تأهيل بمشية السلحفاة بأي سرعة يسير تأهيلنا لكرة القدم الوطنية؟ ضرورة أن نطرح اليوم هذا السؤال يمليها ما بات يلوح في أفقنا القريب من ثيارات عولمة كرة القدم، إذ يتجه الإتحاد الدولي لكرة القدم رأسا نحو تشديد الخناق على الجامعات المحلية لإخضاعها لما بات يعرف بالنظام العالمي·· وكأي منظومة مغلفة بالعولمة، فإن الكيل عادة ما يكون بمكيالين، هي بدرجة الترغيب عند القوى الكروية العظمى وهي بدرجة الترهيب عند القوى الكروية الخفيفة وزنا وشأنا·· الفيفا تتجه بكامل الديبلوماسية إلى فرض نظام (6+5) على المنتظم الأوروبي الذي أقام دستوره على حرية تنقل مواطنيه داخل الفضاء الأوروبي، ولم يعدم بلا تير وسيلة أولترا ديبلوماسية إلا ووظفها من أجل أن يكون قانونه مكسرا لقاعدة لعب متوافق عليها أوروبيا، وأظنه قد قطع مسافة كبيرة نحو الهدف· الفيفا مع الدول الثالثية غير ذلك تماما، فهي مع هذه تعمل الزجر أكثر من الملاينة، وقد وجدت نفسها بعد عشرات التحريات وبعد مئات التقصيات أنها لا يمكن إلا أن تكون زاجرة خاصة عند فرض مجموعة من الضوابط التي تنظم العمل داخل المؤسسات الكروية·· وأتصور أن إعمال الزجر في سن قوانين بعينها هو من صميم ما باتت الفيفا تفرضه على الجامعات، فهي تضعها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تكون هذه الجامعات إحترافية ويكون ميسرا لها أن تركب قطار العالمية بعد القارية، ما يقول بإمكانية دخولها المنافسات القارية ثم العالمية، وإما أن تكون هاوية ويحكم عليها بعزلة أشبه بمنفى لا ينتهي إلا وقد ماتت الأحلام والآمال·· لذلك بات ضروريا أن نفكر جديا في هذا الخطر الداهم، خطر أن نخير بين أن نكون إحترافيين في تدبيرنا لجامعتنا وأنديتنا بما يعنيه ذلك من دمقرطة المؤسسات وهيكلة الفضاء الكروي على نحو يكيفه مع المنظومة العالمية، وإما أن نظل هواة وعندنا لن نسأل عن الذي نفعله في جامعتنا وأنديتنا ونقبل من تلقاء ذلك أن نعيش في القعر، بل وفي ظلام القهر·· ضرورة أن نختار هي أصل ضرورة أن نسأل عن تأهيلنا لكرة القدم، بأي سرعة نسير فيه، ومتى سننتهي منه، وإن انتهينا من يضمن بعده أننا أصبحنا مؤهلين فكرا وتدبيرا ونظاما لدخول الإحتراف؟ عند طرح السؤال على رجال الجامعة يأتيك وابل من الإجابات المصوبة بكثير من العشوائية بحماسة مغالى فيها، تقول على أن هؤلاء يفكرون أحيانا بعكس الإتجاه· يأتي الحديث عن الملاعب التي أعاد العشب الإصطناعي إليها الحديث، مع أنه حتى الآن لا أحد أعطانا جوابا شافيا عن سؤال الجيل الذي اخترناه في عمر هذا العشب، فقد سارعت الجامعة عندما قوي السؤال ووصل حد إثارة الفتنة إلى طلب المعونة من الفيفا، فجاء خبراء عنها ليتحدثوا لنا عن عشب غير العشب الذي عرفناه، بدليل ما يوجد من فوارق بين العشب الإصطناعي الذي اختارته الجامعة لملاعب سلا، مكناس، وجدة، مراكش وغيرها والعشب الذي إطمأنت إليه الفيفا ووضعته في ملعب القنيطرة· ويأتي الحديث بعدها عن مراكز التكوين التي إنتهى بناء بعضها ويستمر العمل في بعضها الآخر·· وما من سؤال طرح حول وظيفية هذه المراكز، كيف ستعمل، يأي أطر تقنية وإدارية ستسير؟ ويأتي الحديث عن تحيين القوانين العامة وحتى الأساسية، ونسمع أن هناك أوراشا فتحت، وأن عملا كبيرا قد أنجز، وقطعا نحتاج إلى سنوات وسنوات لنقول أن قانوننا أصبح قريبا من الأنظمة النموذجية التي تحكم الأندية المحترفة، مع أن واقع الحال يقول أن ما تنبته القوانين المهترئة من طحالب في بركة كرة القدم الوطنية، شيء فوق الإحتمال·· فوق طاقة الصبر·· لا أريد أن أنهككم بكثرة الأسئلة عن تدبير الجامعة للشأن الكروي، ما يعترضه من إكراهات، وما يزحف نحوه من حتميات العولمة، ولكن ما بي من قلق يدعو فعلا إلى مباشرة هذا الشأن بمنظور جديد، برؤية جديدة وأكثر منه بعقلية جديدة·· حاجة كرة القدم الوطنية اليوم ماسة إلى ثورة حقيقية تنقذ التأهيل من الإهتراء·· من التقادم وأيضا من مشية السلحفاة··