في بكين 2008 كانت البداية, وفي بكين 2015 كان التكريس. تكريس اسطورة العداء الجامايكي الفذ اوساين بولت الذي حسم المواجهة المرتقبة بينه وبين العداء الاميركي جاستين غاتلين في مصلحته اليوم الاحد في بطولة العالم لالعاب القوى في بكين ليعزز من مكانته كأفضل عداء على مر التاريخ في سباقات السرعة. وأكد بولت الذي يطلق عليه لقب "الاعصار" او البرق" مرة جديدة بانه سيد المناسبات الكبرى لانه تعملق في السباق النهائي ليحسم الجدل القائم حول هوية اسرع عداء في العالم. واجه بولت تحديات عدة لبناء اسطورته, أكان قبل انطلاق دورة الالعاب الاولمبية في لندن عام 2012 او هنا في بكين لكنه نجح دائما في تحويل الحواجز الى حوافز ويخرج فائزا مكللا بالغار. "لقد حان وقتي وهذه هي اللحظة التي ساتميز بها عن باقي العدائين في العالم. العديد من الاساطير جاؤوا قبلي ولقد حان وقتي الان": بهذه العبارات اطلق بولت التحدي قبل انطلاق دورة الالعاب الاولمبية في لندن خصوصا في ظل الكثير من علامات الاستفهام التي رسمت حول قدرته في ان يصبح ثاني عداء بعد الاسطورة الاميركي كارل لويس يحتفظ بلقبه في سباق 100 م. وبالفعل وفى بولت بوعده ورد على ارض المضمار ليسكت المشككين الى الابد مسجلا ثاني افضل وقت على مر الازمنة ومقداره 63ر9 ثوان علما بانه يحمل ايضا الرقم القياسي العالمي ومقداره 58ر9 ثوان سجله في بطولة العالم لالعاب القوى في برلين 2009. وقبل السباق النهائي على الملعب الاولمبي لم يظهر بولت خلال الموسم بمظهر العداء الذي لا يقهر لان مواطنه يوهان بلايك تفوق عليه في سباقي 100 م و200 م في التجارب الجامايكية, لكن وكما يقول المثل العربي الشائع "عند الامتحان يكرم المرء او يهان", كان بولت على الموعد عندما اشارت ساعة التوقيت الضخمة في الملعب الاولمبي الى الساعة 50ر21 بالتوقيت المحلي واطبق صمت تام في المدرجات لدى استعداد العدائين للانطلاق, ثم انفجر الملعب لحظة اشارة الانطلاق ليضرب اعصار بولت الذي اجتاز خط النهاية متقدما بفارق مريح عن بلايك. وتردد السيناريو في بكين 2015 لان جميع الترشيحات صبت واقعيا في مصلحة غاتلين الذي لم يقهر في هذه المسافة منذ اب/اغسطس عام 2013 وسجل افضل توقيت هذا الموسم (74ر9 ثوان في لقاء الدوحة), في حين عانى بولت من الاصابات في الظهر ابعدته عن العديد من اللقاءات الهامة. وفي سباق اليوم انهى بولت السباق مسجلا 79ر9 ثوان متقدما على غاتلين (80ر9 ث), في حين حل ثالثا كل من الاميركي ترافون بروميل والكندي اندريه دو غراس وسجلا الرقم ذاته (92ر9 ثوان). وحقق بولت انطلاقية مثالية خلافا لما حصل في الدور نصف النهائي عندما تأهل الى النهائي بصعوبة بالغة وبقي في المركز الاول ليجتاز خط النهاية بفارق جزء من الثانية عن غاتلين الذي دخل السباق وهو مرشح للفوز خصوصا بانه صاحب افضل توقيت هذا العام (74ر9 ثانية في لقاء الدوحة) ولم يهزم في هذه المسافة منذ غشت عام 2013. والميداليات هي العاشرة من المعدن الاصفر لبولت في 11 سباقا خاضها في بطولة العالم والالعاب الاولمبية) منذ عام ,2008 ولم يخسر سوى مرة واحدة عندما تم استبعاده من سباق 100 م لارتكابه خطأ في الانطلاق في بطولة العالم في دايغو (كوريا الجنوبية عام 2011). واستقبل بولت الذي احتفل بعيد ميلاده التاسع والعشرين اول من امس الجمعة, بحفاوة من قبل الجمهور الغفير الي احتشد في ملعب "عش الطائر", في حين كان استقبال غاتلين خجولا لدى تقديم المتبارين قبيل انطلاق السباق وذلك لايقافه مرتين بداعي تناوله المنشطات. وكانت المواجهة بين الاثنين هي الاولى منذ ان التقيا في نهائي نسخة موسكو قبل سنتين وكان الفوز من نصيب بولت في حين جاء غاتلين ثانيا والجامايكي الاخر نستا كارتر ثالثا. ومنذ اولمبياد بكين كان بولت رجل المناسبات الكبيرة, ففي بطولة العالم, وحده الانطلاق الخاطىء كلفه ذهبية سباق 100 م, قبل ان ينتزع ذهبيتي 200 م والتتابع 4 مرات 100 م. وقال بولت "انه ليس افضل سباق لي في مسيرتي. لقد تعثرت مرة ثانية (في اشارة الى تعثره ايضا في نصف النهائي). خضت السباق باعصاب هادئة ونجحت في حسمه في مصلحتي. لا زلت اشعر بالصدأ بعض الشيء لكن المهم هو النتيجة". وتابع "بالطبع استطيع ان اركض بسرعة اكبر. اتطلع الى خوض سباق 200 م لانه المفضل لدي". الارصاد الجوية تحذر.. اعصار بولت سيضرب مجددا وتحديدا في سباق 200 م الخميس المقبل, ترقبوه!.