأصابه الدوار في عجائب كرة المغرب بنجومها ومدربيها وفرجتها، وتلك هي الحقيقة التي لا يعرفها جيل اليوم· عندما شاهدت جمعية سلا وحتى وجدة في لقاء حيثياته مملة من الجانب الوجدي الذي لا يلعب لتأمين مستقبله بقدرما يعتبر الأمر عاديا كفريق يستعد للنزول وهو الفائز على تطوان بهدية تحكيمية، لم أكن أعاين اللقاء بعين الإعلامي، بل بعين المدرب التلقائي في قراءة المباراة والنهج والإيقاع والخلق المهاري، وبعين الباحث عن الوجه الذي يمكن أن يقنع لومير كمدرب له تاريخ كبير، لكن الختم كان عاديا، لأن ورقتي ظلت بيضاء من دون تدوين أي إسم نرقع به جميعا خصاص منتخب ومنتخبات المغرب·