لا شك أن مشاكل وهموم الكرة المغربية قد أخذت منا الكثير بعد نكسة دورة غانا، وأسهبنا في الحديث عنها، وما كان لهذه المشاكل أن تطفو على السطح لولا العثرة المذلة التي شهدتها مشاركتنا في غانا، ما جعل مجموعة من الأصوات تتعالى وتندد وتضع مختلف الحلول·· حلول تهم المدربين والمسيرين والشأن الكروي بصفة عامة، وبغض النظر عما أفرزته نكسة غانا من ردود فعل وحلول، فإن الدروس التي قدمتها دورة غانا أكيد أنها تستحق تسليط الضوء والوقوف عليها أكثر من وقفة·· دروس يجب على مدربينا ولاعبينا ومسيرينا أن يحفظوها عن ظهر قلب، فالفشل ليس عيبا، لكن العيب ألا يتم استيعاب الدروس وتشريح الأخطاء، وليس أفضل من الدروس التي قدمتها دورة غانا· ولأن المنتخب المصري أحرز اللقب عن جدارة واستحقاق، فإن الدروس المجانية التي قدم كانت عبرة للفاشلين، دروس من قبيل الإرادة والعزيمة والإستماتة في حب القميص الوطني، لقد أكد المنتخب المصري ألا شيء مستحيلا أمام الإرادة القوية، والواقع أن الخاتمة التي وقع عليها الفراعنة أمام منتخب الكاميروني كان أبلغ مثال، والطريقة التي خطف بها زيدان المصري الكرة بجسمه النحيف من الأسد والمدافع سونغ تستحق أن تدرس وتجسد قمة العزيمة لكسب النزال والإنتصار، والواقع ما قدمه المنتخب المصري على طول مشاركته دليل أن الروح الجماعية سبيل رئيسي للنجاح، ومن يتابع هذا المنتخب سيفطن لحقيقة واحدة أن روح الجماعة نلمسها في لاعبيه وطاقمه التقني ومسؤوليه، وتلك صفات يا ما خذلت عدة منتخبات وأدخلتها دوامة الفشل·· وأكد حسن شحاتة مقولة أن إبن الحي يطرب وإبن البلد قادر على رفع فريقه نحو المجد إذا ما أتيحت له الفرص كاملة ووضعت له الأرضية الملائمة للعمل·· حسن شحاتة الذي يلقب في مصر·· ب >المعلم< ودخل الأساطير المصرية، قدم هو الآخر الدروس المثالية للمدرب الناجح الذي يصمد أمام الإنتقادات نجح في شحن بطاريات لاعبيه بمفهوم حمل القميص الوطني، وما كان لهؤلاء اللاعبين أن يظهروا بذات الصورة والتوهج والرجولية لولا إبن البلد حسن شحاتة· درس آخر في الإنسجام والتواصل، يجب أيضا الوقوف عنده·· ذلك أن حسن شحاتة وجد بجانبه كوموندو مؤهل لتحمل المسؤولية ويتحدث نفس لغة شحاتة·· شوقي غريب وحمادة صدقي وأحمد سليمان في طاقمه التقني لاعبان سبقا وأن حملا ألوان المنتخب المصري ولهما من التجربة الكافية التي تخول لهما ممارسة عملهما، يعرف المصريون قيمة لاعبيهم السابقين وكيف يستفيدون من خبرتهم وتجاربهم الطويلة، فليس المهم أن تستقدم مدربا يحمل شهادة ميلاد أجنبية ويتحدث غير اللغة العربية، المدربون المحليون أيضا قادرون على حمل المشعل، وللأمانة فالمدرب الأنغولي أوليفيرا كونسالفيس يستحق أيضا كل التنويه، كمدرب إفريقي محلي استطاع أن يجد لنفسه مكانا واستطاع أن يصعد بمنتخب بلاده إلى الدور الثاني، المطمح الذي عجز عن تحقيقه زمرة من أسماء المدربين الرنانة من أمثال هنري ميشيل باريرا، كاسبيرزاك وميشيل جوادر وغيرهم من المدربين الفاشلين من أبناء العجم·· بين النجاح و الفشل مسافة طويلة وعمل جبار ، لأن النجاح لا يتحقق بجرة قلم ولا بضغط على الزر، وإنما بمجموعة من العناصر المتداخلة أبرزها الإنسجام والعزيمة وحب الوطن·· دروس لا بد لها أن تؤخذ من مسؤولينا بعين الإعتبار لنزع جلباب الفشل·· كأس إفريقيا تكلمت مجددا عربي ومنها جاءتنا الدروس والحكم علها تفيد أصحاب الشأن الكروي المغربي واللاعبين والمدربين