الفرق تنشد الإكتفاء الذاتي بطريقتها الخاصة إحاطة بمفهوم «الماركوتينغ» وانعكاساته على المؤسسات الرياضية مجالات التسويق متعددة ومواكبة الإحتراف أمنية لم تتحقق هل يمكن أن نحلم بالنموذج الغربي المحترف في بيئة بعقلة هاوية؟ المنتخب: أمين المجدوبي فرض التسويق الرياضي بالمغرب نفسه بقوة في مجال كرة القدم بعدما قطعت الأندية الوطنية مع دابر الهواية لتحتضن عالم الإحتراف، ضربت أمواج الوافد الجديد فرقا لتستفيد من الحلول التي جاء بها للرفع من إيراداتها المالية، بالمقابل ظلت فرق أخرى غارقة ولم تواكب علاقة «الماركوتينغ» وما جاء به من مستجدات. في هذا الملف الذي فتحناه اليوم لقراء «المنتخب» سنحاول تقريبكم من مفهوم التسويق الرياضي بالمغرب وأهميته وإنعاكساته على المؤسسات الرياضية، وكيف ينظر ل «الماركوتينغ» حاليا بالمغرب وحجم الطموحات المنتظرة منه. أسئلة كثيرة متشابكة وجهناها لخبراء مغاربة في ميدان التسويق الرياضي، لإحاطة تقريرنا بمجموعة من الأمور التي تتداخل في هذا الموضوع الذي يشكل مستقبل تقدم الكرة المغربية وبدونه لا أحلام يمكنها التحقق في ظل الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم. مفهوم التسويق الرياضي في السنوات الأخيرة كثر الإهتمام بمجال التسويق الرياضي بالمغرب في إطار مجموعة من الأنشطة الرياضية التي تعمل على توجيه السلع والخدمات الرياضية من المنتج إلى المستهلك، خاصة مع تطور صناعة كرة القدم الرياضة الشعبية الأولى والتي إنفتحت مؤخرا بشكل كبير على التسويق بمختلف تجلياته، في إطار عرض ملابس الأندية والمنتخبات للبيع في المتاجر والإستثمار في المنشآت الرياضية كالملاعب والإعلان فيها عن المنتجات، ناهيك عن كيفية الإستفادة من عائدات تذاكر المباريات وعائدات إنتقال اللاعبين واشتراكات المنخرطين في الأندية ومدعميها، بالإضافة إلى حقوق البث الإذاعي والتلفزي وعائدات الإعلان داخل الملاعب. للتسويق الرياضي أهمية كبيرة للإرتقاء بمستوى الرياضة بالمغرب، حيث يلعب دورا كبيرا في لفت أنظار الجمهور ودفعه نحو الممارسة خاصة في ظل الإهتمام الذي باتت توكله الدولة المغربية للرقي بمستوى الرياضة في إطار البحث عن تكوين رياضيين من المستوى العالي يستفيدون من تأطير علمي وأكاديمي، وأكيد أن ريادة دول متقدمة في مجال الرياضة وحضورها بشكل دائم في الملتقيات العالمية، جعل الحديث عن هذا الموضوع بالمغرب يأخذ أبعادا أخرى وبخاصة في كرة القدم التي لم يعد ينظر إليها كلعبة فقط، بل جزء من إقتصادات البلدان بالنظر للأموال الهائلة التي تستثمر فيها. إنعكاسات التسويق على المؤسسة الرياضية لا يختلف إثنان بأن التسويق الرياضي يرفع من العائدات الإقتصادية والمادية لكل المؤسسات الرياضية، وأكيد أن الأندية المغربية التي وضع مديريات وخلايا مكلفة بالتسويق داخل هياكلها تسير وفق إستراتيجية واضحة المعالم للرفع من حجم الإيرادات المالية التي تستفيد منها خزينتها، في إطار سياسة تسويقية ناجحة أصبحت بعض أندية كرة القدم في المغرب تتبعها ونجحت في حصد غلتها، كالرجاء البيضاوي الذي يعد أول فريق مغربي يفتتح عدة محلات تجارية «رجا سطور» في مختلف أحياء العاصمة الإقتصادية الدارالبيضاء، والأكثر من ذلك فالفريق البيضاوي إنفتح على مدن أخرى، حيث يتوفر على قاعدة جماهيرية كبيرة ودشن محلا جديدا بمدينة برشيد، وستمثل العلامة التجارية للرجاء مستقبلا ببعض البلدان الأوروبية كفرنسا وبلجيكا لتقريب جمهور الرجاء من منتجات الرجاء الأصلية بأثمنة مناسبة، في الوقت الذي كان يلجأ فيه الكثيرون لإقتناء ملابس رياضية مزورة، وعلى درب الرجاء سار الجار الودادي الذي يتوفر بدوره على مديرية «ماركوتينغ»، تتطلع للرفع من مداخيل الفريق الأحمر عبر جلب موارد قارة من خلال الإستفادة من شراكات الفريق مع أندية أجنبية كان أخرها الجزيرة الإماراتي. وبالإضافة إلى قطبي الدار البيضاء فقد دشن مؤخرا النادي القنيطري بالملعب البلدي بالمدينة أول متجر له «كاك شوب» خاص ببيع أقمصة النادي القنيطري ومنتجات رياضية تحمل الهوية البصرية للفريق، في إنتظار تجهيز متاجر خاصة بالبناية التي تشيد بالملعب، وعلى نهج الأندية المذكورة تسير مجموعة من الأندية الوطنية التي وضعت داخل مكاتبها المسيرة مدراء خاصيين بالتسويق الرياضي والإشهار، كالفتح الرباطي وكذا حسنية أكادير الذي يعتبر من الأوائل في المغرب الذي وضع خدمة التسوق الإلكتروني عبر الموقع الرسمي للفريق السوسي، ناهيك عن إتجاه معظم أندية البطولة الوطنية عن إفتتاح محلات خاصة بها لبيع منتجاتها الأصلية. الواقع شيء والطموحات شيء أخر بالرغم من الإهتمام الذي أصبحت توليه الأندية المغربية لقطاع التسويق الرياضي، إلا أن واقع الأمور يؤكد بأن المؤسسات الرياضية تعاني كثيرا من أجل تحقيق طموحاتها بجلب موارد مالية قارة لرفع إيقاع الهيئات الرياضية «الأندية»، التي أصبحت تجد صعوبات في تسويق منتحاتها، ناهيك عن صعوبة تسويق اللاعبين وبخاصة نحو أوروبا دون تسويق برامج التكوين والتدريب الذي يكون مبنيا على قواعد تربوية هادفة وإغفال التسويق في مجال التغدية الرياضية فيما يتعلق بطعام وشراب الرياضي. التسويق في مجمل القول بالمغرب ما زال لم يبارح درجة كبيرة من الحضور الوازن داخل الأندية التي تجد صعوبة في تنمية مواردها المالية، ولا تهتم كثيرا بالفئات العمرية لتوسيع دائرة المشاركة الرياضية، خاصة وأن معظم الأندية في المغرب لاتواكب قوانين الهيئات الرياضية العالمية لملاءمتها مع أسس التسويق المعاصر، بالإضافة إلى عدم وجود شركات مؤثرة في عالم التجارة والمال تسعى للإستثمار في المجال الرياضي، ناهيك عن عراقيل أخرى يشهدها التسويق بالمغرب والمتشكل في عدم الإهتمام الإعلامي الكبير بكرة القدم كما هو معمول به في إسبانيا أو فرنسا. ومن المجالات التسويقية التي تغفلها العديد من الأندية في المغرب التعاقدات مع شركات الملابس الرياضية وعدم الإستفادة من التسويق التلفزيوني مقابل مبالغ مالية كبيرة، بالإضافة إلى عدم بيع حقوق إستغلال العلامة التجارية، ما يؤكد أن المسؤولين عن التسويق بالأندية الوطنية يدركون صعوبة العمل الذي يقومون به في ظل عدم إنفتاح العديد من المسثمرين الأجانب على الفرق الوطنية التي يتم التسيير فيها بنظام الجمعية التي يتحكم فيها المنخرطون في الجموع العامة. النموذج الغربي بعيد المنال من أهم الأنشطة الموازية التي ساهم التسويق الرياضي بالدول الغربية في جني الأرباح منها إستغلال أسوار ملاعب الأندية في اللوحات الإعلانية وتخصيص قاعات للإجتماعات والحفلات يتم تأجيرها ،شأنها شأن المحلات التجارية بالملاعب، بالإضافة إلى تأجير ملاعب التداريب والملاعب الملحقة في الأوقات التي لا تستخدم. البلدان الغربية عملت على تطوير رياضتها وبالأخص كرة القدم عبر توسيع دائرة الإهتمام بالبحث العلمي وربطه ب «الماركوتينغ» لإيجاد الحلول الكفيلة بتوفير سيولة مالية تنعش خزينة الأندية كجلب الرعاة لإحتضان الفرق ورعاية المواهب الرياضية، كل هذا إلى جانب تحديد أثمنة أسعار التذاكر بما يتناسب مع أهمية كل مباراة وطرحها برصد توقعات الحضور والقيام بتخفيضات لفائدة التلاميد والطلاب وتقديم هدايا تذكارية للفائزين في عمليات سحب التذاكر لتشجيع الجمهور على الولوج بكثافة للملعب. حوافز كثيرة درسها بدقة وعناية القائمون على التسويق الرياضي وبخاصة في أوروبا وأمريكا، لكننا ما زلنا بعيدين من تطبيقها بالمغرب وهو مايجعل العديد من الأندية تواصل التخبط في أزمات مالية وتنتظر من الرئيس دوما أن يلعب دور المنقد بضخ سيولة من ماله الخاص على أساس إسترجاعها، فيما بعد في قمة التناقض مع الطريقة التي تسير بها الأمور في البلدان المتقدمة. المنهج العلمي والتسويق الرياضي خلصت مختلف الدراسات الحديثة التي قام بها المهتمون بمجال التسويق الرياضي بأن تقدم الرياضة وبلوغها مستويات عالية لن يكون دون إتباع منهج علمي سليم، فمختلف الأندية العالمية التي حطمت الأرقام وأصبحت تتوفر على ميزانيات ضخمة لتسييرها، إعتمدت على مديريات «ماركوتينغ» قائمة الذات، تعمل وفق إستراتيجيات واضحة المعالم بالإنفتاح على الأسواق الخارجية فريال مدريد وبرشلونة في مجال صناعة كرة القدم وعلى دربهم يسير حاليا باريس سان جيرمان تمكنوا من توسيع قاعدتهم الجماهيرية عبر تحويل الأندية لشركات ومقاولات، تشتغل بمنطق الربح والخسارة. الأندية العملاقة دخلت سوق البورصة وأصبحت تبحر في عالم المال كونها جارت آخر التطورات التي يعرفها الإقتصاد العالمي، لذلك إرتفعت مداخيلها، ما يؤكد أن النموذج الأوروبي بات على فرق كرة القدم بالمغرب ليس إستنساخه بل محاولة الإقتراب منه، من أجل تجاوز التخبط الذي تعيشه الأندية الوطنية التي لاتجد موارد قارية من أجل التسيير، وفي غالب الأحوال تتجاوز المصاريف التي تنفق على الفريق المداخيل التي تحصد، ما يجعل ميزان الأرباح يعرف دوما عجزا، لأن المسؤولين لا يدخلون بعقلية إستثمارية بالإنفتاح على التسويق الرياضي الذي يجلب أموالا طائلة، بل يكتفون بطرق قديمة في التسيير بالإعتماد على إيرادت التذاكر التي تختلف مداخيلها من مباراة لأخرى ، بالإضافة إلى منح المجالس المنتخبة ومنحة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والتحفيزات المالية التي يقدمها العطوفون على الفريق والتي لم يعد لها أثر في أوروبا، بإستثناء البطولات الهاوية في مختلف أنحاء العالم. «ماركوتينغ» لم يواكب الإحتراف بعدما قطعت مجموعة من الأندية الوطنية في المغرب مع الهواية وفتحت أعينها حول الإحتراف بتحسين عقود اللاعبين وسن قانون اللاعب والمدرب من قبل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومع التقدم الحاصل في مجال البنيات التحتية، حيث تم تعزيز المملكة المغربية بمجموعة من الملاعب من الجيل الجديد، كان لا بد أن يظهر مفهوم التسويق الرياضي ليفرض نفسه على مسيري أندية الكرة بالمغرب، من أجل جلب موارد قارة ولفت أنظار المستشهرين والرعاة، لكن ورغم القطع مع سنوات الممارسة الهاوية، إلا أن التسويق الرياضي بالمغرب وبخاصة في كرة القدم لم يواكب تطورات العصر الحديث، ما دام أن عقلية بعض الرؤساء في المغرب لم تتغير ،في ظل عدم الإنفتاح على الكفاءات من الشباب خريجي معاهد «الماركوتنيغ» وتعود العديد من مسؤولي الفرق المغربية على جمع أموال من الغيورين على الفريق والعمل ب «الصينية» من أجل التسيير وهو الأمر الذي لم يعد له أثر في كل نادي محترف عبر العالم .