مستعد للعمل وعقد شراكات مع الجامعة الملكية المغربية شريطة الإلتزام غياب العمل القاعدي ووضع برامج غير ملائمة من معضلات التسيير الكروي بإفريقيا أبواب مركز كلير فونطين مفتوحة في وجه الجميع قوة كرة القدم الفرنسية في التكوين ونحن نتهيأ تقنيا وتنظيميا لأورو 2016
هو عراب كرة القدم الفرنسية حاليا والقائم بأعمالها الشاقة بعدما تسلم كرسي القيادة قبل سنتين ونصف، وأحد أكثر المسيرين خبرة وحنكة ليس على مستوى اللعبة فقط وإنما في المجالات الإقتصادية والمالية والسياسية أيضا. نويل لوغراييث المستثمر الطموح والمسير الحكيم يحكي «للمنتخب» عن قصته مع التسيير الكروي طيلة أربعة عقود إلى أن وصل به المشوار إلى رئاسة الجامعة الفرنسية، وينبش في صفحات المشاكل التي تعاني منها كرة القدم في بلاد الأنوار، كما يتحدث عن العراقيل التي تقف حاجزا أمام تقدم الكرة في إفريقيا، مبديا سعادته وإستعداده لفتح جسور التواصل والتعاون مع الجامعة الملكية المغربية لتبادل الخبرات وتكوين الأطر. - السيد الرئيس شغلت مهام رئيس نادي غانغان ثم رئاسة العصبة الوطنية للكرة والآن أنت على رأس الجامعة الفرنسية للعبة، ما هو المنصب المؤرق بين هذه المناصب الثلاثة التي شغلت إياها؟ «بالنسبة لمنصبي كرئيس لنادي غانغان فقد لعب دورا كبيرا في حياتي كمسير في عالم كرة القدم ومكنني من المعرفة والوقوف عن قرب على خبايا الأمور الهاوية منها أو الإحترافية، فمنذ أن كان عمري 30 سنة وأنا أترأس الفريق وقد كان يلعب أنذاك في العصب الجهوية لأتمكن من قيادته عبر مراحل إلى أعلى الأقسام والبطولات، أما العصبة الوطنية فهي تجربة مهمة وطويلة عرفت من خلالها المعنى الآخر للتسيير الإحترافي والمسؤولية الكبرى والآن منصبي كرئيس هو عمل ممتع على رأس جهاز كروي منظم ومحفز على الإشتغال من أجل المستقبل، أعتقد أن المناصب الثلاثة مختلفة وغير متشابهة فيما بينها فلكل منصب طقوسه وكواليسه وأهدافه وعلى المرء أن يعمل ويثق في أن عمله هو الأحسن». - بالنظر إلى شخصيتك المرموقة إقتصاديا وقانونيا وسياسيا إستطعت أن تساهم إبان رئاستك للعصبة الوطنية في إنقاذ مجموعة من الأندية الفرنسية من الإفلاس وترشدها نحو الطريق الصحيح، حدثنا عن هذه الفترة.. «الأندية كانت تعاني في السابق من غياب صنبور الدعم وكانت رهينة بما تقدمه لها بلديات المدن الشيء الذي كان يتطلب تدخلا حكيما لإنقاذ الوضع، قمنا بتعزيز دور الإدارة الوطنية للمراقبة والتدبير، وذلك بتتبع الفرق وفق دفتر للتحملات، واجهنا العديد من المصاعب في ظل فقر العديد من الأندية وعدم إستجابتها لدفتر التحملات وحرصنا طيلة 3 أو 4 سنوات على التعامل بشكل لين على العموم وتفادي فرض عقوبات رغبة في مساعدتها لكن البعض لم يقاوم وإختفى من خارطة كرة القدم الفرنسية». - هل كانت مهمتك سهلة أنذاك في إقناع البلديات بالسياسية الكروية الحديثة والعقلية الجديدة وخصوصا البحث عن مستشهرين ومستثمرين جدد داخل اللعبة؟ «في فرنسا جميع الملاعب هي تحت ملك لبلديات المدن بإستثناء ليون، وعليه فالإستثمار هو عمومي وثقيل من ناحية التكلفة المادية، من الصعب إقناع الطرف الآخر بالإستثمار في الكرة إذا لم تقدم له الضمانات الكافية، والنادي وضمانا لعيشه فمن الواجب أن يكون على رأس إدارته مستثمر يجيد التسيير ويضمن له التوازن المالي والتدبير العقلاني وهذا أمر صعب وغير وارد دائما». - بعد تجاربك المتعددة والطويلة، ما هي نظرتك لكرة القدم الفرنسية وأنت من يدبرها الآن من أعلى منصب في الجامعة؟ «كرة القدم الفرنسية تبقى متخصصة في التكوين وإستقبال اللاعبين وتضم فرقا ممتازة جدا في الفئات العمرية الصغرى والتي تحقق نتائج مبهرة، الساحة الكروية الفرنسية شهدت عبر تاريخها مجموعة من الحقب بدءا بعصر ريمون كوبا ومرورا بحقبة ميشيل بلاتيني ثم زمن زيد الدين زيدان، الآن نحن بصدد البحث عن فريق وطني متكامل ويجب الصبر قليلا على هؤلاء اللاعبين الشبان الموهوبين والذين سيكونون مستقبل كرة القدم الفرنسية على صعيد منتخب الديكة». - عاينا سابقا أن مجموعة من الجامعات المحلية الإفريقية وفي مقدمتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إتخذت من نظيرتها الفرنسية نموذجا، بيد أنها أخفقت في السير على خطاها، ما السبب في نظرك؟ «أعتقد أنه بإفريقيا المواهب والتقنيات موجودة، لكن الخلل يكمن في البرامج وآليات الإشتغال، العمل القاعدي شبه غائب لدى جل الجامعات الإفريقية وحتى وإن وُجد فالبرامج لا تناسبه أو لا تسايره بالشكل الفعال، نحن كجامعة فرنسية نضع خبراتنا ووسائل عملنا رهن إشارة الجامعات بالقارة السمراء والتي تريد الإستفادة مما قمنا به على صعيد السياسية الكروية الفرنسية، نحن على أتم الإستعداد لتكوين أطرها وتلقينهم المناهج الصحيحة، وأبواب مركز «كلير فونطين» مفتوحة بأطقمه التقنية والطبية لعقد إتفاقيات مع الجهات الراغبة في الإستفادة من دورات تكوينية». - ماذا عن الإتفاقية بين الجامعتين الفرنسية والمغربية.. «صحيح كانت هناك إتفاقية بين الجامعتين، لكن لم تعد هنالك لقاءات أو تبادل خبرات بين الجانبين، كطرف فرنسي نحن مستعدون للإجتماع مع المسؤولين المغاربة ووضع خطط مستقبلية للعشر سنوات المقبلة، خصوصا فيما يخص سياسية تكوين الناشئين التي نجحنا فيها وبإمكاننا نقل خبراتنا لنظرائنا المغاربة فيها، وعليه فأنا كرئيس يدي ممدودة ومستعد للعمل مع الجامعة المغربية وعقد لقاءات عمل ملتزمة وبناءة مع أي مسؤول يرغب في ذلك». - السيد الرئيس، كيف ترى مستقبل كرة القدم الفرنسية؟ «نحن نعمل على تطوير اللعبة وخصوصا قاعدة الممارسين والبنيات التحتية، ففي فرنسا هناك 2 مليوني ممارس حامل للرخصة وهو رقم نسعى إلى رفعه خلال السنوات المقبلة، القليل من الفرنسيين فقط هم من يلعبون كرة القدم في ظروف مناسبة وملائمة، ورغم ذلك فالفئات الصغرى ساطعة وبقوة في الساحتين الدولية والقارية وخير دليل على ذلك فوز المنتخب الفرنسي لأقل من 20 سنة بكأس العالم قبل أشهر بتركيا ووصول منتخب أقل من 19 عاما إلى نهائي كأس أوروبا، كرة قدمنا النسوية متوهجة أيضا عالميا وتزاحم كبرى المدارس بأقل عدد من الممارسات على الصعيد الوطني وهذه أشياء تجعلنا سعداء». - لكن هناك من يقول أن هناك تمييزا بين الرجال والذكور وعدم الإهتمام الكافي بكرة القدم النسوية.. «هذا غير صحيح، فقبل سنتين لم يكن أحد في فرنسا يشاهد كرة القدم النسوية، لكن بعد مونديال ألمانيا 2011 تغير الأمر، الآن القنوات التلفزية تنقل المباريات والجماهير تأتي إلى الملاعب وتشجع اللاعبات ونملك بطولة وطنية مستواها عال، وكمثال على ما أقول الأجواء والندية التي كانت حاضرة قبل أيام في اللقاء بين إناث باريس سان جيرمان وليون، صحيح المستوى ليس مشابها للذكور لكن تطورات عديدة وقعت في السنتين الأخيرتين ومنها زيادة عدد الممارسات ب 30 في المائة، المنتخب النسوي لأقل من 17 سنة حاز كأس العالم 2012 بأزربيدجان ومنتخب أقل من 19 فاز ببطولة أوروبا، الشهية ما زالت مفتوحة لبلوغ أهداف أخرى، والمؤكد أن الأسر بدأت تقبل على لعب ومشاهدة مباريات الجنس اللطيف ومن يتفرج على اللقاءات يستمتع بذلك». - لكن أعتقد أن كرة القدم الفرنسية تعيش بعض الركود وإذا ما قارناها بنظيرتها الألمانية فالفارق موجود، ما الذي تقومون به من أجل إعادة النشاط والحيوية للجسم الكروي الفرنسي؟ «(مبتسما) سأشرح لك، أتعرف أن منتخباتنا الصغرى تتفوق وبجلاء على نظراتها الألمانية في الإستحقاقات العالمية وخصوصا أقل من 20 و19 سنة، المشكل يكمن في صورة المنتخب الأول والذي لا يؤدي بالشكل الذي نطلبه ولا يعطي الأمل المأمول، لكن لا تنسى أن ألمانيا نظمت المونديال عام 2006 ونحن سننظم الأورو سنة 2016، نقوم حاليا بإعادة تهيئة الملاعب وتوسيع مدرجاتها كما فعلنا في نيس قبل أيام بالرفع من عدد المقاعد ليصل إلى 40 ألف بعدما كان 17 ألفا، ليل كذلك وسانت إتيان وليون وبوردو في الطريق، نعترف أننا تأخرنا كثيرا في هذا الأمر لكن تنظيم التظاهرات القارية والعالمية سيمنحنا الفرصة لإصلاح ما يجب إصلاحه والقيام بالمشاريع الإقتصادية والإجتماعية المرافقة والمواكبة لتنظيم هذه الإستحقاقات، الألمان إستفادوا من ذلك وهم الآن أقوياء وأرى أنه بإمكاننا أيضا أن نحقق ما حققوه بعد أورو 2016 وحتى قبل ذلك كون العديد من الأندية بدأت تتقوى وتتجهز بملاعب وبنيات تحتية مهمة». - وماذا عن رد فعل الجامعة الفرنسية إتجاه هجرة بعض اللاعبين الفرنسيين الموهوبين الشبان والذين يهجرون الملاعب الفرنسية في سن مبكرة للتألق بعيدا عنها؟ «سنكون مجحفين وظالمين وسنمس حقوق هؤلاء اللاعبين إن منعناهم من الهجرة إلى الخارج، نرى لاعبين فرنسيين لم يكملوا بعد عقدهم الثاني ويشغلون مراكز رسمية في الفرق الأولى لجوفنتوس وريال مدريد مثلا، إنهم موهوبون ومن الصعب على الأندية الفرنسية أن تحتفظ بهم بإسثناء باريس سان جيرمان، من جهتنا سنحاول الحد قليلا من هذه الهجرة بالرفع من ميزانيات الفرق ودعمها قبل أورو 2016 حتى تتمكن من الإبقاء على لاعبيها في ديارهم». - حدثنا قليلا عن الكيفية التي تصاغ بها القرارات داخل الجامعة، وهل أنت مثلا من إختار ديدي ديشان ناخبا وطنيا؟ «نعم، الرئيس هو من يقرر وهذا دوره، وفعلا أنا من قمت بإختيار ديشان مدربا للديكة، بالنسبة للقرارات فهي تُتخذ بعد مشاورات وإجتماعات دائمة مع الأعضاء الجامعيين والذين يبلغ عددهم 12، ونحن كمسؤولين نفتح الملفات ونقرر بشأنها سواء تعلق الأمر بالمسائل الرياضية أو الإقتصادية وحتى القانونية». - وما هي علاقتكم بالعصبة الوطنية الإحترافية؟ «العصبة مستقلة قانونيا ولها ميزانيتها الخاصة بها، لا مشاكل بيننا فالإحترام موجود بين الهيأتين وكل يعمل وفق إختصاصاته وتجمعنا إجتماعات إيجابية». - وبخصوص العصبة الوطنية للهواة.. «إنها تشتغل تحت لواء الجامعة الفرنسية وبالتنسيق معها لأنها غير مستقلة عنا عكس العصبة الإحترافية». - إذن فعصبة الهواة لا تملك العديد من الصلاحيات ولا تتوفر على ميزانية خاصة بها.. «لا، فالميزانية تتحكم فيها الجامعة بالتنسيق والتشاور الكامل مع العصب الجهوية وهي ثابتة ومستقرة، والمكتب الجامعي هو من يملك السلطة والقرار في تمويل العصبة كما يمول أيضا كأس فرنسا ومباريات المنتخب الفرنسي». - وكيف يشتغل المكتب الجامعي؟ «يشتغل كفريق عمل لا أتخذ فيه القرارات بشكل إنفرادي، نطرح الأفكار ونناقشها ولا يمكن لي أن أصدر قرارا نهائيا والعديد من الأعضاء يرفضونه، نتفاوض ونتطرق لجميع الجوانب تقنية كانت أو تجارية أو إدارية والكلمة الأخيرة تبقى للرئيس». - سؤال أخير، ما هي نظرتك لكرة القدم ومستقبل اللعبة؟ «كرة القدم ستبقى للأبد، فهي لعبة دائمة وتُمارس في جميع بقاع العالم وعدد ممارسيها يزداد كل يوم، البلدان التي كانت صغيرة ومغمورة أمس باتت قوية وتطورت بشكل سريع ولم تعد تخسر بتلك الحصص الثقيلة، بل صارت تحرج المنتخبات الكبرى سواء في آسيا أو حتى أوروبا، إنها لعبة ممتعة ورائعة وستكون أروع إذا تم الحفاظ فيها على القوانين تحت إشرافٍ أقوى للفيفا حتى يصبح العالم بأسره يتحدث لغة تنظيمية وقانونية واحدة في إطار الإحترام المتبادل بين كل الدول سواء تلك الرائدة أو النامية». - السيد الرئيس، هل أنت مستعد للقيام بزيارة إلى المغرب.. «نعم وبكل فرح وسرور، أنا مستعد ورهن الإشارة وسيسعدني عقد لقاءات بالمغرب والتحدث عن كرة القدم».