تقديم بات التسويق الرياضي مطلبا ملحا لتحقيق إقلاع رياضي، والتأسيس لعهد جديد يقطع مع زمن الهواية. هذا المجال يشكل رهانا للأندية المغربية ، وفي كافة الأنواع الرياضية، من أجل ضمان الاكتفاء الذاتي، والوصول إلى الاستقرار المالي، الذي يغنيها عن انتظار «الأعطيات والصدقات»، التي غالبا ما تغلف بها المنح التي يتم التحصل عليها من بعض الخواص. وفي غياب أرقام ومعطيات دقيقة حول نظام التسويق الرياضي بالمغرب، تبقى مبادرات بعض الأندية والجامعات عبارة عن اجتهادات خاصة، لا تستند إلى أية معايير علمية، ومناهج تقنية، وبالتالي يكون الخطاب مع المؤسسات الاقتصادية غير موحد، الأمر الذي يفرض تغيير طريقة تدبير هذا الجانب، كما أن القطاع الخاص هو الآخر ملزم بضرورة تغيير تعامله مع الشأن الرياضي، فكرة القدم ، على سبيل المثال، تعد آلية مهمة للتواصل، وتوفر مساحة إعلانية مهمة، لا تتوفر لدى الكثير من وسائل الاتصال و الإعلام، بما فيها التلفزيون. والحديث عن التسويق الرياضي، يتجسد، بالنسبة للكثير من الفاعلين الرياضيين، في كيفية الحصول على الإشهار والإعلانات، في حين أنه منظومة واسعة تتداخل فيها كل وسائل ووسائط الاتصال الحديث. فالفريق المنظم هو الذي يستفيد من كل ما تتيحه التكنولوجيا للترويج لمنتوجه الرياضي، سواء عبر الانترنيت أو الهاتف النقال، فضلا عن التوزيع المباشر، من خلال إحداث محلات تجارية تعرض فيها منتوجاته، وتكون صلة وصل مباشرة مع عشاقه. إن الكثير من الأندية المغربية لا تتوفر حتى على مواقع إلكترونية، وإن توفرت، فإنها تكون معطلة ولا تخضع للتحديث و الصيانة، لعدم قدرتها على التعاقد مع تقنيين مختصين لهذا الغرض، كما أن أغلب فرقنا الوطنية لا تقوم بتسويق منتوجاتها، لافتقارها لمحلات تجارية، الأمر الذي يجعل شعارها قبلة مفضلة ل « القراصنة»، فتضيع حقوق النادي. إلى جانب أن العديد من الأندية المغربية، وحتى الكبرى منها، تفتقد للأرشيف، حيث نجد كؤوسها وصورها النادرة بيد أشخاص، سبق لهم أن تحملوا مسؤولية التسيير داخلها فصادروا «هويتها». من خلال استعراض بسيط لبعض النماذج الرائدة في هذا المجال، نجد أن الفرق المحترفة أصبحت تسير بسرعة قياسية ، وقطعت أشواطا كبرى، وأصبحت تُدبر بميزانيات «فلكية»، يضمن الماركوتينغ الرياضي القسط الأوفر منها، فنلاحظ كيف أن هذه الأندية تتسابق على بلدان آسيا وشمال أمريكا، للقيام بجولات، تعود عليها بفوائد مالية جمة، ونلاحظ كذلك كيف أنها تضغط بقوة لرفع حصتها ومدخولها من النقل التلفزي، حيث باتت القنوات المشفرة تتهافت على بطولاتها، مقدمة عروضا مالية خيالية، كما أن الأقمصة و الشعارات الخاصة بها تروج بمختلف بقاع العالم، موظفة لهذا الغرض «أسطولا» من الكفاءات البشرية، ذات الرصيد المعرفي، والمسلحة بخبرة ميدانية في مجال التسويق، الأمر الذي مكنها من موارد تقدر سنويا بملايين الدولارات. الأكيد أن مجال التسويق الرياضي يبقى موردا أساسيا لتمويل الأندية والرياضة المغربية، التي تتطلع لعهد الاحتراف، والخروج من هاوية الهواية، التي حاصرت طموحها لعهود من الزمن، لكن المطلوب هو التأسيس لنظام خاص، وهيكلة هذا القطاع، وقبله هيكلة الأندية و الجامعات، وفق منهج حديث، يحدد الاختصاصات ويقسم الجهود، بناء على الكفاءة، وبالتالي وضع القطار فوق خطين مستقيمين، يقودانه إلى بر الاحتراف الحقيقي. في هذا الملف نحاول تسليط الضوء على واقع التسويق الرياضي، وكيفية تدبير الفرق المغربية لأمورها، وهل هناك استراتيجية عمل موحدة، أم أن كل فريق يعتمد على وسائله الذاتية. ثم كيف يتعامل القطاع الخاص مع «المنتوج الرياضي»، هل هناك أسلوب موحد، أم أن الأمر تتحكم فيه العلاقات الخاصة و «التعاطف»؟