يستطيع الإنفتاح الحالي لفريق المغرب التطواني على نادي أتلتيكو مدريد ثاني أكبر أندية العاصمة الإسبانية إحياء لشراكة متجدرة في التاريخ، أن يكون واحدا من الخيارات الإستراتيجية التي تتطلبها ظرفية الإنتقال إلى المفهوم الإحترافي في تدبير النادي وهيكلته بما يضمن تقوية أساساته وبما يكفل تفاعلا قويا مع محيطه· ترصدت ما أنجز وما هو قيد الإنجاز في تفعيل الشراكة مع فريق مرجعي يمثل كرة قدم نؤمن بأنها تقوت في الجارة إسبانيا بشكل مثير ليس فقد للإعجاب، ولكن أيضا للتأمل وللإستقراء، وساد عندي الإقتناع بأن مضمون هذه الشراكة إن تبلور على نحو صحيح، فأكيد أنه سيسرع بنا جميعا أندية وجامعة وعصبا الخطى نحو السياق الإحترافي الذي يتناسب وإمكاناتنا البشرية والإقتصادية· ليس القصد أن نقيم ما هو موجود من فوارق بين المغرب التطواني وأتلتيكو مدريد الإسباني، فهذا أمر سيدخلنا لا محالة متاهة لن نخرج منها إلا ونحن منهكين، محبطين ويائسين من جدوى الجري وراء التغيير، ولكن القصد أن نقيم جسورا حقيقية تصلنا عمقا وشكلا، فكرا وتدبيرا مع كرة القدم الإسبانية، التي حققت نجاحا كبيرا، عندما باتت أنديتها بمرجعية عالمية، وعندما تعمق لديها العمل فأنتج منتخبات وطنية وجهوية تعمل بموجب منهج معقلن ضمن دورات زمنية منضبطة· وعندما يبدي مسؤولو أتلتيكو مدريد كامل استعدادهم لمرافقة المغرب التطواني في مسعاه إلى تأهيل قاعدة الفريق للدخول فعليا في منظومة الإحتراف، ويحددون لذلك أوراشا عملية يضفون عليها ما راكموه من خبرات·· وعندما يعدد مسؤولو برشلونة وريال مدريد زياراتهم للمغرب للوفاء بالتعهدات التي لها طابع إنساني والتي تلتزم بها أندية بحجم الريال والبارصا، تستطيع أن تكون بمقاسات عالمية· وعندما ينجح قدماء لاعبي إتحاد الفتح في استقدام مسؤولين عن جامعة أندلوسيا لكرة القدم للإنخراط في عمل تكويني وتأطيري بعيد المدى، فذاك يعني أن إسبانيا تبدي كامل الإستعداد لمد جسور فعلية لمرافقة كرة القدم الوطنية في برنامج التأهيل· وقطعا عندما نمعن في قراءة النجاحات العالمية للرياضة الإسبانية وبخاصة لكرة القدم، وأكثر منه، عندما نتعمق في قراءة ما هو موصول بين المغاربة والليغا من وشائج ومن تعلق، بل ومن حب جنوني أحيانا، يكون ضروريا أن نعطي لهذه الشراكة مدلولها الإستراتيجي الحقيقي، بأن تنهض الجامعات الرياضية وعصبها وكافة أنديتها إلى النهل بكامل التروي من معين الرياضة الإسبانية، فما نستطيع أن نربحه من التجربة الإسبانية فكرا وتنظيما ومنظومة واستثمارا أكبر بكثير مما نتصوره· كثيرا ما تصورنا أن اعتماد النموذج الفرنسي فيه كثير من المطابقة الفكرية والثراثية وأيضا الرياضية مع واقعنا الرياضي، وأقبلنا بصيغ مختلفة على التطبع به، فكيفنا ترسانتنا القانونية مع المنظومة الفرنسية، وربطنا تكويننا وتأطيرنا بالتجربة الفرنسية، وانفتحنا أكثر مما يلزم على الأطر التقنية الفرنسية في أكثر من مجال وفي أكثر من دورة زمنية، وما نجحنا في تحقيق غاية ما نريد، ليس لأن بالتجربة الفرنسية جوانب نقص، وليس لأن وثيرة العمل بمنظومتها يطبعها بطئ شديد، ولكن لأننا ما وازينا يوما بين التجربة الفرنسية وما عداها من تجارب، فهلا جربنا اليوم أن ننفتح فعليا على إسبانيا، علنا نجد فيها قدرة على التكيف وعلى تسريع وثيرة العمل وعلى رفع منسوب الإستفادة أكثر مما وجدناه في التجربة الفرنسية·· لنجرب، فقطعا ليس لنا ما نخسره·