الدوحة الفيحاء تسبح في عنان السماء وتقدم لمسة وفاء مرة أخرى تأبى دولة قطر الشقيقة، إلا أن تقدم أوراق اعتمادها من جديد كدولة ومؤسسات على أنها فعلا في الطريق الصحيح.. وعلى أنها ترتقي بالشكل اللائق.. الطفرة العملاقة للدولة والتقدم الكبير على كافة الأصعدة.. عكس شيئا واحدا وهو أنه بالإرادة والعزم يمكن تحقيق الكثير من المعجزات.. وبالإصرار على التقدم تذوب كل العراقيل والمعيقات لتصبح مثل العهن المنفوش.. قادتني مبادرة كريمة ودعوة أكرم تلقيتها لحضور إفتتاح دوري نجوم قطر.. لأربط الماضي بالحاضر ولأعيد رسم نوسطالجيا أول حضور لي بهذا البلد المضياف.. الأولى كانت سنة 1983 رفقة الزميل والأخ بدر الدين الإدريسي في صرح «الصقر» الجارحة والتي حلقت عاليا في عنان سماء المطبوعات العربية.. أيام العز وأيام ميثاق الشرف واحترام حق المعلومة وتقدير الآخر.. وإعمال الإعتبار لرصيد كرامته وعرضه.. والثانية كانت عابرة سنة 1997 وكانت للأسف الأخيرة.. وياليتها ما كانت لأن آخر زيارة مكنتني من اكتشاف قدر التقهقر الذي عشته.. وقدر البون الشاسع على مستوى الإختلاف الذي فاجأني بالدوحة الفيحاء التي ارتقت لمصاف المدن العالمية بطبعتها المنقحة.. وبمرافقها ذات الجودة العالية ثقافيا، رياضيا وحتى إجتماعيا.. وبالعودة لحفل الإفتتاح الذي تشرفت بحضوره كواحد من ضيوف الشرف لدوري نجوم قطر.. فقد شهد كي يدعم طرح احتراف الأشقاء بقطر على مستوى البنية الفكرية.. وعلى مستوى التناغم في تقديم أنفسهم بالبساطة التي تصنع أحيانا أكثر من فارق وتكون كافية للإستدلال على حجم النبوغ والتقدم والثورة في كل مجالاتها.. جاء حفل إفتتاح نسخة 20132014 وهي بالمناسبة النسخة 42 لهذا الدوري بسيطا معبرا بالجمالية التي عكست صدق أصحابه.. أمكنني مشاهدة حضور مختلف المدربين العاطل والذي يشتغل.. الكل متفاعل والكل سعيد ولا يهم من يتلقى الراتب ممن هو في طابور الإنتظار.. المهم أن تكون الكلمة موحدة والغيرة واحدة كي تخرج البطولة في الحلة التي تليق بها.. وأمكنني وأنا الذي تركت السوق الذي أطلق عليه دائما سوق «الشناقة» هنا بالمغرب مشتعلا.. أن أشاهد سوق انتقالات هذا الدوري وقد أفضى لانتقال 65 نجما بمبالغ خرافية.. وأكثر ما شدني في هذا الإفتتاح، الشكل والمضمون.. هو لمسة الوفاء من مؤسسة دوري نجوم قطر للاعب الإكوادوري المحترف في صفوف نادي الجيش سيباستيان بينيتز والذي وافته المنية الموسم المنصرم.. مادمنا في حضرة المبادرات بدوري نجوم قطر.. أثار إنتباهي إستحضار كم الرعاة والمحتضنين والمستشهرين.. لتطور هذا الدوري واحتلاله المكانة العالمية اللائقة به.. كل هذه الإحتفالية كان لها أن تختتم بشيئين رائعين.. وهما «صناع الفرح» كما جاء في تقديم الحفل حيث استعرض كل ناد نجومه، إذ صعد المنصة 14 نجما بهندامهم الأنيق.. وكلهم نجوم يساوون الشيء الفلاني.. ونجوم متألقون يعتبر ضمهم للدوري قيمة مضافة لتأكيد ألمعية هذه البطولة.. ولأن الإعلام جزء لا يتجزأ من المنظومة الكروية.. فقد كان تفاعل الإعلاميين مع صناع الفرحة والعبد لله واحد ممن تشرفوا بهذا التقدير.. رسالة معبرة على أن الإعلامي واللاعب والنادي بكل مكوناته شركاء لا فرقاء.. وكي تكتمل لمسة الوفاء بأدق معانيها.. فقد كانت اليد البيضاء للشيخ بن حمد خليفة آل ثاني حاضرة.. من خلال الحس الإجتماعي ومن خلال لقائه بممثلي معهد النور للمكفوفين.. وهو ما يعكس حقيقة أن الكرة أخلاق وتكافل قبل كل شيء. انتهت الرسالة ولم تنته القيم التي يصدرها الدوري القطري.. فهل من عين لاقطة ومن أذن صاغية لكل هذا؟